اتسمت تعاملات المستثمرين الأجانب في بورصة الكويت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي باتجاه شرائي ملحوظ، مدعومة بالثقة المتزايدة التي تحظى بها العديد من الأسهم المدرجة في قطاعات متنوعة ضمن السوق الكويتي، الذي أصبح يتمتع بجاذبية استثمارية جعلته في مصاف الأسواق الإقليمية الأكثر أداء، ويأتي ذلك في ظل أجواء تفاؤلية بالمناخ الاستثماري المحلي، مع تطورات اقتصادية وتنظيمية عززت موقع السوق على خريطة الاستثمار العالمية.
وتعكس هذه الثقة المتنامية حرص الشركات المدرجة على الاستدامة المالية وتحقيق نتائج إيجابية متتالية خلال الفترات المالية الماضية، إلى جانب التزامها بنهج توزيع أرباح نقدية ومنح فصلية وسنوية، ويعد التحسن الواضح في النتائج المالية للشركات المدرجة عاملا جوهريا في تعزيز إقبال المستثمرين من مختلف الجنسيات على الأسهم الكويتية، لاسيما في القطاعات الحيوية التي تقود حركة النشاط بالسوق.
كما يظهر هذا الزخم في التدفقات الأجنبية التي يستقطبها السوق عبر الصناديق العالمية التابعة لمؤشرات MSCI وفوتسي وستاندرد آند بورز، والتي تقوم بمراجعات دورية لإعادة موازنة أوزان الأسهم الكويتية ضمن مؤشراتها، وهذا الإدراج المتكرر يعكس المكانة المتنامية لبورصة الكويت في النظام المالي العالمي، ويعزز حجم السيولة الأجنبية المتدفقة إلى السوق.
ومن العوامل الجوهرية التي دعمت هذا الزخم التطوير المستمر في بيئة العمل داخل البورصة، خصوصا فيما يتعلق برفع مستوى الشفافية في الإفصاحات المالية وتوفير بيانات دقيقة وفورية، إضافة إلى فتح قنوات تواصل مباشرة مع المستثمرين عبر نشر التقارير الدورية وعقد اللقاءات التعريفية، بما يسهم في بناء جسور ثقة قوية مع مختلف الأطراف في السوق.
ومع استمرار النزعة الشرائية الواضحة منذ بداية العام حتى نهاية أغسطس، أظهرت البيانات الرسمية الخاصة بحجم التداول في السوق الرسمي، وفقا لتوزيع الجنسية وفئة المستثمر، أن صافي مشتريات الأجانب بلغ 556.6 مليون دينار، مقارنة بـ 125.3 مليون دينار في الفترة نفسها من 2024، مسجلا نسبة نمو لافتة بلغت 345%، ويعكس هذا الأداء ثقة الأجانب في الفرص الاستثمارية المتاحة داخل السوق بمختلف قطاعاته، وفي مقدمتها البنوك، والاتصالات، والخدمات المالية، والعقار والاستثمار.
كما يلاحظ أن المؤسسات والشركات الأجنبية كانت الأكثر نشاطا من حيث الشراء بصافي بلغ 568.8 مليون دينار، في حين سجلت صناديق الاستثمار الأجنبية صافي شراء قدره 2.88 مليون دينار، وعلى النقيض، اتجه الأفراد الأجانب نحو البيع بصافي بلغ 15.08 مليون دينار، في مؤشر على اختلاف استراتيجيات الاستثمار بين المؤسسات والأفراد في السوق المحلي.
وعلى صعيد الأداء العام للسوق، تشير البيانات إلى أن المؤشرات الإيجابية التي حققتها البورصة منذ بداية العام عززت من جاذبيتها، إذ بلغت المكاسب السوقية الإجمالية 7.5 مليارات دينار، ليرتفع إجمالي القيمة السوقية إلى 50.7 مليار دينار بنهاية تعاملات أغسطس. كما سجلت المؤشرات الرئيسة مكاسب جماعية لافتة منذ بداية العام، بواقع 15.9% لمؤشر السوق الأول، و13.3% لمؤشر السوق الرئيسي، و15.4% لمؤشر السوق العام.
وتظهر مستويات السيولة المرتفعة زخم التداول في السوق، إذ قفزت بنسبة 97.7% لتبلغ 17.2 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025، مقارنة بنحو 8.7 مليارات دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعكس نشاطا متزايدا من قبل المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
عوامل داعمة
ويرى محللون أن البيئة التنظيمية المتطورة التي عملت عليها هيئة أسواق المال وشركة البورصة خلال السنوات الأخيرة لعبت دورا جوهريا في رفع مستوى الكفاءة التشغيلية للسوق، مع تحسين آليات التداول وتعزيز قواعد الحوكمة، كما أسهم إدخال أدوات مالية جديدة، مثل المشتقات والعقود المستقبلية، في تنويع الفرص أمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن منتجات استثمارية مبتكرة.
32.95 ألف حساب نشط في البورصة
قفزت حسابات التداول النشطة بالبورصة بنهاية تعاملات أغسطس الماضي بنسبة 33.3% مقارنة بتعاملات الشهر الذي سبقه، إذ بلغ عدد هذه الحسابات 32.95 ألف حساب مقارنة بـ 24.717 حسابا في يوليو الماضي. وبنهاية تعاملات أغسطس الماضي بلغت نسبة الحسابات النشطة 7.18% من إجمالي الحسابات التي لها الحق في التداول بأسهم البورصة طبقا لإحصائيات البورصة بنهاية الشهر الماضي والتي تقدر بنحو 458.783 حسابا، لتبلغ نسبة الحسابات الخاملة التي لم يجر التداول عليها إلى 92.82% من إجمالي حسابات التداول.