السبت , 21 يونيو 2025

فلسطينية تصنع الأمل بعجينة السيراميك

سحرٌ يملأ المَرسم، إنه عالمٌ مفعمٌ بالجَمال والحياة، كبستان مليء بمختلف القطوف الفنيّة، لوحاتٌ جميلة مُعلَّقة، شخصيات ومناظر طبيعية مرسومة بالفحم والألوان، عجينة سيراميك متربعة على الحافة، خيوطٌ حريرية بألوان علم فلسطين، إبرة وصنارة، وقلبٌ لا يغادر المكان.
إنه قلب الفلسطينية هبة أبو الكاس، الذي يذوب في الألوان، وحول الخيوط والصوف، وبين الأوراق، وفي الجبس، والحجر والأقلام، وتقول هبة في حديث لها: لا يغرّنكم ذلك المرسم فهو ليس سوى مطبخ صغير غير مستخدم في بيت أخي المسافر، الذي حذرني مرارًا من أن أسكب لونًا هنا أو هناك فأترك بقعةً ما، وهو الذي يعرف شغفي بالألوان.
هبة ذات الاثنين والعشرين عامًا لم تترك مجالًا لأي فن إلا وتميل إليه وتجربه ثم تتقنه، فقد حظيت بمواهب فنية متنوعة، وكانت أدوات فنّها متراكمةً في صناديق كرتونية فوق بعضها البعض، صفّتها بترتيب ونظام في فترة الحجر فجعلت من ذلك المطبخ مرسمًا خاصًا، مليئًا بالحياة.
شغف مبكر
وتضيف: إنني مشغوفة بالفن منذ طفولتي، فكنت أصنع الكثير من المشغولات المميزة والبسيطة لزميلاتي، فيشعرن بسعادةٍ كبيرة وينبهرن بما أصنع، خاصة وأن الفتيات في مرحلة الثانوية تحديدًا يمِلنَ إلى مشغولات معينة، وكان ذلك يشجعني على العمل أكثر، وقالت كنت أنتظر أن أكبر بسرعة لأدخل الجامعة وأدرس الفن فأتقنه عن علم وليس بالموهبة فقط، وحين وصلت المرحلة الجامعية بِتُّ كمن كان في قفص وانطلق، وكنت إذا ما لمحت أي فنٍ أبحث عنه وعن تاريخه وأصوله ومنشئه، وكل ما يتعلق به، وكان ذلك يأخذ وقتًا وجهدًا مني.
هبة التي ورثت الموهبة عن والدِها كانت وما تزال كلما بذلت مجهودًا أكبر شعرت بمتعة أكبر، وطوّرت نفسها وتميزت، ولم يقتصر إتقانها على الرسم بالفحم والألوان فقط، إنما أتقنت الأشغال اليدوية مثل تطريز السيتان، والتطريز البرازيلي، والتشكيل بالورق، والحرق على الخشب، وتنسيق الزهور، والرسم على الزجاج، وغيره، وقالت كل ذلك كان من خلال بحثي واكتشافي وتجريبي عدة مرات.
طاقة إيجابية
وأوضحت هبة أنها لم تكن تهتم كثيرًا باهتمامات الصبايا الشكلية التي تخص المظهر أو تلتف إليها، كمواكبة الموضة في الملابس والخروج برفقة زميلات الدراسة في رحلات وإلى مراكز التسوق وغيرها، وقالت كنت أدخر غالبية ما أحصل عليه من مالٍ لأشتري الألوان والمواد الخام، لكنني كنت أظهر بمظهر لائق وجيد بالتأكيد.
ومن هذا المرسم الصغير تنبع الطاقة الإيجابية التي لم تكن لولا انبعاثها من داخل قلب هبة وعقلها ورغبتها في العمل والتميز، ما جعلها تقدم الكثير من الدورات التدريبية عبر شبكة الإنترنت من خلال جروبات نسائية متنوعة، وعبر قناتها على يوتيوب، إلى جانب الدورات التوجيهية، فهي كما توضح ترى نفسها في كل فتاة وامرأة شغوفة.
وقالت هبة إنها تعشق الحياة والفن والألوان وتراها كل حياتها وسعادتها، وأن يحب الإنسان شيئًا ما فذلك أمر عظيم، فالحب حين ينبض بالقلب ينعشه ويملؤه بالسعادة والأمل، فلتبحث بداخلك عن حبٍ ثمين يشغل وقتك وفكرك، يملؤك بالطاقة الإيجابية، ويصنع منك إنسانًا فعالًا قادرًا على التحدي والمواجهة وعلى الإنتاج.

شاهد أيضاً

«الثقافية النسائية» كرّمت رائدات العمل المدني بالجمعية لدورهن في ترسيخ دور المرأة بخدمة الوطن

Share