
حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من ضعف الأرصدة المالية الرئيسية لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي في عامي 2019 و2020، ما يؤدي الى مواصلة الضغط على الميزانيات العمومية السيادية والخارجية لهذه الدول، مشيرة الى تراخي السياسات المالية في العام الماضي بسبب انخفاض أسعار النفط.
وتوقعت الوكالة أن تتفاقم معظم الموازنات المالية في دول المجلس بما يتراوح بين 1% و2% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وفقا لافتراض الوكالة أن سعر خام برنت سيبلغ 65 دولارا للبرميل، منخفضا عن مستوى 71.6 دولارا للبرميل في 2018. وتشير حالات التراجع المؤقتة في النصف الأول من العام الى وقوع عجز مالي أضيق نطاقا في كل من البحرين وعمان والسعودية، مقابل استمرار الكويت وقطر في تحقيق الفوائض المالية. ولكن هذا يرجع في الغالب إلى الاستحقاقات غير المتكررة، مثل حصص أرباح أرامكو السعودية الخاصة وعوائد بيع الأصول في عمان، والتأثير المتأخر لارتفاع أسعار النفط المؤقت على عائدات الهيدروكربون في الميزانية.
وتعكس التوقعات المالية للوكالة لعام 2019 بأكمله انخفاض متوسط أسعار النفط وزيادة الإنفاق، والتي تتركز تقليديا في نهاية العام، وتقدر أن تغييرا في أسعار النفط بواقع 10 دولارات للبرميل سيؤثر على العائدات الحكومية بنسبة تتراوح بين 2% و4% من الناتج المحلي الإجمالي اعتمادا على حالة كل دولة على حدة.
وتطرقت وكالة فيتش الى احجام ومستويات الانتاج النفطي، فقالت انها تشكل ضغطا على العائدات النفطية في ضوء التزام جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء قطر بالحد من الإنتاج بموجب اتفاقية أوپيك + حتى الربع الأول من 2020، وقد خفضت السعودية انتاجها بصورة كبيرة.
وقالت الوكالة إن انخفاض أسعار النفط يحد من المساحة التي تتحرك في نطاقها السياسات، متوقعة تحسنا في مستويات العجز الأولي في القطاعات غير النفطية مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في 2019، ما يشير إلى موقف مالي أكثر تشددا ـ في أعقاب التدهور الذي شهدته معظم دول مجلس التعاون العام الماضي. ويعكس هذا أيضا تعافي النمو غير النفطي بسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي. وفي حين تسعى البحرين، وبدرجة أقل، عمان إلى ضبط الإنفاق، فمن المرجح أن تتراخى كل من الكويت وأبوظبي في تنفيذ برامج التحفيز والتطوير الخاصة بهما.
وتوقعت الوكالة زيادات في الميزانيتين السعودية والقطرية، وقدرت ان تشمل الإصلاحات المالية الهيكلية الخليجية هذا العام إدخال ضريبة القيمة المضافة في البحرين وضريبة الاستهلاك في سلطنة عمان وقطر، وتوسيع الضرائب والرسوم الحالية في السعودية. ولكن هذه الإصلاحات ستعوض فقط جانبا من انخفاض أسعار النفط وارتفاع الإنفاق، بينما ستكون البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي يتوقع تحسن ميزانها المالي لعام 2019 نتيجة للدعم الخليجي.
وزادت الوكالة أنها تتوقع المزيد من التحسن في الأرصدة الرئيسية غير النفطية في معظم دول مجلس التعاون في 2020، ولكن هذا سيؤدي فقط في البحرين وسلطنة عمان الى تقليص العجوزات المالية الرئيسية، وبرغم ذلك فان انخفاض أسعار النفط سيبقى تحديا قائما لان هاتين الدولتين لديهما أضعف الميزانيات في المنطقة وتتعرضان لضغوط كبيرة للإصلاح.
وبوجه عام، قالت الوكالة إن الحاجة قد تكون ماسة لتدابير إضافية لتجنب المزيد من التدهور العام المقبل في ظل افتراض سيناريو الأساس الخاص بها لسعر خام برنت بواقع 62.5 دولارا للبرميل. وتشير احدث تقديرات ما قبل الميزانية السعودية الى ارتفاع العجز إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 4.7% في 2019 نتيجة انخفاض الإيرادات 10%.
وربما تعزز او تمدد تخفيضات الإنتاج، الأمر الذي سيكون اثره اكبر على سلطنة عمان، التي تعتمد استراتيجيتها للتكيف المالي على المدى المتوسط بشكل كبير على زيادة إنتاج النفط والغاز في نهاية المطاف.
وختمت الوكالة بالإعراب عن توقعاتها باحتياج البحرين وعمان والسعودية إلى أسعار نفط تتجاوز 80 دولارا للبرميل لموازنة ميزانياتها، فيما ستستمر عمليات السحب والإصدار للأصول لتغطية العجز في زيادة الديون واستنفاد صافي الأصول الأجنبية السيادية. وقد ساهم ذلك في خفض تصنيف الوكالة للسعودية إلى مستوى «A» مع نظرة مستقبلية مستقرة في سبتمبر، إلى جانب التوترات الجيوسياسية المتزايدة.
وكان التآكل الذي طرأ على المراكز المالية والخارجية عاملا في تخفيض تصنيف دول المجلس لاسيما السعودية والبحرين وسلطنة عمان، وما زال يمثل حساسية تصنيف سلبية بالنسبة لجميع دول المجلس.
أ