السبت , 21 يونيو 2025

كيف يمكن اجتذاب النساء لسوق العمل في الشرق الأوسط؟

14أليشيا بولر*

يبقى تمثيل فئة النساء أقل مما يجب في سوق العمل الشرق أوسطي، ولا تزال مسألة سد الفجوة ما بين الجنسين على جدول أعمال كثير من الحكومات في المنطقة، وليس فقط حكومات دول الخليج. ما الذي يقف حاجزًا أمام دخول النساء إلى سوق العمل؟ وما الاستراتيجيات التي يمكن للحكومات وشركات القطاع الخاص تطبيقها لاستقطاب النساء للعمل.

على الرغم من مواصلة الحكومات في منطقة الشرق الأوسط الاضطلاع بمجموعة كبيرة من مبادرات الارتقاء الاجتماعي، لا يزال سد فجوة التوظيف بين الرجال والنساء يتصدر جدول أعمالها. وفي الوقت الذي جرت العادة أن يتقيد سوق العمل في دول الخليج بتقاليد ثقافية وطيدة قللت من التحاق النساء بسوق العمل، انعكس ذلك على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بطريقة أو بأخرى. وبحسب الخبراء المحليين، تتغلغل هذه التقاليد الموروثة في نظم الحكم والإدارة، وتترسخ لتثمر عن «الوضع الراهن».

وفي هذا الصدد، يقول براد بويسن، المدير التنفيذي لجمعية إدارة الموارد البشرية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إذا تأملنا قضية التوظيف من حيث العرض والطلب، فإن ناحية الطلب (أي الجهات والشركات صاحبة العمل) لا تعمل على تشجيع أو تمكين مشاركة النساء في العمل بشكل كافٍ، أما ناحية العرض (أي النساء أنفسهن)، فإنهن يبدأن في التصالح مع الوضع الراهن وحسب».

إلا أن بويسن يشير إلى أن معدلات مشاركة النساء تختلف اختلافًا كبيرًا من دولة إلى أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو دول الخليج العربي. وبحسب تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الأجور في الإمارات العربية المتحدة هي الأفضل بين الدول العربية، إلا أنها تأتي في المرتبة 109 من أصل 136 دولة، مما يوضح الحاجة إلى إحراز مزيد من التقدم في هذا السياق.

وفي ذات السياق، يقترح بويسن أن يجهر قادة المجتمعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتشجيع وتقدير وتحفيز النساء المجيدات على تولي مناصب حساسة.

ويقول بويسن: «إن الثقافات القائمة على الرموز والرسائل غير الكلامية مثل تلك الموجودة في منطقة الشرق الأوسط عادة ما تحتاج إلى رؤية قادتها يبادرون بالتغيرات الكبرى ويدعمونها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالثقافة، وذلك قبل اقتناع «الشعب» بأن هذا التغيير مكتوب له الدوام».

أما جمانة أبو هنود، رئيس الشؤون المؤسسية والاستدامة في «هيلز جروب» والشريك المؤسس للمنظمة غير الربحية «ريتش» للتوجيه المهني Reach Mentoring، فهي ترى إن تولي القائدات من النساء مناصب مؤثرة ليكن بمثابة قدوة ونبراس يحتذى به مســـألة في غاية الأهمية للارتقاء الوظيفي للنساء. كما تعتــقــد إن وجود نســـاء يحتذى بهن «حيوي لترك بصمات اجتماعية أوسع تأثيرًا فيما يتعلق بالمســـاواة في الأجور بين الجنسين؛ ما يغيِّر من ســـياســــات أماكن العمل بطريقة تعود بالنفع على الرجال والنساء على حد سواء، إضافة إلى استقطاب قوة عاملة أكثر تنوعًا.» وتضيف جمانة أبو هنود أن «التوجــيه» مهم كذلك من أجل احتضان المـــزيد من القياديات النســـائيـــة في الأعمال بالمنطقة.

ويعد برنامج «ريتش» أول برنامج توجيه مهني منظم للمهنيات من النساء في منطقة الشرق الأوسط. وقد بدأ البرنامج في عام 2013 على يد أربع نساء ناجحات في دبي. ويسعى البرنامج إلى لم شمل الموجهات وطالبات التوجيه في إطار علاقة توجيه مهني تمتد لعام كامل، وتشرف عليها مدربة محترفة، وتتابع تقدمها منصة إلكترونية متخصصة. وحتى تاريخه، تخرجت أكثر من 200 موجهة وطالبة توجيه من البرنامج، والذي سيتم طرحه قريبًا في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

ويقول بويسن إنه على افتراض أن الهدف هو رفع معدلات المشاركة النسائية في دول مجلس التعاون الخليجي لتقترب من المعايير العالمية، فإنه يوصي بتطبيق ثلاث استراتيجيات متممة؛ وهي: تقدير عموم الشعب للنجاح، وعدم التهاون في معايير الأداء، وأخيرًا تنقيح القوانين بما يتوافق مع أو يفوق المعايير العالمية بهذا الشان.

ويوضح بويسن: «على مستوى الأداء، أسوأ ما يمكن أن يحدث في أي مكان في العالم هو وضع قوانين أو سياسات الإقامة بما يتفق مع خفض معايير الأداء؛ ففي المقابل، هذا التدني في المستوى يثبت للرافضين أنه لا يمكن تبرير السياسة دون وسائل مصطنعة.»

ويضيف بويسن: «إن الارتقاء بالقوانين المتعلقة بالجنسين لتصل إلى المعايير العالمية أو حتى لتتفوق عليها هو لأمر ضروري.» فعلى سبيل المثال، قوانين إجازات الوضع للسيدات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما زالت في بداية طريقها بالمقارنة مع كثير من القوانين المتبعة في أغلب الدول حول العالم.

وإلى جانب المبادرات الحكومية، تقع المسؤولية أيضًا على الشركات لتشجيع التنوع في أماكن العمل، وذلك عبر تقديم حوافز دعم جاذبة وجداول عمل مرنة. لنأخذ شركة «مايكروسوفت» التقنية متعددة الجنسيات على سبيل المثال، فهي تعد شركة رائدة في المنطقة في توفيرها برامج توجيه مخصصة للنساء داخل الشركة، وطرحها مبادرات عمل مرنة.

وفي هذا السياق، تقول إيزابيل شويبه، المدير العام للتسويق والعمليات في شركة مايكروسوفت الشرق الأوسط وأفريقيا: «اعتقد إنه حال وصول الفتيات إلى سن العمل، من المهم جدًا إيجاد قنوات تواصل مستمرة بينهن وبين القيادات النسائية، لأن هؤلاء الفتيات بحاجة إلى مشاهدة وملاحظة قدواتهن اللائي يحتذين بهن وهن يعملن في بيئة العمل اليومية. فتلك القيادات النسائية تبث في الفتيات الجرأة والشجاعة للسعي وراء تحقيق الأهداف نفسها».

وتضيف شويبه إن عملية سد الفجوة بين الجنسين في سوق العمل يجب أن تنطلق من المدارس، حيث تتعرف الفتيات للمرة الأولى على الفرص المتاحة أمامهن. وتقوم مايكروسوفت وبشكل دوري بزيارة المدارس والجامعات وتعقد ورشات عمل لجذب النساء إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات. وتشرح شويبه قائلةً: «إن ذلك يسمح للشابات بتشكيل صورة أوضح حول الفرص المتوفرة في سوق العمل، ويغرس فيهن الثقة بأنه ثمة مجال سيناسبهن».

وفي المستقبل، تعتقد شويبه إن المنطقة بالكامل وليس فقط دول الخليج ستستفيد من تحديد حصص للنساء في التوظيف والقيادة بالشركات.

* متخصصة في مواضيع الأعمال والتكنولوجيا

شاهد أيضاً

البحرين.. “الأعلى للمرأة” يشارك في ملتقى “التمكين الاقتصادي للمرأة” بدولة الإمارات العربية المتحدة

Share