الجمعة , 20 يونيو 2025

أثرياء يهربون من لندن!

65465

 
هوغو غرينهالغ*

عندما صوّت الشعب البريطاني بهامش طفيف لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بدأت الأسئلة تحوم حول حي المال والأعمال وما اذا كان وضع لندن كمركز لثروات العالم بات الآن مهددا. وهل يمكن أن يتسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي في نزوح الأثرياء من ذوي الثروات الفاحشة؟
تشير الدراسات الحديثة الى أن هذه المخاوف لها أساس. وجاء في تقرير نشر في سبتمبر من قبل «كي بي ام جي» أن ثلاثة أرباع 100 رئيس تنفيذي شملتهم الدراسة يدرسون نقل مقرات شركاتهم، أو على الأقل بعض عملياتها، خارج المملكة المتحدة في أعقاب التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
قدمت شركة التوظيف «دي إتش آر انترناشيونال» بحثا منفصلا يشير الى أن المديرين التنفيذيين البريطانيين يمكن أن يفكروا في فرانكفورت وباريس بدلا من لندن عقب استفتاء يونيو.
وبالتالي ان غادر الأثرياء، فإلى أين يمكن أن يذهبوا؟ واذا كانوا يبحثون عن صفقات ضريبية أفضل، أو ببساطة مكان آخر للعيش فيه في أوروبا، فما هي العوامل التي يمكن أن تغريهم للعودة الى العاصمة البريطانية؟
كل من موناكو وسويسرا، الملاذات التقليدية للأثرياء الذين يفرون من معدلات الضرائب المحلية العقابية، «تتوقعان قفزة كبيرة»، كما يقول هيو واد جونز، العضو المنتدب لشركة اينيس برايفيت كلاينتس، سمسار الرهن العقاري لأصحاب الثروات الفاحشة.
ويضيف «ان الرجال الذين سيغادرون لندن سيكونون سياح ضرائب». كما أن هناك عاملين آخرين، أبعد من الاعتبارات الضريبية، لا يقلان أهمية: الأمن والشمس.
الأفراد والأسر الأثرياء يشترون في أماكن أخرى، لشبونة وبرلين، على سبيل المثال، لأغراض الاستثمار. ومع ذلك، يتطلع الأغلبية الى العيش في مكان ما حيث تكون أسرهم آمنة، وحيث لا تمطر، أو على الأقل ليس كثيرا كما هي الحال في المملكة المتحدة، وفق واد جونز.
وفي حين إن موناكو قد توفّر كثيراً من العوامل التي يبحث عنها الأثرياء، فإنها مكلفة، حيث تتراوح الأسعار المدرجة على المواقع العقارية الالكترونية ما بين 1.7 مليون و12.9 مليون يورو، وهذه أسعار شقق مكونة من غرفة نوم أو اثنتين فقط.
وكما يقول تيم والفورد فيتزجيرالد، مستشار العملاء في شركة المحاسبة اتش دبليو فيشر «انها جذابة وفيها إعفاءات ضريبية جيدة لكنها مكلفة جدا ومزدحمة».

London Big Ben and traffic on Westminster Bridge
من ناحية أخرى، تقدم سويسرا مجموعة من الاعفاءات الضريبية لغير المقيمين، بما في ذلك نظام forfeit، الذي يسمح للأجانب الأثرياء بتجنب دفع الضرائب على الدخل والثروة، والتفاوض بدلا من ذلك على مبلغ مقطوع الأقاليم.
وقد كان للاستفتاء بالفعل أثر في السوق. اذ تراجعت أسعار العقارات في بريطانيا من حيث القيمة الحقيقية لكثير من المشترين الأجانب بنسبة تصل الى %15، بعد انخفاض قيمة الجنيه في أعقاب التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
بالنسبة إلى المقيمين في المملكة المتحدة ممن يملكون أصولا بالاسترليني، ويتطلعون الى الانتقال الى مكان آخر، ستكون هناك زيادة مماثلة في مبلغ الأموال التي سيتعيّن عليهم دفعها لشراء عقارات خارج بريطانيا.
لكن الأغنياء على استعداد للدفع. على سبيل المثال، المشترون في المملكة المتحدة الذين يبحثون عن منازل حصرية في ايطاليا يفكرون في انفاق ما معدله 3.4 ملايين يورو، وفقا لموقع LuxuryEstate.com، وهو موقع الكتروني يغطي القطاع. ولشراء عقارات حول تاورمينا في صقلية وبورتوفينو وكابري، وهي ثلاثة منتجعات تتمتع بالشعبية تصل الميزانية الى 10 ملايين يورو، وفق الموقع.
وتشير هيلين غرين، مديرة الخدمات المصرفية الخاصة في بنك هامبروس، الى أن العديد من المستثمرين سيبحثون عن الاستئجار في البداية، بدلا من الشراء. وتضرب مثلا بأحد العملاء الذي يسعى الى الانتقال الى اسبانيا قبل نهاية العام. وتضيف «سيستأجر حاليا خلال السنة الأولى».
ومع ذلك تظل المخاوف بشأن ما سيفعله أغنى سكان المملكة المتحدة، ففي الوقت الحاضر ينتظر العديد منهم ليروا ما ستكون عليه تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
«لم نر حقا حركة كبيرة»، وفق ما تقول غرين. «ما كان مثيرا للاهتمام هو أنه في الفترة التي سبقت الاستفتاء، كان كثير من الزبائن الذين يتمركزون أوروبا حريصون جدا على البقاء في الاتحاد الأوروبي، في حين إن أولئك الذين كانوا في أماكن أبعد كانوا حريصين على المغادرة».
القواعد تتغيّر بالنسبة إلى المغتربين وغير المقيمين
جرى تشديد القواعد في عام 2013 بالنسبة إلى البريطانيين الراغبين في العيش والعمل في الخارج، وأصبحوا غير مؤهلين لدفع الضرائب في المملكة المتحدة.
في أبسط المستويات، يعني هذا أن أولئك الذين لا يريدون دفع أي ضريبة يمكن أن يبقوا في المملكة المتحدة لمدة 90 يوماً فقط والعمل لمدة 30 يوما فيها فقط من أصل كامل المدة. بالنسبة إلى أولئك الذين بقوا في البلاد لمدة تزيد على 183 يوماً في أي سنة ضريبية واحدة يعتبرون تلقائيا من قبل دائرة الايرادات والجمارك البريطانية من المقيمين.
وقد حاولت الحكومة اتخاذ اجراءات صارمة ضد أولئك الذين غادروا المملكة المتحدة، ولكن لا يزال ينظر اليهم على أن لديهم «روابط» فيها، سواء الأسرة، أو عقار رئيسي أو كما في حالة روبرت غينس كوبر، الذي حارب وخسر معركة طويلة مع دائرة الايرادات والجمارك البريطانية، مجموعة من السيارات الكلاسيكية.
كثير ممن يعملون في المهن القانونية والمحاسبة كانوا يترقبون ذلك الحكم بفارغ الصبر لشعورهم بالقلق من ان ذلك من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام دائرة الايرادات والجمارك البريطانية في مطاردة المتهربين من الضريبة البريطانية بأثر رجعي. وأولئك الذين يسعون للانتقال الى الخارج يجب عليهم الآن أن يبرهنوا على وجود «انفصال واضح» عن المملكة المتحدة بدلا من الاعتماد على قواعد عد الأيام. هذه الأشكال من الروابط يمكن أن تقلل من عدد الأيام المسموح بها في المملكة المتحدة الى 15 يوماً.
وشدّدت الحكومة أيضاً على قواعد غير المقيمين، الذين تعتبر اقاماتهم الرئيسية في الخارج، وبالتالي لا يخضعون للضريبة في المملكة المتحدة على دخلهم من العملات الأجنبية. واعتباراً من أبريل 2017، سيخضع الناس الذين أقاموا في المملكة المتحدة في السنوات الـ 15 من السنوات الـ 20 الماضية لقوانين الضرائب البريطانية على دخلهم في جميع أنحاء العالم.

*ترجمة وإعداد إيمان عطية
نقلا عن صحيفة القبس

London Big Ben and traffic on Westminster Bridge

شاهد أيضاً

«كامكو إنفست»: النشاط غير النفطي زاد خليجياً

Share