
ينفي الوقت الذي تكثر فيه المخاوف بشأن انحسار الطبقة الوسطى، والروبوتات التي ستحل محل البشر في أماكن العمل، يقدم آدم دافيدسون في كتابه «اقتصاد الشغف» الصادر العام الماضي، طرقا جديدة لكسب الأموال، ومسارات جديدة لتحقيق الرضا الوظيفي، وفرصا غير مسبوقة للأفراد الطموحين ليجمعوا بين الأشياء التي يحبونها ووظائفهم.
يشرح دافيدسون في كتابه كيف أفسح اقتصاد الحجم الذي اتسم القرن العشرون به، الطريق أمام اقتصاد الشغف الذي اتسم القرن الجديد به، موضحا أن التغييرات تسببت في حالة من الارتباك والذعر، لكن كل ذلك نتيجة عدم فهم الأوضاع بوضوح.
ويمكن الاقتراب أكثر من الآراء التي يطرحها آدم في كتابه من خلال هذا الحوار الذي أجراه معه جون جاتشيموفيتش الأستاذ المساعد في قسم إدارة الأعمال في وحدة السلوك التنظيمي بكلية هارفارد للأعمال:
الشغف مصطلح شائع يستخدمه الأشخاص كثيرا، فكيف تراه أنت؟ وماذا يعني لرواد الأعمال الذين تناولت قصصهم في كتابك؟
٭ الفكرة الأساسية هي الاختلاف مع ما أسميه اقتصاد الحجم، ففي القرن العشرين كانت هناك مقاييس خارجية للنجاح، كان الناس يطالبون بالتخلص من الأشياء التي تختلف عن متطلبات العمل في أي مجال، واعتماد هذه المقاييس الخارجية بدلا من ذلك، بينما الاقتصاد الجديد يكافئ (أو يمكن أن يكافئ) من هم عكس ذلك، فبإمكان الأشخاص أن ينظروا داخل أنفسهم ليعثروا على تلك الأشياء التي تدفعهم للأمام ويطوروها، وخاصة تلك الأشياء التي تجعلهم مختلفين عن الآخرين، فهذه هي الفكرة الأساسية التي كنت أتوجه نحوها.
تحدثت عن أهمية أن يكتشف الشخص ما يجعله مختلفا، وأن يكتشف الشيء الذي يشعر بالشغف تجاهه. فكيف تصرف رواد الأعمال الذين تناولتهم في كتابك ذلك، متى قرروا أنهم يشعرون بالشغف تجاه شيء معين وسيقومون بفعله؟
٭ كان الأمر صعبا بالنسبة لمعظمهم، وحدث بطرق غير متوقعة، في الحقيقة أعتقد أن العمل على فهم الشغف أمر بالغ الأهمية، ولا بأس أن يستغرق ذلك 10 أو 15 أو 20 عاما. فعندما أتحدث مع الناس لا أقول لهم انتظروا شغفكم، لكني أقول لهم اكتشفوا، جربوا الأشياء، انتبهوا، استمعوا إلى الآخرين. وجزء من هذا الاقتصاد لا يتسم بالوضوح والاستقرار الذي كان بعض الناس قادرين على تجربته في القرن العشرين.
عندما كنت في الخامسة والعشرين أو الثلاثين من عمرك، ولم تكن قد فهمت بعد كل شيء، كيف كنت تحفز نفسك؟
٭ وتبين لي أن بعض الخيارات التي اتخذتها في وقت مبكر كانت خيارات ذكية، فبعد تخرجي في الكلية رأيت مسارين، كان أحدهما أن أكون ترسا صغيرا في آلة كبيرة، سواء كان ذلك بأن أصبح مستشارا في ماكينزي، أو مصرفيا استثماريا مبتدئا، أو متدربا في شركة إعلامية كبيرة، بينما كان المسار الآخر أن أكسب أموالا أقل بكثير، لكني في المقابل أكون قادرا على القيام بالأشياء، فاخترت المسار الأخير.، وذهبت للعمل في محطة إذاعية محلية، فالمهم في اكتشاف كيفية اتباع شغفك هو أن تفعل الأشياء وترتكب الأخطاء.
برأيك ما الأشياء التي يحتاج الناس إلى تعلمها؟
٭ أنا مؤمن بالقيام بالأشياء بنشاط، بعدم الجلوس والانتظار، أعتقد أن على الأشخاص أن يفعلوا الأشياء بشكل مفيد ومثمر. فعندما ذهبت لأعمل صحفيا، كنت أكتب كل ما أفكر فيه، وبمرور الوقت لاحظت أنني أكثر ميلا لشيء من شيء آخر، وفي وقت ما حدث ذلك الإدراك للأمور، لكن ذلك كان في الثلاثينيات من عمري.
ومن المهم أيضا أن نتعامل كمجتمع مع هذا الأمر بعناية حتى لا يكون مخيفا أو محرجا أن يترك أحدهم وظيفته كمحام في عمر الـ 28، ويقول إنه سيمضي عاما في محاولة اكتشاف ما يريد فعله حقا، ومن المهم أن يتعلم الأشخاص كيف يسردون قصتهم الشخصية، ومن المهم أن يتعلم المجتمع كيف يتبنى هذه الأفكار.