
رأى تقرير «الشال» أن توقعات صندوق النقد الدولي لأداء الاقتصاد العالمي كانت بالمطلق متفائلة، وهو أمر طيب، ولكن تفاصيل تلك التوقعات كانت تميز ما بين الاقتصادات التي أدارت أزمة الجائحة بشكل حصيف، ومعظمها اقتصادات كبرى، وتلك التي أساءت الإدارة، بما ينذر بالعودة إلى اتساع الفجوة لصالح الأولى، في حين أن دول مجلس التعاون الخليجي ليست من تلك الفئة المحظوظة وإن تحسنت توقعات أداء اقتصادها في تقرير الصندوق لشهر أبريل الجاري مقارنة بتقرير شهر أكتوبر الفائت.
ففي عام 2020، يقدر صندوق النقد الدولي أن تتراوح خسائر اقتصاداتها ما بين أدناها لقطر بنحو 2.6%، وأعلاها للكويت بنحو 8.1%، وبخسارة لكامل اقتصادها بمتوسط حسابي بسيط بنحو 4.9%، وقد يتغير قليلا لو حسب بشكل موزون أي وفقا لحجم كل اقتصاد. وكان المتوسط الحسابي البسيط المقدر لخسارتها بحدود 6% في تقرير أكتوبر، وتم في تقرير أبريل تعديل التوقعات إلى الأفضل للاقتصادات الخمسة الأخرى، ما عدا الكويت التي حافظت في التقريرين على مستوى خسارة اقتصادها. وتتحول معدلات نمو اقتصادات دول المجلس إلى النمو الموجب في العام الحالي في تقرير شهر أبريل، ولكنه يظل أداء ضعيفا قياسا على توقعات الصندوق لأداء الاقتصاد العالمي البالغ نموه المتوقع 6%، بينما يتوقع لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي نموا بحدود 2.7%، ويتوقع أن تحقق البحرين أعلى المعدلات وبنحو 3.3%، ثم الإمارات 3.1%، ثم السعودية 2.9%، ثم قطر 2.4%، ثم عمان 1.8%، وأدناها الكويت بأقل من 1%، أو بنحو 0.7%. ويفترض أن يبلغ المتوسط الحسابي البسيط لمعدل النمو لكل اقتصاداتها في 2021 نحو 2.7%، وكان تقرير شهر أكتوبر قد قدر معدل نموها بحدود 2.2%.
ويرفع الصندوق قليلا توقعاته حول مستوى أداء اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2022 من متوسط حسابي بسيط 3.5% في تقرير شهر أكتوبر إلى متوسط 3.7% في تقرير شهر أبريل، ويظل أدنى من توقعاته لأداء الاقتصاد العالمي في نفس العام البالغة 4.4%. أعلى توقعات النمو في عام 2022 لعمان وبنحو 7.4% تليها السعودية بنحو 4% ثم قطر بنحو 3.6% ثم الكويت 3.2% ثم البحرين 3.1% وأخيرا الإمارات بنحو 2.6%.
ثلاثة أرباع الشركات المدرجة تباع بخصم على قيمها الدفترية
قال تقرير «الشال» انه يفترض أن تكون أسعار الأسهم في البورصة دالة طردية بمستوى السيولة، بمعنى، أن مستوى الأسعار يفترض أن يرتفع كلما ارتفعت سيولة البورصة، وذلك ما تحقق بشكل عام بعد التطوير الذي طال بورصة الكويت بدعم من هيئة أسواق المال وتعاون المقاصة. فسيولة البورصة ارتفعت بنحو 35.5% في 2020 مقارنة بمستوى عام 2019، وارتفعت بنحو 8.8% للربع الأول من العام الحالي مقارنة بسيولة الربع الأول من 2020، وارتفعت بنحو 38.7% مقارنة بسيولة الربع الأول من 2019. ورغم خسارة المؤشر العام للبورصة نحو 11.7% في 2020 بسبب الجائحة وما طال العالم بسببها، كسب المؤشر العام نحو 19.8% مع نهاية الربع الأول من العام الحالي مقارنة بمستواه في نهاية الربع الأول من 2020، وكسب نحو 2.8% مقارنة بمستواه في نهاية الربع الأول من 2019. ورغم ذلك، لا زالت غالبية الشركات المدرجة في بورصة الكويت تعاني من وجود فجوة واسعة ما بين أسعار السوق لأسهمها، وما تسطره بياناتها المالية المراقبة والمدققة من قيم دفترية لها.
ونظرة على هوامش فروق أسعار الأسهم في السوق وقيمها الدفترية من واقع البيانات المالية المنشورة حتى 31/12/2020 وإقفالات أسعار نهاية مارس 2021 تشير إلى أن 14 شركة مدرجة أو نحو 8.3% من عدد الشركات المدرجة تفوق أسعار أسهمها في السوق ضعف قيمتها الدفترية، ونحو 29 شركة أخرى أو نحو 17.3% من عدد الشركات المدرجة تفوق أسعار أسهمها في السوق قيمتها الدفترية بما يراوح بين 1% – 99%، أي أن 43 شركة أو 25.6% من عدد الشركات المدرجة تفوق أسعار السوق لأسهمها قيمة السهم الدفترية.
وأضاف التقرير انه ما تبقى أو نحو ثلاثة أرباع الشركات المدرجة تباع بخصم على قيمها الدفترية، 28 شركة أو نحو 16.6% منها تباع عند مستوى خصم محتمل يراوح ما بين 1-29%، وذلك يمكن أن يعزى إلى صعوبات البيئة العامة، إن على مستوى العالم أو على المستوى المحلي. 45 شركة أخرى أو نحو 26.8% من الشركات المدرجة تباع بمستوى خصم يراوح ما بين 30 و49% على قيمها الدفترية، وهو خصم غير مبرر مع استمرار الارتفاع المطرد في مستوى سيولة البورصة. وتعاني 52 شركة أو نحو 30.7% من عدد الشركات المدرجة مما يمكن اعتباره فجوة فاحشة بين قيمها الدفترية وأسعار أسهمها في السوق، إذ يبلغ مستوى الخصم 50% وأكثر، وهو أمر لابد من البحث في مبرراته.
وفرة سيولة البورصة لا تدعم أسعار معظم أسهم الشركات المدرجة
رأى تقرير«الشال» أن بورصة الكويت لا تشكو شح في السيولة، والواقع أن سيولتها إلى ارتفاع، وحققت المركز الثالث في نسبة ارتفاع سيولتها ضمن أسواق المال السبعة في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2020. ولكن وفرة سيولة البورصة لا تدعم أسعار معظم أسهم الشركات المدرجة بما تسبب في فجوة واسعة بين أسعار السوق لهذه الشركات وقيمها الدفترية، ونعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية لتلك الظاهرة السلبية ناتج عن تركيز السيولة الشديد على عدد صغير من الشركات المدرجة.
وفي عام 2019، استحوذت عشر شركات على نحو 73% من سيولة البورصة، وازداد التركيز قليلا في عام 2020 ليبلغ نصيب عشر شركات نحو 74% من سيولة البورصة، مع احتفاظ ثلاث شركات بمراكزها الثلاثة الأولى، وتكرار 8 شركات ضمن قائمة الأعلى سيولة بين السنتين. انخفض التركيز في الربع الأول من العام الحالي 2021، وإن ظل عاليا، وبلغ نصيب أعلى عشر شركات سيولة نحو 57% من إجمالي سيولة البورصة. وبينما ظلت الشركات الست الأعلى سيولة تماما كما كان ترتيبهم في 2020، دخلت 4 شركات جديدة إلى قائمة الأعلى سيولة، وهو تطور في الاتجاه الصحيح، سواء من زاوية انخفاض درجة التركيز، أو من زاوية مساهمة شركات صغيرة نسبيا في اقتسام تلك السيولة.
ولأن البيانات المالية الخاصة بنهاية الربع الأول من 2021 لم تنشر بعد لمعظم الشركات المدرجة، لا نستطيع مبكرا الحكم على أثر انخفاض التركيز في ردم بعض الفجوة بين أسعار السوق والأسعار الدفترية، وربما يحتاج الأمر إلى قياس الأثر بعد توفر بيانات الربع الأول لمعظم الشركات المدرجة.
ويتوقع التقرير ان تركيز السيولة قد ينخفض مع ارتفاع مستوى الثقة بأداء البورصة وازدياد وعي المتعاملين، ولكن العلاج يحتاج أيضا إلى غربلة جانب المعروض من الأسهم، بمعنى تشجيع بعض الشركات غير السائلة للانسحاب من الإدراج، واستبدالها بشركات من نوعية أفضل.