
ارتبك الطبيب وأخذته الحيرة عندما أخبرته جو كاميرون أنها لا تحتاج للمسكنات لأنها لا تشعر بالألم، رغم أنها أجرت للتو عملية جراحية في يدها.
وقالت كاميرون حينها للطبيب الاستشاري في مجال التخدير وعلاج الألم، ديفيد سريفستافا، في مستشفى الخدمة الصحية الوطنية شمالي سكوتلندا “أنا أضمن لك بأنني لا أحتاج لشيء”، ما دعاه إلى إحالتها إلى كلية لندن الجامعية والبدء مع آخرين في بحث علمي على السيدة، وهو ما صدمها عند البدء بالاهتمام بحالتها.
حتى ذلك الوقت (قبل خمس سنوات حين كان عمرها 65 عاما)، كانت السيدة كاميرون تعيش حياة هادئة سعيدة في سكوتلندا مع زوجها، ولم تكن قد لاحظت أن هناك شيئا خاطئا حتى تدهورت حالتها بشدة واحتاجت إلى استبدال مفصل الورك، رغم أنها لم يسبق وأن شعرت بالألم من قبل، ولم تعرف أن لديها مشكلة.. حتى الحروق والكسور لم تكن تؤذيها، بحسب ورقة بحثية نشرت الخميس في المجلة البريطانية للتخدير.
وقد تتفاجأ من منظر الكدمات والحروق والجروح الملتئمة في ذراعها المكشوفة، إذ أنها كثيرا ما كانت تُجرح في المطبخ أو تمسك بوعاء ساخن أثناء إعداد الطعام دون أن تشعر بالألم.
كانت تشعر بأن هناك شيئا خاطئا فقط؛ عندما كانت هي أو زوجها يشمان رائحة حريق فالنار كانت تحرقها دون أن تشعر.
وحتى عندما ولدت كاميرون ابنها وابنتها، لم تشعر بالمخاض ولم تتألم من طلق الولادة، حتى بدون تخدير جزئي، “كان يمكنني الشعور بأن جسمي يتغير لكنه لم يكن يؤلمني”.
وقال جون وود رئيس مجموعة حس الألم الجزيئية في كلية لندن الجامعية “لم تمر علينا حالة كهذه أبدا”.
وبعد دراسة حالتها، عزا باحثون خلو حياة كاميرون من الآلام إلى تغير يطرأ في جين لم يكن معروفا لديهم من قبل، وأن ما يأملون فيه في النهاية هو المساهمة في اختراع علاج غير مألوف للآلام.
ويعتقد الباحثون أن هناك علاقة بالتغير الجيني بخلو حياة كاميرون من الألم أو القلق أو الشعور بهما قليلا وكيف أن جسمها يتعامل مع ذلك سريعا.
وقال طبيب الأمراض العصبية الدكتور ستيفن واكسمان إن “كل تغير جيني يعلمنا شيئا ويشير إلى الجين المحدد كهدف محتمل من اجل علاج جديد وفعّال”.
وكان علماء قد وثقوا حالات فردية على مدار مئة عام لأشخاص لم يشعروا بالألم أو قليلي الشعور به لكن التغير الجيني الذي حدث مع حالة السيدة كاميرون هو سابقة من نوعها.
وأخيرا وجد العلماء الجين المسؤول عن الألم الذي كانوا يبحثون عنه ويدعى FAAH-OUT، مشيرا إلى أن كل البشر لديهم هذا الجين، لكن السيدة كاميرون لديها عملية حذف تلغي الجزء الأمامي من الجين، مؤكدا أن التحاليل أثبتت هذه الفرضية.
وتتوقع كاميرون أنها ورثت ذلك عن والدها الذي لم يتعاطى مسكنات ألم، حسب ما تتذكر، “ولهذا السبب لم أجد نفسي غريبة الأطوار”.
ويعيش آباء وأمهات الأطفال الذين يعانون من حالات مشابهة لكاميرون في خوف وقلق لأنه “من الصعب تعليمهم كيفية تفادي جرح أو إيذاء أنفسهم”.