الأحد , 22 يونيو 2025

بيت العمر.. هل ما زال حق المرأة مهضوماً؟

لايزال حق الرعاية السكنية للنساء الكويتيات محل جذب للناشطات في مجال حقوق المرأة، حيث يرين انه لا حقوق متساوية مع الرجل في حق السكن، فالرجل يتفوق على المرأة بحصوله على الحق في «بيت العمر»، بينما الشروط لاستحقاق المرأة لبعض مزايا الرعاية السكنية تبدو غير متفقة ومبدأ المساواة، من وجهة نظرهن، خاصة اذا اختارت المرأة زوجاً غير كويتي، او لم يكتب لها الزواج من قبل.

شرائح عدة تعاني «عدم إنصاف» على حد قول الناشطات والمهتمات بالملف، أبرزهن المطلقات والارامل والمتزوجات بغير كويتيين، واللواتي يرعين ابناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما يمنح القانون حق الرعاية السكنية في اطار شروط محددة للمرأة، بيد ان الطموح يفوق ذلك، لتحقيق المساواة مع الرجل.

والقرض الإسكاني من بنك الائتمان – وفقا لموقع البنك – هو 70 الف دينار، ويمنح الأرامل والمطلقات طلاقاً بائناً بعد مضي سنتين على الطلاق، شرط أن يكون لهن أبناء، او مسكن منخفض التكاليف، او قرض زيادة الانتفاع بمسكن قائم، بمبلغ لا يتجاوز 35 ألف دينار. ووفقا للقانون، فالبنك يتولى توفير سكن ملائم، بقيمة إيجارية منخفضة للفئات التالية: الكويتية المتزوجة بغير كويتي ولديها أبناء، المتزوجة بمقيم في الكويت وليس لديها أبناء شرط انقضاء خمس سنوات على الزواج، الارملة والمطلقة بلا أبناء، والعزباء شرط بلوغها سن الاربعين، وأن تشترك بالسكن سيدتان تجمعهما قرابة حتى الدرجة الثالثة. وعلى الرغم من أن التعديلات الاخيرة على لائحة الرعاية السكنية أسهمت في إعطاء المرأة الحق في استخراج وثيقة السكن بمجرد إيصال التيار الكهربائي، إلا أن المطالبات لاتزال مستمرة، وتهدف الى المساواة مع الرجل بالحق في «بيت العمر».

المبارك: الرعاية السكنية للنساء تأرجحت بين المنع والمنح

أكدت النائبة والوزيرة السابقة عضوة هيئة التدريس في جامعة الكويت د.معصومة المبارك، أن الجميع مطالب اليوم بإنصاف المرأة في حقها في الرعاية السكنية، سواء من السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو من جمعيات النفع العام المعنية مثل المحامين والمرأة، إيماناً بالدستور.

ورأت المبارك أن «قانون الرعاية السكنية لمجلس 2009 غير مكتمل في توفير الرعاية السكنية للمرأة، ويجب تعديل صفة الأسرة في قانون 2003 الذي اشترط أن يكون رب الأسرة كويتياً، وبهذا، حرم الكويتية المتزوجة من غير كويتي من الرعاية السكنية، أسوة بالرجل»، لافتة إلى أن «التعديل من شأنه إنصاف المرأة المتزوجة من غير كويتي، خصوصاً أن الدستور لا يميز بين الرجل والمرأة».

وذكرت أن «التسلسل الزمني في تتبع حق المرأة في السكن يبيّن الانحدار في هذا الحق، لعدم تمتع المرأة بحقها الدستوري في المساواة»، مضيفة أن «تمتع المرأة بالرعاية السكنية مر بمراحل، تأرجحت بين المنح والمنع، فالمرحلة الأولى كانت في ما قبل عام 1975، حيث كانت المرأة المتزوجة من غير كويتي تتمتع بحق الرعاية السكنية مثل الكويتي، ثم المرحلة الثانية التي كانت من 1975 حتى 1982، حيث جرى إلغاء هذا الحق، ثم المرحلة الثالثة، وبعد جهد جهيد ومطالبات عام 1983 أعطيت حق الرعاية السكنية بصفة الإيجار، واستمر ذلك سنوات عدة ثم توقف».

وأشارت المبارك إلى أنه «في مجلس 2009 استطاعت لجنة المرأة في مجلس الأمة أن تضع حق المرأة السكني على الطاولة، وبدأ الانطلاق وتم تسجيل خطوة للأمام بقانون أقره مجلس 2009 بأن تمنح المرأة حق الرعاية السكنية بدرجات، مثل إعطاء الأرملة والمطلقة والتي لديها أبناء أو المتزوجة من غير كويتي ولديها أبناء قرضاً للإسكان، أو بصفة إيجار، لكن جاءت اللائحة التنفيذية وعطلت التطبيق»، خاتمة بأن «المطلوب تضافر الجهود لإنصاف المرأة في الرعاية السكنية وضمان حق أبنائها في الاحتفاظ بميراثهم العقاري من والدتهم الكويتية ».

الرفاعي: شروط القرض الإسكاني تساهم في هدم الأسرة

أكدت المحامية عذراء الرفاعي أنه «لا إنصاف للمرأة في حق الرعاية السكنية»، مشيرة إلى أن «قانون الرعاية السكنية منذ عام 1993 لم يشهد سوى تعديلات خجولة وطفيفة، وحتى اللوائح والمعطيات اللاحقة للقانون لم تشهد خدمة للمرأة جديرة بالذكر».

وتابعت الرفاعي: «على الرغم من صدور قانون 2011، وهو قانون المرأة الاسكاني، فإنه لم يكن مناسباً للمرأة، ولا يرقى للطموح. فعلى سبيل المثال القانون يعطي المرأة المطلقة ولديها أبناء حقاً في القرض الإسكاني بعد مرور 3 سنوات من الطلاق، بينما يعطي المتزوجة من غير كويتي ولديها أبناء حقاً في سكن منخفض القيمة الايجارية، مما يعني انه يساهم في هدم كيان الأسرة».

وبينت أنه «حتى قيمة القرض لا تأتي متناسبة وأسعار العقارات، حيث إن أغلب النساء المتمتعات بالقرض الإسكاني يضطررن الى شراء بيوت هدام وترميمها، لعدم القدرة على شراء بيت مناسب، خاصة أن القانون الجديد رفع أسعار العقار في السوق»، لافتة إلى ان «التعديلات التي طالت القانون في 2019، قلصت مدة الانتظار بعد الطلاق الى سنتين»، مستغربة طول هذه المدة من الاساس.

وأفادت الرفاعي بأن «التعديلات الاخيرة على لائحة قانون الإسكان بإعطاء المرأة الحق في استخراج وثيقة السكن، بمجرد ايصال التيار او تسليم البيت الحكومي، بعد ان كان عليها الانتظار 6 اشهر، هو خطوة جيدة، ولكن الخلل ان الامر لا يطبق بأثر رجعي، بالتالي لا يحفظ حق المرأة المطلقة قبل صدوره».

وطالبت الرفاعي بضرورة ان «يتم حفظ حق الطرفين الزوج والزوجة بالرعاية السكنية بمجرد تقديم طلب الاسكان واستمرارية الزواج خمس سنوات، وفق ما هو وارد في المادة 14»، مشيرة إلى «ضرورة الالتفات الى انتهاء حق المرأة بالسكن بمجرد نهاية الحضانة، حيث إنه أمر غير مناسب للمرأة».

وفي ما يتعلق بالمرأة المتزوجة من غير كويتي، بينت الرفاعي انه «في الثمانينات كانت تمنح هذه الفئة مسكناً، وتستطيع استخراج وثيقته بعد سداد الالتزامات المالية»، مطالبة بـ«ضرورة النظر في حق الإرث لأبناء الكويتية غير الكويتيين في منزل أمهم بعد وفاتها، وألا يجبروا على بيعه في المزاد. كما أن المرأة ذات الإعاقه رغم إنصافها بموجب قانون 47 لسنة 93 بتوفير المسكن الملائم لها في حال زواجها من أجنبي، فإنها مازالت تعاني من عدم تمتعها بذلك الحق».

طاهر: عدم إنصافهن يسبّب مشكلات نفسية واجتماعية

الكثير من حقوق المرأة الكويتية في قضية الإسكان في المجتمع الكويتي ما زالت غائبة، بل و«مهضومة»، هكذا بدأت أستاذة علم النفس بجامعة الكويت

وقالت د. نعيمة طاهر: «حتى المبالغ التي تصرف للمرأة الكويتية لا تمكّنها من شراء بيت أو شقة مناسبة».

ورأت طاهر أنه ليس هناك إنصاف للمرأة بالنسبة لحقوقها السكنية مقارنة بالرجل، وهذا ما قد يجلب لها المزيد من المشكلات النفسية والاجتماعية، خاصة مع طبيعة الحياة التي اعتادت عليها الأسر الكويتية.

ولضمان الصحة النفسية للأبناء، قالت طاهر: «تجب مراعاة مدى أهمية مساحة المنزل المخصص لهذه الأم المعيلة. فأحياناً كثيرة كونها ورثت أباها أو زوجها تتقلص المبالغ المصروفة لها، فبهذا التعسف مع المرأة والتضييق المادي عليها لن تستطيع توفير المسكن المناسب لأبنائها، على الرغم من أنه حق مكفول للرجل، فهل يعقل أن المساحة مرهونة بوجود الأب فقط، ولا اعتبار لعدد الأبناء؟ أمر لا يقبله المنطق، خاصة أنها أساسيات قائمة، سواء انفصل الأب عن الأم أو تُوفاه الله».

وأضافت: «هذا التحدي الذي توضع فيه المرأة يؤثر فيها نفسياً واجتماعياً، وعلى الرغم من حرية الرأي ودعم الدولة للمرأة العاملة وحقوقها المهنية فإن أزمة المسكن تظل تمثّل هاجسا لها مهما بلغت نجاحاتها»، مؤكدة أن «راحة الانسان النفسية واستقراره واتزانه في قراراته تبدأ من استقراره في مسكن يوفر له الخصوصية والأمان، وهذا ما قد تفتقده السيدة المطلقة أو الأرملة».

وتابعت: «حتى الكويتية غير المتزوجة، قد لا يكون لها حق في الاستقلالية والحصول على مسكن خاص بها غير مشترك مع ذويها من أفراد الاسرة الكبيرة الباقين بمنزل الأب. لذا كل هذه الأمور تؤثر بلا شك في أداء السيدة وفي قراراتها، خاصة لو كانت في مركز قيادة ومسؤولية»، مضيفة أن «الأكثر معاناة الكويتية المتزوجة من غير كويتي، حيث إن قضية السكن بالنسبة لها مصيرية وتمس مستقبل أبنائها.

لذا تواجه مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة قد تجعلها تشعر بأنها أقل من الآخرين وفي حالة كفاح مستمرة تؤثر فيها صحيا ونفسيا وفي علاقاتها الاجتماعية وفي قراراتها بشكل عام».

وطالبت طاهر بإلغاء مسمى «مجمع المطلقات والأرامل» على المجمعات السكنية التي توزع عليهن، واستبداله باسم لائق اجتماعيا مثل: «مجمع سكن الكويتيات» من دون تمييز بين مطلقة أو أرملة أو حتى غير متزوجة «حتى لا تشعرالسيدة بالعزلة، ويتم دمج النساء بشكل طبيعي في المناطق السكنية بلا تفريق أو انعزال، حفاظاً على شعورهن وعلى الصحة النفسية لأبنائهن، فهم شباب المستقبل ».

الدليمي: القانون لم يُنصف أُم المُعاق غير الكويتي لا يزال السكن أزمة حقيقية في الكويت بالنسبة للمواطنات بشكل عام، وللكويتية المكلفة رعاية معاق، خصوصاً إن كان غير كويتي، هذا ما أكدته رئيسة لجنة حقوق الكويتيات الناشطة عالية الدليمي، لافتة إلى أنه رغم إقرار مرسوم 2/2011 المتعلق بمنح المواطنة حق الرعاية السكنية، إلا أنه لا يرتقي لطموحها ولا يحل المشكلة.

وأشارت الدليمي الى أن «قانون المعاقين 8 لعام 2010 لم ينصف أم المعاق غير الكويتي، حيث إنها أكثر المواطنات معاناة ووضعها هو الأسوأ، لأن الحكومة لا تمنحها حق الرعاية السكنية إلا حسب المرسوم»، مضيفة «فإن كانت متزوجة يحق لها الحصول على مسكن منخفض التكاليف، وقد تم العمل ببناء ثلاثة مشاريع إسكانية في مناطق متفرقة منذ تاريخ إصدار المرسوم لكن لم يصرف بيت واحد للكويتيات».

وزادت بالقول «وإن كانت ام المعاق مطلقة أو أرملة وحصلت على قرض بنك الائتمان، فإنها لا تستطيع أن تشتري سكنا في ظل تنامي أسعار العقار في الكويت، وإن تمكنت من شراء بيت من حر مالها فإنها لا تستطيع تمليكه لأولادها إلا إذا كانوا يحملون جوازات خليجية أو باستثناء من سمو رئيس مجلس الوزراء ».

السعيدي: تعديلات اللائحة منحت المرأة حق إصدار الوثيقة أكدت عضوة المجلس الأعلى للأسرة المحامية آلاء السعيدي، أن القرارات الجديدة الخاصة بالرعاية السكنية تُطبق من يوم صدور القرار الوارد في جريدة «كويت اليوم»، موضحة أن أبرز التعديلات الواردة في لائحة الرعاية السكنية ينص على السماح بالتقدم بطلب إصدار وثيقة بمجرد تسلم المسكن خلاف ما كان في السابق من الانتظار لمدة 6 أشهر.

وبينت أن التعديل يؤكد ثبوت الملكية للمخصص لهم البديل السكني بمجرد إيصال التيار الكهربائي للقسيمة وتسلم المسكن لبيوت الحكومة والشقق، أياً كانت التغيرات التي تطرأ على الاسرة من وفاة وغيرها، حتى لو لم يتقدموا بطلب استخراج للوثيقة خلاف النص السابق. كما يعمل التعديل – وفقاً للسعيدي – على إعطاء المرأة أحقية التقدم بطلب إصدار وثيقة التملك بشكل مباشر أسوة بالرجل، عن طريق القطاع المختص خلاف النص السابق الذي يقتصر التقدم فيه على رب الأسرة فقط، وفي حال تقدم غيره من المستحقين يعرض ذلك على اللجنة المختصة، كما يخفض ميعاد إصدار الوثيقة في حالة الزوج المتزوج بغير كويتية دون أبناء من 5 سنوات الى 3 سنوات وتصدر مفردة للزوج.

وبينت السعيدي أنه اذا توفي الزوج أو الزوجة دون أبناء وكانت العلاقة الزوجية مستمرة 3 سنوات تصدر مفردة للزوج الارمل او الزوجة الارملة. Volume 0%

الهندي: يجب إقرار بدل سكن للمرأة أكدت الناشطة ومؤسسة لجنة «كويتيات بلا حدود» المهندسة خلود الهندي أن فئات عدة من الكويتيات يعانين مشكلات في الرعاية السكنية، «إذ لا يمكن للمطلقة أن تحصل على المنزل إن لم يذكر اسمها في وثيقة المنزل، على الرغم من أنها قد تكون أسهمت في الأقساط والتجهيزات وغيرها، الأمر الذي يعد ظلماً لها».

وبينت أن «بعض الأرامل ليس لهن نصيب في بيوت أزواجهن المتوفين إن قرر الأبناء بيع المنزل، بينما تترك الأرملة للتنقل بين بيوت الأبناء»، مشيرة إلى أن «كثيراً من الوظائف لا تمنح المرأة بدل سكن، بينما يمنح الرجل بدلاً إضافياً للسكن، الأمر الذي يعد إجحافاً بحقوق المرأة الكويتية».

ولفتت الهندي الى أن «المرأة الكويتية المطلقة أو الأرملة لها قرض بقيمة 70 ألف دينار، لن يوفر سوى شقة بمساحة 100 متر، بينما ترتفع أسعار العقارات لتصل إلى 150-200 ألف دينار، بينما ستحصل المتزوجة بغير كويتي على بيوت منخفضة التكاليف»، مطالبة بـ «إقرار بدل سكن للمرأة الكويتية، سواء أكانت عزباء أم مطلقة أم أرملة، وأياً كانت جنسية زوجها ».

شاهد أيضاً

البحرين.. “الأعلى للمرأة” يشارك في ملتقى “التمكين الاقتصادي للمرأة” بدولة الإمارات العربية المتحدة

Share