الجمعة , 11 يوليو 2025

“جانيت يلين”.. أول امرأة تتولى وزارة الخزانة

جانيت يلين، المرأة التي من المتوقع أن تكون وزيرة الخزانة الأميركية التالية، تحب أن تروي قصة اهتمامها بالاقتصاد من خلال العودة إلى طفولتها في باي ريدج، بروكلين. كانت والدتها آنا معلمة، وكان والدها يوليوس طبيباً يعمل من منزل العائلة، حيث كان يعتني بالعديد من مرضى الطبقة العاملة في حيهم من المهاجرين الأوروبيين. في حدث أقيم في تكساس العام الماضي، قالت يلين: «كنت أسمع كثيرا أثناء نشأتي ما يعنيه للحياة الأسرية أن يفقد شخص ما وظيفته». قوة تجارب النضال الاقتصادي تلك ستدفع يلين، البالغة من العمر 74 عاما، لتصبح واحدة من أنجح اقتصاديي سوق العمل في جيلها، ولتصبح بين عامي 2014 و2018 أول امرأة تترأس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي. من المرجح الآن أن يدفع بها الرئيس المنتخب جو بايدن إلى أعلى منصب وزاري يشرف على أكبر اقتصاد في العالم والأسواق المالية الأميركية. لتكون بذلك أول امرأة تشغل هذا المنصب. بالنظر إلى سجلها، فإن مؤهلات يلين لقيادة وزارة الخزانة في عالم ما بعد دونالد ترامب ليست موضع شك، لكن المسؤولين الذين معها يقولون إنها تضفي أيضا لمسة إنسانية على قراراتها، وهي سمة تشتد الحاجة إليها مع اقتصاد يعاني كثيرا من آثار الجائحة. «إنها شخص واسع الأفق، بمعنى أنها تفهم أبعادا عديدة للواقع الكلي» وفق ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، الذي يضيف «إنها تفهم الاقتصاد وتفهم السياسة ولديها تعاطف وفهم عميق للمشاكل الاجتماعية. ومن النادر جدا العثور على هذه السمات مجتمعة في شخص واحد». تألق الجانب الذهني ليلين في وقت مبكر. كانت دائماً متفوقة وعلى رأس فصلها ومحررة الصحيفة في مدرسة فورت هاميلتون الثانوية، حيث أجرت في واحد من الإصدارات مقابلة ظريفة مع نفسها. بعد أن سخرت من نفسها بالقول إن «جانيت كبيرة السن وجذابة وموهوبة»، حددت هواياتها وشغفها كان من بينها علم المعادن والسفر، إضافة إلى ركوب العبارة 69، واستكشاف مدينة نيويورك، وقراءة الفلسفة حتى تتمكن من كتابة مقالات لا تحظى بشعبية. عائلة اقتصادية في جامعة براون وقعت في حب من النظرة الأولى مع الاقتصاد، وفي جامعة ييل حصلت على درجة الدكتوراه تحت إشراف جيمس توبين، الخبير في النظرية الكينزية، التي وضعها الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، التي تؤيد التدخل الحكومي في الاقتصاد. أصبحت أستاذة مساعدة في جامعة هارفارد، عندما لم تكن الاقتصاديات من النساء قلة فحسب، بل كن يتعرضن للتمييز في كثير من الأحيان، وهو ما حرمها من تولي منصب كبير في الجامعة، تخلت عن الأوساط الأكاديمية لتولي وظيفتها الأولى في مجالس الاحتياطي الفدرالي، وفي خريف عام 1977 التقت بالاقتصادي جورج أكيرلوف في كافتيريا البنك المركزي، الذي سرعان ما أصبح زوجها، وحصل بعد ذلك على جائزة نوبل. كتب أكيرلوف ذات مرة «لم تنسجم شخصياتنا بشكل مثالي فحسب، بل كنا دائما في حالة اتفاق تام بشأن الاقتصاد الكلي. خلافنا الوحيد هو أنها تدعم التجارة الحرة أكثر مني». الزوجان لديهما ابن واحد، وهو أيضا خبير اقتصادي. وقد نشروا أبحاثا اقتصادية معا، بما في ذلك العمل المهم حول كيف تعزز زيادة الرواتب الإنتاجية من خلال زيادة الحوافز للعمال. يقول موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين الأسبق في صندوق النقد الدولي وأستاذ في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، حيث انضمت يلين إلى هيئة التدريس في عام 1980: «لطالما كان تركيز جانيت دقيقا للغاية على سوق العمل، ونظرا للجائحة التي يشهدها العالم حاليا ستكون جيدة جدا في التركيز على الصورة المفصلة للقوة العاملة، الذين يبلون بلاء حسناً نسبياً ويعانون بالفعل». بصمة راسخة عادت يلين إلى مجلس الاحتياطي الفدرالي كمحافظ في عام 1994، حيث رشحها الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، وسرعان ما تركت بصمتها. فكما يقول دونالد كون، نائب رئيس الاحتياطي الفدرالي السابق، وأحد كبار الموظفين في ذلك الوقت: «كانت تأتي بالسؤال أو الملاحظة التي تصب في صلب الموضوع». بعد رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد كلينتون، أصبحت يلين رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في سان فرانسيسكو، وأطلقت بعض التحذيرات المبكرة بشأن فقاعة الإسكان. عادت إلى المجلس الاحتياطي الفدرالي كنائبة رئيس ورئيسة في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، اشتهرت بكونها مستعدة دائماً ومسلحة بملفات كثيرة، كما تتسم باللباقة ولا تتحدث أو تتصرف بتهور أو اندفاع. وكما يقول مسؤول سابق في الاحتياطي الفدرالي فإنها تتعمق في الحالات التي لا تكون فيها الأمور واضحة تماماً وتنطوي على الكثير من الغموض والفوارق الدقيقة. تفكيك تدخل «الفدرالي» كان التحدي الكبير الذي واجهته يلين هو البدء في حل وتفكيك تدخل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأزمة، بما في ذلك البدء في رفع أسعار الفائدة في عام 2015. كما حاولت أن تحدث فرقا في مجلس الاحتياطي الفدرالي وتجعله أكثر انفتاحا، إضافة إلى النظر في آثار عدم المساواة الهيكلية واحتضان التنوع. وتقول كلوديا سها، التي عملت تحت إشراف يلين «إنها تريد أن تسمع أصوات الآخرين، وهي قادرة على أن تجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من النقاش ومنخرطون في مداولاتها». Volume 0%

حرية أكبر للتعبير منذ أن تركت مجلس الاحتياطي الفدرالي، عملت يلين كزميلة في مركز أبحاث معهد بروكينغز في واشنطن، مما منحها حرية أكبر للتعبير عن رأيها، ولديها الآن فرصة لإظهار ما يمكن تحقيقه عندما يمسك مصرفي في البنك المركزي بعجلة السياسة. لكن لورا تايسون، الأستاذة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي والمسؤولة السابقة في البيت الأبيض التي دافعت عن انتقال يلين إلى واشنطن في التسعينيات، تقول: إن لا قوة ولا شهرة وظيفة وزارة الخزانة هي التي تقودها، إنها تفعل ذلك لخدمة الجمهور من خلال الأدوات التي لديها لفهم القضايا الاقتصادية. وتعشق يلين الطعام العالي الجودة وتتسم بروح المرح والدعابة، وكما يقول موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين الأسبق في صندوق النقد الدولي: «إنها لا تتمتع فقط بروح الدعابة بمعنى أنها مضحكة للغاية ولكنها أيضا تحب الضحك على نكات الآخرين، عندما تبتهج وتضحك على شيء ما، فإنها حرفيا تضحك حتى تبكي».

شاهد أيضاً

سوريا.. تعيين 4 سيدات في مكتب وزير الخارجية

Share