الجمعة , 20 يونيو 2025

د . رندا دياب بهمن تكتب: مكان العمل في المستقبل

على الرغم من أن جائحة كورونا كانت فترة صعبة بشكل لا يصدق، فقد حدثت خلالها تطورات إيجابية من حيث كيفية عملنا وطبيعته، مع المرونة والرفاهية اللتين وُضِعتا قبل الإنتاجية لِما قد يكون المرة الأولى في حياة المرء.
إذ تركز معظم تقارير الاتجاهات، التي تبحث في مستقبل مكان العمل، على الطريقة التي نعمل بها، وتتوقع المزيد من التغييرات المستقبلية أكثر مما تم إحرازه. إذاً، كيف نأمل أن يكون مكان العمل في المستقبل في ضوء مسارنا الحالي؟

المرونة في العمل

ستكون المرونة في ساعات/أيام العمل هي المعيار الجديد، وفي دراسة تجريبية حديثة، أجرتها شركة برايس ووتر هاوس كوبر للاستشارات العالمية، فقد بدأوا بشعار خاص للموظفين مفاده «ابدأ وقتما تشاء.. غادر وقتما تشاء»، الأمر الذي مكّن الموظفين من اختيار أيامهم وساعاتهم طالما أنهم حققوا كمية معينة كل أسبوع.

تم الإبلاغ بأن هذا الانتقال من سياسات مكان العمل التقليدية، مثبتاً أنه ذو تأثير كبير، حيث زاد من رضا الموظفين والإنتاجية أيضاً.

كما يقترح أحد مديريهم أن مستقبل مكان العمل هو مستقبل يتجاوز حدود وقت العمل، أيضاً في بحث محلي، تعلمنا أنه على الرغم من أن معظم الناس – خاصة الذكور- يفضلون العمل من المكتب بدلاً من المنزل، إلا أنه كان مجرّد تفضيل ولم يؤثر على إنتاجيتهم.

ساعات عمل مخفّضة

بالنظر إلى أن ساعات العمل التقليدية لم تتغيّر كثيراً منذ الثورة الصناعية الأخيرة، فإنه يُقال إنها تلبي احتياجات عالم به غالبية من الرجال، مع القليل من الاهتمام بالمسؤوليات خارج مكان العمل مثل الأُسرة، ومع استمرار النساء في الانخراط بالعمل ستصبح ساعات العمل المخفضة بشكل معقول هي الوضع الطبيعي الجديد وليس الاستثناء.

وبحسب الأبحاث، فإن العدد الأمثل لساعات العمل اليومي يجب ألا يتجاوز ست ساعات، وهو ما سيكون عليه الوضع الطبيعي الجديد، إذ سيمنحك العمل أيضاً إجازة لمدة أسبوع لغرض متابعة الحياة والمهمات في نهاية كل ربع سنة، وهذا ما سيمنع الإرهاق ويحفز المزيد من الابتكار والإبداع.

مؤخراً، قامت شركات، مثل LinkedIn، بتطبيق هذه الفكرة بنجاح، وأبلغت عن العديد من النتائج الإيجابية، علاوة على ذلك يتم الاعتراف بالتوازن بين العمل والحياة، كما ستكون هناك دور حضانة في الموقع من كل مبنى مكتبي بدلاً من المقاهي، وسيتم دعمها من قبل الحكومة كخطة لرعاية الأطفال الشاملة لتوفير فرص متساوية للجميع.

رفاهية الموظف

إدراكاً للعلاقة الحيوية بين الإنتاجية والرفاهية، سيتنافس أصحاب العمل للتأكد من أن الموظفين سعداء وبصحة عقلية جيدة، إذ سيكافئك أرباب العمل للحصول على اللياقة البدنية والحفاظ على صحتك العقلية.

يمكن أن تشمل الحوافز تراكم النقاط للاسترداد في شكل إجازة أو مكافآت نقدية، أيضاً سيتم تتبع كفاءة الموظفين لمعرفة نسب إنهاء المشاريع في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية، وهذا لضمان تقليل العمل الإضافي إلى الحد الأدنى، لأن العمل الإضافي سيكون مستاءً في المستقبل، ويعتبر مضيعة للموارد القيمة – الوقت – ومصدراً رئيسياً للتوتر، إذ سيفكر المديرون من حيث الكفاءات بدلاً من العمليات فقط، ويستخدمون التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع المهارات البشرية لتحقيق أفضل ميزة ممكنة.

سيكون من المنعش رؤية أصحاب العمل وهم ينظرون إلى الإنتاجية من منظور رفاهية الموظفين ورضاهم، وفعلياً لقد حان الوقت للنظر في هذه التغييرات بجدية، حتى نتمكن من الاستعداد بشكل أفضل للمستقبل والرفاهية العامة للمجتمع.

شاهد أيضاً

العبدالهادي يصدر الجزء الثاني من كتابه «مبدعات كويتيات»

Share