
في عام 1856 للميلاد خرجت آلاف النساء في نيويورك للاحتجاج في شوارع المدينة مناهضة للظروف اللاإنسانية التي كنّ يجبرن على العمل تحتها، وفي 8 مارس/ آذار 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد وقد حملن قِطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود، وتوالت التظاهرات والاحتجاجات على مر الزمن. وفي عام 1945 عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945، فصار يوماً عالمياً للمرأة، لكنه لم يُقر إلا في عام 1977 عندما أصدرت منظمة الأمم المتحدة قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة تختاره للاحتفال بالمرأة، فقررت أغلبية الدول اختيار الثامن من مارس/ آذار، وتحول ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في تظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
اليوم، ومع كل هذا الانفتاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي، حققت المرأة في شتى بلدان العالم جزءاً كبيراً من مطالبها، وساهمت بشكل مهم في بناء المجتمع. وفي مجتمعاتنا الخليجية، على سبيل المثال، تقلدت المرأة اليوم مناصب إدارية ووزارية مهمة، وشاركت في مختلف الأعمال والوظائف وحصلت على حقوق لم تحلم بها يوماً، في مجالات العمل والسياسة وغيرها، ولكنها ما زالت تطالب بالمزيد الذي يضمن لها حياة أسرية واجتماعية سليمة.
جرائم «العار» ما زالت تحصد أرواح الكثيرات في بعض المجتمعات العربية، والضمان الاجتماعي في ما يخص مستحقات الرواتب ما زال مغيّباً عنها في دول أخرى، كما هو حال معاشات التقاعد بعد الوفاة، وأحكام الاغتصاب لا تزال تنقص من قيمتها وكرامتها في دول عربية كثيرة، إضافة إلى بعض القضايا المتعلقة بالمحاكم الشرعية التي لا تزال تراها ناقصة عقل ودين.
ما وصلت إليه المرأة اليوم بعد مشوار من نضالها ونضال مناصريها، ليس بالهيّن ولا القليل، لكننا نحلم بأن تحصل المرأة على حقوقها كاملة من غير أن يقرر ذووها عنها مصيرها ومستقبلها.
المرأة التي أصبحت وزيرة، وعالمة، ومستكشفة ومعلمة ومهندسة وضابطة في الشرطة و…، لابد أنها قادرة بالفعل على التخطيط لمستقبلها من غير وصاية.
ونحن بهذا لا ندعو للعداء ضد الرجل، فلا يستقيم المجتمع إلا بشقّيه، ولكننا نطالب باحترام عقلها، ومشاعرها، وجهدها.