الخميس , 19 يونيو 2025

شروط «البناء العمودي» لحل أزمة السكن

مما لا شك فيه أن معظم الاسر الكويتية تطمح للحصول على بيت العمر، الا ان معضلة حل الازمة الاسكانية قد تحول دون تحقيق البعض لحلمه، فعدم توافر الاراضي وبطء إنجاز المناطق الجديدة جعلا فترة انتظار المواطنين للحصول على سكن تمتد لسنوات طويلة. ومع تشعب الأزمة الاسكانية، يتبادر للأذهان هل آن الأوان لأن يتقبل المواطن السكن في شقق؟ وهل سيسهم هذا الأمر في حل الازمة الازلية وكبح جماح اسعار البيوت التي باتت توصف بالجنونية؟

الحاجة ماسة اليوم لإيجاد منتج جديد يتمثل في شقق التمليك في المناطق السكنية، وتكمن ضرورتها في تغطية حاجة شريحة من المواطنين الذين قد يجدون منها الملاذ الآمن والخيار الأفضل والأسرع للاستقرار عوضاً عن السكن بالايجار او مواصلة الصبر للحصول على البيت المنتظر.

في السابق لم يمانع بعض المواطنين فكرة السكن في شقق، الا ان عدم الالتزام وانعدام الرقابة والتنظيم خلف انطباعاً سلبياً لدى المواطن عن هذا الصنف من العقار. ويقول رئيس اتحاد وسطاء العقار الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم، «مع الأسف أن هناك الكثير من الشقق انتهى بها المطاف بتقسيمها وتأجيرها لغير الكويتيين ولم يستفد منها المواطن، وشقق الصوابر الحكومية خير مثال على ذلك. لقد كانت الفكرة ببدايتها صحيحة، ففي السابق سكنها مواطنون ومن ثم بدأ التاجير فيها لغير الكويتيين وبعد فترة هجرت فأصبحت تؤجر للعزاب ولعدد من العوائل الآسيوية بحيث يسكن جميعهم في شقة واحدة».

ويزيد الدغيشم: «ذلك الى جانب شقق منطقة شمال غرب الصليبخات التي لاحظنا التأجير فيها ايضا، وقد تكون شقق التمليك من الحلول المؤقتة التي قد يستفيد منها حديثو الزواج فقط، ولا نرى أن شقق التمليك تكبح جماح الأسعار او تؤثر فيها، ذلك لأن الكثير يرغب عن السكن فيها».

قانون تملك الشقق

من المؤكد أن تعزيز مكانة شقق التمليك في السوق المحلي، من شأنه أن يعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي وكذلك الاجتماعي، وسيسهم في خفض الكثافة السكانية على المناطق السكنية، ما قد يدفع بقيمة السكن الخاص للنزول. الى جانب أن شقق التمليك ستتيح لرؤوس الأموال الصغيرة فرصة الدخول في سوق العقار وبشكل مباشر، عوضاً عن هجرة هذه الأموال للخارج، حيث إن تملُّك الشقق في ‫الكويت يحتاج قانوناً ينظمه للحد من الفوضى ولضمان حقوق الملاك، لكن في ظل انعدام الدعم المطلوب هل بات بالامكان القول ان الحكومة فشلت في تغيير ثقافة المواطن السكنية؟‬‬‬

ويقول نائب رئيس اتحاد مقيمي العقار عبدالعزيز الشداد ان تغيير فكر المواطن ليتقبل تجربة العيش في الشقة الكبيرة كحل للسكن يتطلب عمل تعديلات وسن تشريعات تسهم في تغيير ثقافة المجتمع تجاه العيش في شقق، إلا أن هذا الأمر قد يصعب تطبيقه على الأجيال الحالية فهم لن يتقبلوا الأمر. لكن سيكون بالإمكان تطبيقه على الأجيال القادمة على أن تكون هناك شقق كبيرة شبيهة بالفيلا بحيث تكون جاذبة ولها مميزات خاصة.

ويشير الشداد الى ان قانون ملاك الشقق لا يزال غير مفعل لفرز الوثائق الخاصة بشقق التمليك، إضافة الى ان الاجراءات الروتينية لانجاز المعاملات عادة ما تمر بدورة مستندية تستغرق وقتا طويلا، جميع هذه العوامل ادت الى عزوف المواطن عن الشقق السكنية، ناهيك عن شروط البنك المركزي المشددة بشأن إقراض اصحاب الشقق. لا بد ان تعمل الحكومة على تسهيل هذه الامور للمواطنين لتشجيعهم على التوجه للسكن في شقق التمليك. اما في حال ظل الحال على ما هو عليه الآن، فإن الشقق لن تشكل حلا للازمة السكنية، وغالبا من يلجأ للسكن بالشقق هن المطلقات أكثر من غيرهن سعياً وراء ايجاد عنصر الامان. فضلاً عن ذلك هناك شقق يتم تداولها لكنها لن تكبح جماح الاسعار، لذا يمكن القول ان شقق التمليك موضوع معقد جدا ومن الممكن أن تكون شقق التمليك حلاً فقط إذا اقتنعت الحكومة أولا بهذه المتغيرات.

نسب بناء جيدة

يرى الدغيشم ان المجتمع الكويتي كان ومازال من المجتمعات المحافظة، وهذا النمط من الحياة له خصوصية معينة. وان الحكومة قد عودت المواطن من الاساس على ان يكون له قسيمة او بيت تلتزم الدولة بتوفيره له، فلذلك حتى لو كانت المساحة صغيرة فسيفضل المواطن أن تكون فيلا او بيتاً بنسبة بناء جيدة ومتعدد الأدوار على ان توفر له شقة. وبالنهاية سيقبل المواطن بالبيوت ذات المساحة 250 متراً مربعاً شريطة ان تضاف لها نسبة بناء جيدة لتعدد الأدوار حيث إن المساحات الصغيرة ستعمل على التقليل من نسب الطلبات السكنية، خصوصاً أن العديد من المواطنين لن يقبلوا بفكرة الشقق.

شقق سكنية للشباب

يقول الشداد: إن الشقق قد تكون حلاً للازمة الاسكانية وللاسعار، من خلال منح الشاب المقبل على الزواج شقة جيدة مقابل عدم الانتظار في طابور الرعاية السكنية لسنوات للحصول على منزل. وان المنازل ذات المساحات 250 متراً مقبولة جدا، وهذا الامر تم تطبيقه في السابق بعدد من المناطق كالشامية وكيفان والدسمة وحاليا يتوارثها الاجيال، فهو حل تمت تجربته ومقبول في حال تم تمييز المنطقة التي يتم طرحها بهذه المساحات على أن تكون قريبة من الخدمات مع الأخذ في الاعتبار عدم التقيد بمساحات الـ250 متراً عند انشاء أي مدينة جديدة حتى تتوافر الخيارات بمساحات متنوعة بين 250 أو 500 أو 700 متر مربع، وهذا يفتح المجال لقدرة المواطن عند اختيار نموذج للبيت حسب قدرته المالية، كما أن التنوع يعزز الصبغة الجمالية والتصميم والشكل للمدن الجديدة، وتلك ستكون عناصر جذب كبيرة للمواطن وتسهم في رصيد الدولة لطرح الأراضي بالمزادات.        

شاهد أيضاً

«ميد»: سوق المشاريع الكويتية يضيف 19 مليار دولار إلى قيمته

Share