السبت , 21 يونيو 2025

فوربس.. ما هي فرص النمو في اقتصادات الشرق الأوسط؟

يمر الشرق الأوسط بمرحلة من التقلبات الحادة، في ظل بقاء أسعار النفط العامل المهيمن الذي يحدد آفاق المنطقة الاقتصادية. وقد تعين على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي أن تتحرك بسرعة أكبر، في وقت تواجه فيه عجزًا مالياً ضخماً. مما يدفعها إلى البحث عن مصادر بديلة لتمويل ذلك العجز وسده، وعن مبادرات الخصخصة، واحتمالات فرض ضريبة القيمة المضافة.

وعند التفكير بأحداث العام الماضي والربع الأول من هذا العام، نتساءل: أين تتجه المنطقة وفقاً لما تؤشر عليه الحقائق الاقتصادية؟

كان عام 2016 هو الأسوأ على الدول المصدرة للنفط، فقد بلغ معدل سعر خام برنت للبرميل 44 دولار، ليسجل الحد الأدنى له خلال عقدين من الزمن تقريباً، بالمقاييس المعدلة بالتضخم. لكن ارتفع السعر مذ ذاك، مدعوماً بالتعاون التاريخي بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط والدول المصدرة غير المنتمية إليها، مما أتاح مهلة لاقتصادات المنطقة.

لكن تبقى هناك عجوزات مالية ضخمة للدول المنتجة للنفط، بما فيها تلك التي حققت فوائض في الأعوام الماضية، فدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة تعاني من عجز بلغ 11.1 % من الناتج المحلي الإجمالي تقريباً، يتراوح بين 3.6 % في الكويت، وما نسبته 20.6 % في سلطنة عمان.

وبالرغم من مناقشة الإصلاحات الضريبية في عدد من الدول، بما في ذلك التدابير المثيرة للجدل، كفرض الضرائب على حوالات المغتربين المالية، طبقت القليل من التدابير الجديدة في الواقع إبان عام 2016 .

كما ظهرت بعض التدابير سهلة التطبيق، مثل: زيادة رسوم الخدمات الحكومية، لكن البدء بفرض ضرائب جديدة إجراء صعب من الناحيتين السياسية والفنية، ووزارات المالية الخليجية منشغلة في التحضير لبدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في عام 2018 .

فيما مضت بعض الدول بزيادة الإنتاج النفطي في عام 2016 ، لتعظيم الإيراد المتحقق منه، بينما عانت أخرى من انقطاع الإنتاج لعمل الصيانة.

وخارج دول مجلس التعاون الخليجي، تسببت الاستثمارات السابقة في ارتفاع مضطرد في إنتاج العراق، أدى إلى نمو ناتجها المحلي الإجمالي ككل بنسبة 11 % تقريباً، وفقاً لآخر تقدير صادر عن صندوق النقد الدولي. وقد تحقق هذا بسبب تحييد معظم منشآت العراق تحييدًا تاماً عن مناطق النزاع على العكس مما يجري في ليبيا، حيث خفضت الحرب الأهلية الصادرات النفطية بصورة دورية، وأسهمت في حدوث انكماش للعام الرابع على التوالي وسرعان ما جنت الدول المستوردة للنفط، مثل مصر والأردن، في

غضون ذلك فائدة من أسعار النفط المنخفضة، تمثلت في تقليص عجز حساباتها الجارية ومستويات التضخم. بينما بقيت العجوزات المالية الهيكلية الضخمة قائمة في بعض الدول، كمصر تحديدًا. كذلك تؤثر هيمنة أسعار النفط المنخفضة سلباً على الدول المستوردة، بسبب روابطها العميقة بدول مجلس التعاون الخليجي، والمتمثلة في الحوالات المالية والصادرات، إلى جانب المعونات والتدفقات الاستثمارية.

ويبدو أن مصدري النفط الأثرياء تقبلوا حقيقة استمرار انخفاض أسعار النفط، فقد بدأت حكومات دول الخليج بالبحث عن طرق مالية جديدة لتمويل برامج الاستثمار الطويلة في البنى التحتية. وسيحوز هذا المسعى على جل الاهتمام في عام 2017 وما بعده، لأن معظم الدول ستظل تواجه عجوزات مالية حتى لو تحسنت الأسعار تحسناً طفيفاً )من المرجح وصولها إلى المستوى الذي يتراوح بين 50 دولار و 60 دولار تقريباً خلال الأعوام القليلة المقبلة(.

تستفيد الحكومات من العديد من مصادر التمويل الدولية، مثل التوجه إلى سوق السندات الدولية، وبيع الأصول )سواء أوراق مالية مملوكة لصناديق الثروة السيادية، أو خصخصة جزئية للشركات المملوكة للدولة( وإبرام الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وبدأ هذا التحرك النشط في أسواق الدين، والخصخصة، وعقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص منذ مدة وجيزة فقط، ولا بد له من خلق فرص تجارية مثيرة للاهتمام، تساعد على إعادة إحداث توازن جزئي لأدوار القطاعين العام والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يمكن إنكار فرصة النمو في المنطقة، سيما في أسواق مثل أسواق مصر والمملكة العربية السعودية، اللتين حددناهما بصفتهما “جيوب فرص” أي اقتصادات أصغر حجماً لكن بآفاق مشرقة، كنتيجة لارتفاع النمو السكاني ونصيب الفرد من الدخل.

إننا نلمس تزايد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السعودي بأكثر من 4 أضعاف، بينما مصر ستبقى دولة دخل متوسط حتى عام 2050 ، لكن من المتوقع أن يغدو معدل نموها واحدًا من أعلى معدلات النمو بين الاقتصادات الكبرى، بارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فيها بما يفوق 6 أضعاف.

تدور توقعاتنا حول احتمالات نمو هذه الاقتصادات، على فرض اتباع سياسات مواتية للنمو بنطاق واسع. وهي تساعد على فهم المسار الشائك، وإرشاد وتوجيه القرارات المتخذة في عالم الأعمال، سيما المتعلقة منها بالاستثمارات طويلة الآجال. لكنها تظل متوقفة على متابعة حكومات المنطقة استكمال التعديلات المالية والاقتصادية الضرورية لتحقيق هذا النمو المحتمل.

شاهد أيضاً

«كامكو إنفست»: النشاط غير النفطي زاد خليجياً

Share