
مضت نحو 11 أسبوعاً على إعدام قطب الأعمال الصيني لاي شيومان، الذي كان يلقب يوماً ما بإله الثروة، في مدينة تيانجين الصين، بعد اتهامه في إحدى أكبر قضايا الفساد في الصين والتي يقع في قلبها شركة Huarong لإدارة الأصول التي تسيطر عليها الحكومة الصينية.
ظل الرجل لا يزال يخيم على إحدى أكبر قضايا الفساد في الصين ويثير المزيد من التوتر والقلق في أوساط المستثمرين حول العالم من هونغ كونغ إلى لندن وفق العربية نت، إذ تتواصل الأسئلة المحيرة المتعلقة بهل تسدد الحكومة الصينية نحو 23.2 مليار دولار من أموال السندات التي اقترضها شيومان أم أنها ستترك المستثمرين يعانقون الخسائر وحدهم؟
ستكون لردة الفعل التي ستتخذها الحكومة الصينية تبعات هائلة على موثوقيتها في الأسواق الدولية، إذ إن تعثر شركة Huarong عن سداد ديونها سيوجه ضربة قاصمة لإحدى الاستراتيجيات الأساسية التي تنتهجها الحكومة الصينية وهي الدعم الذي تقدمه الحكومة للمؤسسات التابعة لها.
لحظة فاصلة
يقول محللون لوكالة بلومبيرغ إن تخلف الشركة الصينية عن سداد ديونها سيكون بمنزلة لحظة فاصلة في تاريخ أسواق الائتمان في آسيا والصين. وقال رئيس استراتيجيات الائتمان لدى بنوك الاستثمار الأسترالية للوكالة «إنه أمر غير مسبوق أن تتعثر شركة مملوكة للحكومة على غرار Huarong عن سداد ديونها».
ومنذ الأزمة المالية الطاحنة التي ضربت الأسواق الآسيوية في تسعينيات القرن الماضي، لم يطفُ على السطح أزمة شبيهة لما يحدث مع سندات Huarong في الوقت الحالي، إذ بلغ سعر السندات التابعة للشركة، وهي أحد أكثر السندات التابعة المرتبطة بشركات الحكومة الصينية انتشارا في أوساط المستثمرين الدوليين، مستويات قياسية متدنية حول مستوى 52 سنتاً للسند الواحد.
مخاوف متنامية
ويوم الخميس الماضي أعلنت الشركة الصينية عن استعدادها لسداد مدفوعات ديون بنحو 450 مليون دولار لاحد إصدارات سنداتها التي تستحق في 27 أبريل الجاري، في وقت قال فيه أحد المصادر لوكالة بلومبيرغ إن الشركة تخطط لسداد المدفوعات بحلول تاريخ يوم الاستحقاق من دون تأخير.
ولكن المخاوف المتعلقة بالتعثر عن السداد في تنام مستمر، إذ تدين الشركة الصينية للمستثمرين في الداخل والخارج بسندات تقدر قيمتها بنحو 42 مليار دولار، في وقت يبلغ فيه حجم المدفوعات المستحقة على الشركة من تلك السندات نحو 17.1 مليار دولار بنهاية 2022.
انحراف عن المسار
لم تجر الأمور كما خطط لها لشركة Huarong الصينية، التي أنشئت في تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الأسواق الآسيوية إذ تم تأسيس الشركة بهدف احتواء أزمة وليس خلق أزمة جديدة كما جرى في الوقت الحالي.
كان الهدف من إنشاء الشركة في ذلك التوقيت هو احتواء القروض الرديئة التي كانت تهدد مستقبل القطاع المصرفي الصيني، إذ كانت الشركة في حينه بمنزلة مستودع لقروض متعثرة بالمليارات حصلت عليها الشركات التابعة لسيطرة الحكومة الصينية.
ومنذ تولي لاي شومان قيادة الشركة في عام 2012، تحولت دفتها للتركيز على بنوك الاستثمار والعقارات، ولعبت دورا فعالا في القطاع المالي الصينية، والذي تقدر حجم أصوله بنحو 54 تريليون دولار.
وقبل طرح الشركة في بورصة هونغ كونغ بالعام 2015، باعت حصصا فيها لمجموعة من المستثمرين من بينهم بنك الاستثمار العالمي غولدمان ساكس بنحو 2.4 مليار دولار. ومنذ الإدراج تراجع سهم الشركة الصينية بنحو %67.
الحقيقة القاتمة
كانت الأمور تسير على نحو طبيعي بالنسبة إلى لاي شيومان، قبل أشهر قليلة من الآن فلم يكن أحد يتوقع أن تسمح الحكومة الصينية بانهيار أحد أهم أذرعها الاستثمارية على الإطلاق.
وكان الرجل الذي كان يوما ما رمزا للثروة والقوة في آن واحد يمول خطته الطموح للتوسع في وقت تحول فيه Huarong إلى ما يشبه بنكا يعطي القروض للشركات التي لا تستطيع تلبية شروط البنوك الصينية للحصول على التمويل.
ولكن حقيقة الأمر كانت سوداء، إذ إن الغالبية العظمى من تلك القروض لم تراعِ شروط الائتمان التي تحددها السلطات الصينية ما تسبب في نهاية المطاف في انهيار Huarong والمصير المأساوي الذي لاقاه شيومان بالموت على منصات الإعدام.