قصة نجاح مبتكر “التوأم الرقمي”

 لم يحضر تشيس فيغر درساً واحداً خلال عامه الأول في كلية الطب عام 2012. وهذا ليس لأنه كان كسولًا في الواقع، بل على العكس تماماً. ففي الوقت الذي كان يجتاز فيه معظم زملائه متطلبات دراستهم بصعوبة في كلية إيكان للطب في مستشفى ماونت سيناي- نيويورك، كان فيغر ينام لـ4 ساعات فقط يومياً، ويستيقظ في الـ4 صباحًا، ليستمع بسرعة إلى المحاضرات المسجلة التي فوتها، ثم يذهب إلى (First Round Capital) حيث كان يعمل مستشاراً لإحدى المحافظ.

كان هذا الشاب، 24 عاماً آنذاك، الذي درس التكنولوجيا والسياسة الصحية في جامعة بنسلفانيا، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في إدارة العمليات من جامعة كمبردج- مهووساً بالتقنيات القابلة للارتداء مثل (Google Glass) وهي نظارات ذكية صممت من قبل (Google X). وقد شعر أن شاشة محمولة على الرأس يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في تحسين الصحة من خلال السماح للأطباء بالوصول إلى السجلات الطبية للمريض دون مقاطعة الفحص.

وجد فيغر الفرصة مثيرة للاهتمام لدرجة أنه بعد عامه الأول من الدراسة في كلية الطب، تخلى عن وظيفته وعلق دراسته حتى يتمكن من إنشاء شركة مع رائدا أعمال آخرين لديهما الميل نفسه، وهما ريان جوني ويان-دافيد إيرليتش. فأطلقوا شركتهم الناشئة (Wearable Intelligence) في يونيو/ حزيران 2013 بتمويل أولي (seed ) بقيمة 1.3 مليون دولار من (First Round Capital) وغيرها. واتخذت الشركة تحوّلًا مبكرًا، حيث حولت تركيزها من المستشفيات إلى المصانع وتخلت عن (Google Glass) لصالح إنشاء برامج للعمال في القطاع الصناعي.

فيما تدعى الشركة اليوم (Parsable) ومقرها سان فرانسيسكو، وهي تحاول تغيير الطريقة التي يتم بها العمل في المصنع بشكل أساسي، عن طريق إنشاء سجل رقمي للأنشطة البشرية، ودمجه بسلاسة في أنظمة التصنيع الآلي، لمساعدة الشركات على تحسين الإنتاجية والجودة والسلامة. إنها إصدار القرن الحادي والعشرين لنظرية الإدارة العلمية لفريدريك وينسلو تايلور، التي سعت إلى تحسين الكفاءة من خلال قياس حركات العمال بطريقة منهجية، للعثور على أفضل طريقة للقيام بالمهمة. ومثل تايلور، تهدف (Parsable) إلى جعل الناس دقيقين كالآلات، يقول فيغر الذي ظهر في قائمة فوربس “30 Under 30” لعام 2017: “كانت رؤيتنا تحويل البشر إلى أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) ”

ويضيف لورنس ويتل، خبير مخضرم في قطاع البرمجيات لـ26 عامًا، والرئيس التنفيذي لـ(Parsable) منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016: “لا يمكن الاستغناء عن الإنسان على الإطلاق. ونثق بأننا نقدم له نفس مستوى الأتمتة الذي تحصل عليه الآلات. نحن نسميه التوأم الرقمي. ”

يحل برنامج (Connected Worker) لـ(Parsable) محل العمليات الورقية اليوم في البيئات الصناعية، حيث لا تكون أجهزة الحاسوب عملية. فبدلاً من حمل أجهزة الاتصال اللاسلكي والمجلدات المليئة بالسجلات والإجراءات المهمة، يقوم الموظفون بالنقر أو المسح أو تحديد المهام على الهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي، وقياس كل إجراء يتم اتخاذه. والأهم من ذلك، إنشاء سجل رقمي يمكن استخدامه لتحليل المشكلات أو تحسين الإنتاجية. وباستخدام الرسائل الصوتية والصور والفيديو، يمكنهم أيضًا مشاركة المعلومات المهمة مع المشرفين أو الزملاء في فترات العمل الأخرى، مما يتيح مستوى نوعياً من التعاون غير متوافر اليوم.

وقد جمعت الشركة تمويلاً بـ70 مليون دولار من عدة صناديق استثمارية وجهات داعمة صناعية، بما فيها (Lightspeed Venture Partners) و(Andreessen Horowitz) و(Airbus Ventures) و (Saudi Aramco Energy Ventures) و(B37 Ventures). وحددت الجولة الأخيرة في مايو/ أيار 2018 قيمة الشركة عند 250 مليون دولار. فيما تتوقع (Parsable) نمو الإيرادات المركّبة بنسبة 200٪ خلال الأعوام القليلة المقبلة، لتصل إلى 50 مليون دولار. ويشمل العملاء شركات صناعية كبرى مثل (Corteva Agriscience) القسم الزراعي في (DowDuPont) وشركة النفط والغاز العملاقة (Schlumberger) والشركة المصنعة لعلب الألمنيوم (Silgan) وكذلك الشركات الناشئة الصغيرة في وادي السيلكون مثل (Zume) الشهيرة بخدمة توصيل البيتزا المعتمدة على الروبوتات (فوربس).