الجمعة , 20 يونيو 2025

كيف تستفيد الدول من رجال الأعمال اقتصادياً ؟

د. بلقيس دنيازاد عياشي

يساهم القطاع الخاص في تعزيز جهود التنمية من خلال خلق مجتمع منتج، وبناء اقتصاد متنوع قادر على المنافسة، والعمل على رفع وتشجيع ثقافة الريادة والابتكار، حيث عمدت العديد من الدول المتقدمة إلى تعزيز هذا النوع من الاستثمارات وتشجيعها من خلال توفير كل أنواع الدعم والتمكين لرجال الأعمال والقطاع الخاص تحديداً من أجل لعب دوره كشريك فاعل في عملية التنمية وتحقيق التنويع الاقتصادي وذلك نظراً للدور البارز الذي يلعبه هذا القطاع في قيادة قاطرة التنمية في المستقبل. ومن بين أنجح التجارب العالمية في تشجيع قطاع رجال الأعمال والتي أعطت ثمارها نجد التجربة اليابانية التي رفعت شعار: «تشجيع زيادة روح المبادرة هو أفضل وسيلة لليابان لتحقيق نمو اقتصادي مستدام». ويؤكد رئيس الوزراء الياباني SHINZO ABE: «أنه وبالرغم من الزخم الاقتصادي المعقد الذي يشهده العالم، والاقتصاد المرتبك الذي نعيشه، إلا أن هنالك (رصاصة سحرية) واحدة تضمن نموًا مستدامًا، ألا وهي ريادة الأعمال».

1-علاقة طردية


تبين آخر الدراسات وفق المحلل Jesper Koll الذي تم تصنيفه كأفضل خبير استراتيجي / اقتصادي في اليابان، وهو كبير مستشاري شركة WisdomTree أنه في جميع الاقتصادات الكبرى، التي تم تتبعها على مدى السنوات الخمسين الماضية فإن أفضل علاقة ارتباط سببية إيجابية لتفسير نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي هي النسبة المئوية لأصحاب المشاريع من السكان، في الأساس ، إذا زاد عدد رواد الأعمال بنسبة 1% من إجمالي السكان، فإن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يحصل على دفعة تبلغ حوالي 0.5%. وعليه فإن رجال الأعمال يساهمون في تأثيرات إيجابية على اقتصاد بلدانهم، ويمكن تليخص تلك التأثيرات في العناصر الأربعة التالية: 1- مناصب الشغل
يعد توفر مناصب الشغل والدخل الفردي أساس ازدهار أي اقتصاد، لذلك فمن الناحية العملية، تبرز أهمية وقوة ريادة الأعمال في مدى توفيرها لمناصب شغل، ودائما ما تكون الشركات الخاصة هي التي تخلق فرص العمل وفرص زيادة الدخل، وتشير آخر الإحصائيات أنه تم خلق ما مجموعه 4.8 مليون فرصة عمل من قبل رجال الأعمال الذين بدأوا مغامرة الشركة خلال العقد الماضي (10 سنوات)، من جهة أخرى أكدت الدراسات أنه لا ينبغي التقليل من أهمية الشركات «في منتصف العمر« ، ففي اليابان ساهمت الشركات الناشئة التي تتراوح أعمارها بين 10 و 50 عامًا في خلق 4.6 مليون وظيفة جديدة، وبالتالي أحد أكثر التأثيرات الإيجابية التي يتسبب بها رجال الأعمال على الاقتصاد هو خلق فرص العمل وخفض مستويات البطالة. في البلدان المتقدمة، نرى أن ما يقرب من 40 إلى 50 ٪ من القوى العاملة يعملون في مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي بدأها أفراد مغامرون للغاية، وبالمثل في بلدان مثل الهند، نرى أن ملايين النساء استطعن إخراج أسرهن من الفقر من خلال العمل الحر وريادة الأعمال التي أصبحت ممكنة من قبل مختلف المنظمات غير الحكومية وبسبب توافر هذه الموارد من خلال التمويل الصغير. وتعد إفريقيا مثالاً جيدًا آخر لأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يساعدون في الحد من الفقر ومساعدة الكثيرين على تجنب العوز، لذلك بناءً على كل ما تم ذكره أعلاه، من الواضح أن رواد الأعمال يمكن أن يتسببوا بدرجة كبيرة في التأثير على الاقتصاد من خلال خلق فرص العمل وتوليد الدخل.

2- زيادة المنافسة
التأثير الإيجابي الآخر لريادة الأعمال على الاقتصاد هو زيادة مستوى المنافسة حيث ينضم رواد الأعمال الجدد إلى المعركة في الأسواق المحلية القائمة. في حين أن المرء قد يجازف بالقول إن هذا لن يؤدي إلا إلى تشبع السوق، فإن الاتجاه الصعودي لهذه الظاهرة هو أنه يجعل جميع اللاعبين في السوق يعيدون تقييم قدراتهم التشغيلية، ويزيدون من القيمة المضافة ويخفضون التكاليف ويصبحون أكثر كفاءة. وبالتالي يمكن القول أن المنافسة تقلل من احتمال الاحتكارات واحتكارات القلة في السوق وهي مفيدة للعميل والاقتصاد ككل.

3- زيادة الإنتاجية
تتمثل إحدى مزايا المنافسة المتزايدة في الاقتصاد في استمرار الأفراد والشركات في البحث عن طرق يمكنها تحسين عملياتهم بشكل أفضل واستخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة والأهم من ذلك خفض التكاليف مع إضافة القيمة. كل هذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة في الإنتاجية في الاقتصاد وزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وهو في الواقع فائدة للاقتصاد. بينما يميل المعارضون إلى القول إنه عندما تزيد الإنتاجية، يمكن أن تزيد البطالة في كثير من الأحيان، مما يقلل من الآثار الإيجابية، ويرى الكاتب أن زيادة الإنتاجية التي تؤدي إلى زيادة البطالة ستؤدي بعد ذلك إلى المزيد من الأفراد ليكونوا مبدعين، ويجدون أسواقًا ملائمة ، ويصبحون رواد أعمال والبدء في توليد المزيد من فرص العمل، وبالتالي إعادة اختراع العجلة ودفع الاقتصاد إلى الأمام.

4- أسواق جديدة
يمكن أن تتسبب المنافسة المتزايدة في السوق في التشبع ونتيجة لذلك قد يدفع الكثير من رواد الأعمال إلى البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتهم وخدماتهم أو تكييف أساليب اختراق السوق. وفي كلتا الحالتين، يمكن اعتبار هذه الظاهرة المتمثلة في زيادة المنافسة، والتي تؤدي في النهاية إلى بحث الأفراد عن أسواق جديدة، تأثيرًا إيجابيًا على الاقتصاد، لذلك يمكن اعتبار رواد الأعمال يلعبون دورًا مهمًا للغاية في الاقتصاد. مع استمرار تكامل الاقتصادات بسبب العولمة، غالبًا ما يميل رواد الأعمال إلى البحث عن الأسواق الخارجة عن مجالهم المحلي، مما يولد عائدات أجنبية ويزيد من ازدهار الاقتصاد ككل. على الرغم من أن هذا قد يكون تفسيرًا بسيطًا للغاية للتأثير الذي يحدثه رواد الأعمال على الاقتصاد، إلا أنه من الآمن أيضًا القول بأن توليد فرص العمل وزيادة المنافسة وتوسيع السوق واختراق الأسواق وتوفير مصادر جديدة للأسواق كلها تؤدي إلى توليد دخل يساعد في النهاية الاقتصاد ليصبح أكثر ازدهارًا، ويخرج الملايين من الفقر ويولد الأموال لأنشطة الرعاية الاجتماعية التي ترفع في نهاية المطاف مستويات معيشة مواطنيه. استنتاج نهائي من الواضح أن التأثيرات الإيجابية لأصحاب المشاريع على الاقتصاد، تفوق بكثير الآثار السلبية، فإن خلق فرص العمل، وخفض مستويات البطالة، وزيادة المنافسة، وفتح أسواق جديدة، وزيادة الإنتاجية، وتوليد الدخل الأجنبي، وتخفيف حدة الفقر، هي بعض من الآثار الإيجابية التي يتمتع بها رواد الأعمال على الاقتصاد. ومع ذلك ، هذا لا يعني أنه لا توجد أي آثار سلبية مثل إهدار الموارد ونهبها، ومع ذلك، فإنه من الواضح أن أصحاب المشاريع يؤثرون على الاقتصاد بشكل إيجابي.

  • دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك
    نقلا عن القبس

شاهد أيضاً

الاتحاد النسائي الإماراتي ينظم ملتقى “جودة الصحة النفسية للمرأة”

Share