السبت , 21 يونيو 2025

كيف تُحوّل شركتك لتصبح عظيمة؟

يبدأ المؤلف جيم كولينز كتابه «من جيد إلى عظيم» بطرح تساؤل: لماذا تحقق بعض الشركات قفزة لتصبح من شركة جيدة إلى شركة عظيمة في غضون سنوات؟

هناك شركات كانت سابقاً جيدة في مبيعاتها وأرباحها وتأثيرها المحلي والعالمي مقارنة بالشركات المنافسة، لكن لمجرد قيامها بعمل بعض التغييرات في الشركة تحولت إلى شركة عظيمة في مبيعاتها وأرباحها وتأثيرها ورؤيتها على الناس خلال فترة محدودة، ما هو السر في هذا التحول وكيف نستطيع استنساخه لشركات أخرى لكي تحقق هذا النجاح نفسه؟

للإجابة على هذا السؤال، مكث جيم كولينز وفريقه 5 سنوات في دراسة بيانات 1435 شركة أميركية على مدار 40 سنة، وبعد بحث مضن اكتشف أن الشركة التي تمكنت من تحقيق نقلة كبيرة، وتبلغ قيمتها السوقية 3 أضعاف الشركات العادية، كانت 11 شركة فقط.

كيف أصبحت هذه الـ 11 شركة من شركة جيدة إلى عظيمة؟ يشرح جيم كولينز هذه الإجابة في كتابه من جيد إلى عظيم، في 5 أفكار رئيسية:

1 – قيادة من المستوى الخامس

وجد كولينز أن السمة المشتركة للشركات الكبرى هي تعيين مديري «المستوى الخامس من القيادة» على أنه مفتاح للانتقال من الجيد إلى العظيم.

قائد المستوى الخامس شخص يمزج بين التواضع الشخصي الشديد والإرادة المهنية القوية، هؤلاء القادة طموحهم موجه نحو الشركة وليس نحو أنفسهم، ويتصفون بالتواضع والإرادة الفولاذية، ويحمل المديرون من المستوى الخامس أنفسهم المسؤولية الكاملة عن الأخطاء التي تقع فيها الشركة.

يصنف كولينز المستويات الإدارية الخمسة في الشركة بدءاً من فرد بقدرات عالية ثم عضو في الفريق المساهم، ثم مدير الكفاءات، يليه قادة فعالون، أخيراً القادة العظماء من المستوى الخامس، الذين لديهم قدرات المستويات الأربعة الأخرى بالإضافة إلى مزيج فريد من الإرادة والتواضع.

عندما بدأت شركة فيليب موريس الأميركية التوسع للأسواق الخارجية، كلّف مؤسس الشركة فيليب موريس مسؤول التسويق الشاب بإدارة خطة الشركة بالدخول في الأسواق الجديدة بدلاً من تعيين خبير من خارج الشركة، كانت مغامرة كبيرة أن يقود هذا الشاب، الذي لا يملك خبرة في الأسواق الجديدة دفة القيادة، لكنه نجح باقتدار واستطاع بيع منتجات الشركة في أكثر من 150 دولة حول العالم.

يقول كولينز إن 10 من 11 شركة كانت تعتمد على موظفيها من يتمتع منهم بصفات قائد من درجة المستوى الخامس في إدارة أعمال الشركة بدلاً من الاستقطاب الخارجي.

2 – سياسة القنفذ

قبل ما يزيد على 2700 عام، كتب الشاعر الإغريقي أرخيلوخوس العبارة التالية: «إن الثعلب يعرف أشياء كثيرة، ولكن القنفذ يعرف شيئاً واحداً كبيراً».

يقول جيم كولينز إن الشركات تكون أكثر عرضة للنجاح إذا كانت تعمل بإستراتيجية القنفذ بحيث تركز على شيء واحد وتقوم به على نحو جيد، موضحا أنها من خلال القيام بذلك، يمكنها أن تتغلب على منافسيها لتصبح شركة كبرى، بينما الثعالب تكون لديها أفكار وخطط كثيرة فتكون مشتتة وهذا يعطي نتائج ضعيفة نتيجة عدم التركيز.

أيضاً، الشركات التي حققت نجاحا بدأت بسؤال ماذا يجب أن نتوقف عن فعله؟ بدلاً من السؤال التقليدي ما يجب أن نفعله الآن؟

في عام 1996 واجهت شركة أبل شبح الإفلاس، واستنجدت برئيسها السابق ستيف جوبز لوضع خطة لإنقاذها، قرر ستيف جوبز أن ينقذ الشركة من خلال التركيز على التقليل من إنتاج 25 منتجا إلى 4 منتجات فقط والتميز فيها، بعد سنة واحدة حققت الشركة نجاحات مهولة.

3 – من أولاً ثم ماذا؟

قبل البدء في أعمال الشركة أو أي مشروع جديد لابد من اختيار الأشخاص المناسبين لقيادة هذا المشروع، يُخالف جيم كولينز فكرة وضع المدير لرؤية للشركة ومستقبلها ثم قيادة الفريق نحو تحقيقها، ويقول إن الصحيح هو أن الشركات العظيمة تركز على إحضار الأشخاص المناسبين إلى الشركة قبل الانطلاق أصلًا. وعليك أن تضع أفضل موظفيك في أكبر فرصك، وليس أكبر مشاكلك.

بعد ذلك تتم الثقة في هذا الشخص المناسب وتوفير كامل الموارد والصلاحيات لإنجاح عمله.

4 – احصل على الأشخاص المناسبين على متن الحافلة

يشدد كولينز على أهمية الإدارة الجيدة، فجميع الشركات تملك موارد، لكن بسبب الإدارة السيئة تكون النتائج غير جيدة بسبب سوء إدارة هذه الموارد. بالتالي فإن من شرط تحول الشركة لتصبح شركة عظيمة أن تعرف من يرافقك في الحافلة وهل هم الأشخاص المناسبون لإدارة أعمال الشركة؟

القادة المناسبون يواجهون الحقائق القاسية بشجاعة ويطرحون أسئلة لتحديد وتقييم الحقائق المحددة في الشركة وفي بيئة عمل الشركة ومستقبلها، بهذا سوف تصبح الحلول واضحة ويسهل التعامل معها.

إذا كان لديك شك، فلا تقم بالتوظيف استمر بالبحث، حتى لو قمت بـ 500 مقابلة وظيفة، فلا مانع من رفضهم جميعاً والبحث عن الأفضل.

تعزيز ثقافة الانضباط في المنظمة وليس فرض الانضباط، بحيث تكون الأهداف واضحة للجميع سوف يساعد الموظفين على معرفة ما يجب عليهم فعله ويسهل من عملية الانضباط، وباتباع إستراتيجية القنفذ سوف تقل الحاجة إلى استخدام البيروقراطية والهرمية، هذا يعني أنه ليست هناك حاجة للسيطرة بشكل مفرط على تصرفات الموظفين ويقلل من شكل الديكتاتورية في إدارة الشركة، بهذا سوف تحصل على كمياء سحرية ذات أداء متفوق ونتائج مستدامة.

5 – مسرعات التكنولوجيا

الشركات التي تحولت من جيدة إلى عظيمة كانت تستخدم وتستثمر في توظيف التكنولوجيا في جميع أعمال الشركة، يميز كولينز النهج المثالي للتكنولوجيا بالتسلسل التالي: توقف مؤقتاً – فكر – ازحف – امش – اركض.

يقول كولينز لم تكن أبداً التكنولوجيا في حد ذاتها التي جعلت الشركة تنتقل من جيدة إلى عظيمة، ولكن التطبيق الرائد للتكنولوجيات المختارة بعناية، التكنولوجيا عبارة عن مسرعة وليست صانعة للنمو.

خطوات تعزيز الوعي

يحدد كولينز أربع خطوات لتعزيز الوعي بالاتجاهات الناشئة والمشاكل المحتملة:

1 – ابدأ بالأسئلة وليس الإجابات

2 – الانخراط في الحوار والنقاش وليس الإكراه

3 – إجراء عمليات التشريح دون لوم

4 – بناء آليات التحذير التي تحول المعلومات إلى معلومات لا يمكن تجاهلها. كن على دراية باتجاهات السوق الناشئة والمشاكل المحتملة

الخلاصة

التحول من شركة جيدة إلى عظيمة كان تدريجياً، فلا توجد لحظة محددة ومعروفة أو انتقال سريع، يبدأ كل شيء مع قادة من المستوى الخامس، الذين يتمتعون بحسن الإدارة. ثم العمل على إستراتيجية القنفذ بالتركيز على تحقيق هدف محدد بدلاً من أهداف كثيرة في وقت واحد ثم تعيين الأشخاص المناسبين قبل بدء عمل الشركة أو المشروع ثم الحصول على الأشخاص المناسبين في الحافلة وإعطاء الأشخاص الأماكن المناسبة وتوفير كامل الصلاحيات والموارد لهم ثم يأتي اختيار الحلول التكنولوجية المناسبة المرتبطة مباشرة بنوع عمل الشركة.

شاهد أيضاً

أهم ما يميز مشاريع الأعمال التي تديرها رائدات الأعمال

Share