منذ عقود والأطباء والمتخصصون يحذّرون من الأضرار الصحية التي تسببها الأحذية ذات الكعوب العالية لمفاصل القدمين، ولكن من الواضح أن الأضرار تتجاوز ما هو متداول.
ففي الأسبوع الماضي كشفت طبيبة متخصصة أمام لجنة تابعة لمجلس العموم البريطاني حقائق جديدة، من بينها أن خزينة الدولة تخسر مئتين وستين مليون جنيه إسترليني سنوياً بسبب الإجازات المرضية لأسباب تتعلّق بالأضرار الصحية الناجمة عن الكعوب العالية.
قالت الطبيبة هيلين سيويل أمام اللجنة إن للكعوب العالية تأثيراً سلبياً على القدرة على التفكير السليم وعلى التنفس بطريقة صحية وصحيحة أيضاً، بل إن الكعوب العالية تؤثر سلباً على قدرة المرأة الموظفة على تحقيق حضورها الفعلي إذا كانت في منصب إشرافي.
وتجدر الإشارة إلى أن عشرات الدراسات تناولت موضوع الكعوب العالية، وأكدت أن هذه الكعوب تقوي عضلات الكاحل، ولكن الدراسات ذاتها أوضحت أن استخدام الكعوب العالية على المدى الطويل يضعف عضلات الكاحل بالذات، وقد تسبب إصابات وجروحاً كما جاء في بحث لمتخصصين في جامعة كارولاينا الشمالية العام الماضي.
وأكدت العديد من الدراسات أن الكعوب العالية يمكن أن تسبب العديد من المشاكل، من بينها ما يعرف طبياً بإصبع المطرقة أي الالتواء الدائم للأصبع الكبير في القدم، بالإضافة إلى ضعف العضلات وإصابتها بالترقق أو الهشاشة.
◗ الكعب العالي والسرطان
الطبيب الأميركي المتخصص بأمراض السرطان ديفيد آغوس الأستاذ في كلية الطب التابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا يربط بين الكعوب العالية والسرطان.
ففي كتاب من تأليفه بعنوان: دليل سريع لحياة مديدة، يعدد الطبيب المتخصص مجموعة من الخطوات التي تقلل مخاطر الإصابة بالسرطان أو بغيره من الأمراض المستعصية، ومن بين هذه الخطوات عدم استخدام الكعوب العالية واستبدالها بأحذية مريحة.
يقول في كتابه إن استخدام أحذية غير مريحة بصورة يومية لا تقتصر أضرارها على الشعور بعدم الراحة وإتلاف مفاصل القدمين فقط، بل إنها تتسبب في إنتاج التهابات، لأن الجسم يضطر لبذل مجهود إضافي من أجل الحفاظ على اعتدال وضعية الوقوف أو المشي.
◗ الالتهابات طبيعية
يضيف أن الالتهابات جزء من العملية الطبيعية التي يمارسها الجسم من أجل الشفاء، وهي تظهر حين يواجه الجسم المنبهات الضارة، مثل البكتيريا أو بسبب الإصابات أو الجروح.
ولكن الأطباء يؤكدون أن التهابات الأقدام إذا تجاوزت الحدود المعقولة والمقبولة تتحول إلى معول هدم في الجسم وسرعان ما تنتشر الأورام في كل أنسجة الجسم.
وعلى الرغم من أن الطب لا يزال بعيداً عن إعطاء تفسير علمي واضح ومؤكد، فالاعتقاد السائد بين الكثيرين يشير إلى أن الكيماويات التي يفرزها الجسم للمساعدة في عمليات الشفاء هي ذاتها التي يمكن أن تسبب الأضرار ومن هذه الأضرار الإصابة بتصلب الشرايين.
يقول د. آغوس إن لبعض أنواع الالتهابات علاقة بالعديد من الأمراض المزمنة أو المستعصية، بما فيها أمراض القلب وألزهايمر والسكري، بالإضافة إلى أمراض نظام المناعة أيضاً.
وعن العلاقة بين الكعوب العالية والسرطان يقول هذا الطبيب إن السرطان ينجم عن أي نوع من التلف يمكن أن يصيب جينات الحمض النووي (دي إن أيه).
يوضح هذا الطبيب أن السرطان يمكن أن يتسبب فيه أي ضرر أو تلف في جينات الحمض النووي، وبالتالي فإن الجسم حين يضطر للتعامل والتعايش مع الالتهابات التي تسببها الكعوب العالية أو غيرها ينصرف اهتمامه عن تلف جينات الحمض النووي ويركز على محاربة الالتهابات.
◗ أحذية بمقدمات ضيقة
في الوقت الذي يحذّر المتخصصون من أضرار ومخاطر الكعوب العالية، فإنهم يحذّرون أيضاً من أضرار ومخاطر الأحذية ذات المقدمات المحدبة أو الضيقة حتى ولو كانت بلا كعوب أو بكعوب قصيرة.
فالمقدمة المحدبة أو الضيقة تحشر أصابع القدمين وبالذات الأصبع الأكبر وتسبب التهابات يمكن أن تنتقل إلى بقية أنحاء الجسم.
◗ عملاق نائم
يعرب هذا الطبيب عن اعتقاده بأن كل إنسان في هذا العالم يحمل بذور السرطان في جسمه على صورة تلف في الجينات يمكن أن تسبب نمواً غير طبيعي للخلايا، ولكن ولحسن الحظ فالجسم الذي يتمتع بصحة جيدة قادر دائماً على التعامل مع الوضع.
يضيف أن السرطان أشبه بعملاق نائم، يصحو أحياناً لفترات قصيرة لتحريض وإثارة بعض الخلايا غير الطبيعية أي الالتهابات، ولكن لحسن الحظ مرة ثانية فأسلحة الجسم المتمثلة في نظام المناعة غالباً ما تجبر هذا العملاق على العودة لنومه. أما إذا كان هذا النظام ضعيفاً، فيظل العملاق يسرح ويمرح ويعيث فساداً في الجسم.
يختم الطبيب الأميركي المتخصص بأمراض السرطان بالقول إنه من المستحيل تحديد الطول الصحي والمناسب للكعب، أو تحديد الفترة الزمنية المقبولة لاستخدام الكعب العالي، لأن المهم هو الشعور بالراحة أولاً وأخيراً، فإذا اختفى هذا الشعور فعلى المرأة التوقف فوراً عن استخدام الكعوب العالية.
◗أوجاع الظهر والحوض
يمضي قائلاً: حين يغلق «دكان تصليح الحمض النووي أبوابه» يفتح الجسم أبوابه للعديد من الأمراض، ومن بينها السرطان.
وفي حال الاستمرار في استخدام الكعوب العالية بصورة منتظمة تنتقل الالتهابات من الأقدام إلى بقية أنحاء الجسم، وتظهر بصورة أوجاع في أسفل الظهر وفي منطقة الحوض أيضاً.
يقول المتخصصون إنه كلما زاد طول الكعب، زاد معه الشعور بعدم الراحة وزادت المخاطر الصحية أيضاً.
ويضيفون أنه حين تكون الكعوب بطول يزيد على سبعة سنتيمترات يضطر الجسم للانحناء إلى الأمام للحفاظ على الوضع العمودي تقريباً، وهذا يعني أنه سيبذل جهداً معاكساً لتعديل هذا الانحناء، مما يؤثر على وضعية المواءمة بين الحوض والعمود الفقري، وتكون النتيجة أوجاعاً في المنطقتين.