
- د. بلقيس دنيازاد عياشي
في معظم الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، يشغل العنصر النسوي نسبة أقل من الرجال في ريادة الأعمال التجارية، ووفقًا لمؤشر Global Entrepreneurship Monitor GEM ، فإن 126 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم يدرن أعمالًا اقتصادية و 98 مليونًا آخرين يقومون بذلك على رأس أعمال تجارية، ومع ذلك فالعالم يواجه فجوة ضخمة بين الجنسين، إلا أن هنالك عدة اقتصادات يتساوى فيها الرجال والنساء في إدارة الأعمال لعل أهمها تايلاند.
تحرز تايلاند أعلى نسبة من العنصر النسوي في مناصب الريادة القيادية، ففي الوقت الذي لا يزال فيه غالبية الأمريكيين يعتقدون أن المرأة لا تملك المؤهلات اللازمة لتكون رئيسة، نجد أن تايلاند تشغل فيها النساء نسبة 45% في مناصب الرؤساء التنفيذيين، وما لا يقل عن 34 % ككبار المسؤولين الماليين، وهي أعلى نسبة إذا ما قورنت بدول العالم.. إذا ما السبب وراء هذا النجاح؟
العمل خارج المنزل
تتميز المرأة التايلندية بثقافة العمل خارج المنزل عبر الشركات العائلية وذلك وفق الإحصاءات الصادرة عن شركة الاستشارات Grant Thornton والتقرير العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي.
كما أن مشاركة المرأة التايلندية في الأسرة تختلف عن بلدان أخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان، ففي الوقت الذي تنشغل فيه بقية النساء في العالم بإدارة شؤون الأسرة، تعكف فيه المرأة التايلندية على إدارة المشاريع التجارية بحرفية، كما أن الثقافة التايلندية تسمح للنساء بالمشاركة جنبا إلى جنب مع الرجال في إدارة الشركات، الأمر الذي يكسبهن خبرة أكبر.
تجسيد المساواة
تقوم منظِّمات المشاريع التايلندية على مبدأ المساواة، فهي لا تهتم بجنس العامل بل بمهاراته، حيث تهدف هذه المنظمات على خلق وابتكار وظائف تسهم في الناتج القومي الإجمالي للاقتصاد، كما أن النساء التايلانديات هن أكثر عرضة للمساهمة في مجتمعاتهن من خلال إعادة استثمار أرباحهن في التعليم وأسرتهن ومجتمعهن، وبالتالي يتم تحويل دور العائلات والمجتمع إلى المساهمة في تطوير الأعمال.
التمكين الاقتصادي
يتميز الاقتصاد التايلندي بتوفير فرص لدعم التمكين الاقتصادي للمشتغلات بالأعمال، تحت شعار أن «الأولوية الأولى هي الوصول إلى التمويل«، إلا أنه لا يمكن إنكار أن رائدات الأعمال التايلنديات يواجهن عقبات أعلى في الحصول على التمويل أكثر من الرجال، إلا أنهن يتميزن بمميزات تمكنهن من النجاح في إدارة الأعمال بالرغم من هذه العقبات.
وتشير أبحاث بنك Grameen أن سيدات الأعمال التايلنديات يقمن دائما تقريبا بسداد قروضهن واستثمار الأموال في الشركات التي توفر الأموال للتعليم وتساعد على انتشال العائلات من الفقر، وعليه فهن يعملن على ﺗﺣﺳﯾن أﻧﺷطﺗﮭن ﺑﺻورة ﺧﻼﻗﺔ ﺗﮭدف إﻟﯽ اﻟﺗﻌرف ﻋﻟﯽ إﻣﮐﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﺑدء أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ أو ﺗوﺳﯾﻊ ﻧطﺎﻗﮭﺎ.
التركيز على التعليم
لطالما حظيت المرأة التايلندية بمستوى تعليم جيد، حيث تحتل تايلند المرتبة الأولى في العالم من حيث التحاق النساء بالتعليم العالي، وهو الأمر الذي يرفع من مستوى الوعي لديهن، كما أن عدداً متزايداً من النساء اللواتي يبدأن أعمالهن التجارية في تايلند الآن أفضل تعليماً مما كان عليه في السنوات السابقة ويقمن بإدارة أعمالهن التجارية بعد حصولهن على درجة البكالوريوس، لا سيما في Bangkok والشمال والجنوب، ومع ذلك فإن مستوى تعليمهن بشكل عام أقل من المستوى التعليمي لنظرائهم الذكور، إلا أن تايلند تمضي قدما إلى الاستفادة بشكل أفضل من المعرفة والابتكار، كما تهدف مبادرات التعليم والتدريب إلى التصدي لمثل هذه الجوانب بغية زيادة النشاط الريادي في مجال الخدمات التجارية وإعداد رجال ونساء تايلند للتحرك نحو اقتصاد قائم على الابتكار والنمو.
- دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك
نقلا عن القبس الكويتية