أظهرت دراسة أعدتها “شبكة اللاينس” العالمية لمراكز الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تتخذ من دبي مقراً لها، أن مشاريع ريادة الأعمال تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم لبدء أو توسيع أعمالها ، رغم توافر جميع التسهيلات الإدارية والفنية لتأسيس هذه الأعمال.
وكشفت الدراسة التي استطلعت آراء 100 رائد أعمال في العديد من القطاعات أن الحصول على التمويل كان التحدي الأبرز لرواد الأعمال من غير أعضاء الصناديق والمؤسسات المعنية بدعم رواد الأعمال في الدولة والتي من بينها “صندوق خليفة لتطوير المشاريع” و”مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة” و”مؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية “رواد” ” وغيرها من الجهات التي تقدم دعم مالي وفني وإداري لرواد الأعمال في الدولة.
وصعدت الإمارات للمركز 26 عالمياً، في أحدث إصدار لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017، الصادر عن البنك الدولي، لتحتل المركز الأول عربيا والذي جاء نتيجة للجهود المستمرة والالتزام الجاد من مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية لتسهيل الأعمال، وحلت الدولة في مركز متقدم ضمن أفضل 20 دولة عالمياً، في 5 من محاور التقرير الـ10، وهي: المركز الأول عالمياً في محور سهولة دفع الضرائب، والرابع عالمياً في محور سهولة استخراج تراخيص البناء ومحور سهولة توصيل الكهرباء، والمركز التاسع عالمياً في محور حماية المستثمرين الأقلية، والمركز 11 عالمياً في محور سهولة تسجيل الملكية.
وأوضحت دراسة “شبكة اللاينس” أن رواد الأعمال الذين واجهتهم صعوبات في التمويل من قبل جهات التمويل اتجهوا إلى مصادر بديلة لدعمهم مالياً من بينها على سبيل المثال: صناديق تمويل أو شركات خاصة، لكنهم أشاروا في الوقت نفسه أن هذه الصناديق أو تلك المؤسسات تفرض شروطها فيما يتعلق بالعمليات التشغيلية أو توزيع الأرباح وغيرها من العمليات. وأكد نحو 60% من عينة الدراسة أن جهات التمويل المصرفية يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أن مشاريع ريادة الأعمال تعتبر أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني وأكثرها توليداً لفرص العمل في الدولة ، كما تعد هذه المشاريع نواة لمشاريع كبرى في المستقبل. وذكر أغلبية رواد الأعمال المستطلعة آراؤهم أنهم لم يواجهوا عقبات من قبل جهات منح التراخيص عند تأسيس أعمالهم في الدوائر الاقتصادية أو في المناطق الحرة في الدولة، مشيرين إلى سهولة الحصول على التراخيص بسهولة ويسر ،ما يؤكد على تنافسية الدولة عالمياً فيما يتعلق بسهولة ممارسة الأعمال. وأوضحت الدراسة أن تكاليف الإيجارات والعمالة جاءت في المرتبة الثانية والثالثة بعد التمويل في قائمة التحديات التي تواجه رواد الأعمال ، فيما تأتي صعوبة الحصول على كفاءات وظيفية برواتب معقولة ضمن بند تكاليف العمالة التي تقود الشركات نحو النجاح ومواجهة تحديات المنافسة في السوق.
وبينت الدراسة أن الاستشارات الإدارية تمثل أهمية كبيرة أمام رواد الأعمال الشباب الراغبين في تأسيس أعمالهم والتي تساهم في تعويض جوانب الخبرة ، حيث اقترح العديد من رواد الأعمال في الدراسة قيام جهات الترخيص في الدولة بتقديم خدمات استشارية وإرشادية لأصحاب المشاريع لتعريفهم على بيوت الخبرة والشركات المتخصصة في إدارة الأعمال وذلك لضمان انطلاقة صحيحة لأصحاب هذه المشاريع. وأعربت نسبة تزيد على 60% من عينة الدراسة عن تطلعها إلى تعاون الجهات والمؤسسات الحكومية معها عبر تخفيف شروط المناقصات وذلك عند التقدم لتوريد منتجات أو خدمات لها ،لاسيما مع وجود اشتراطات تضمن تقديم المنتجات والخدمات وفق المعايير السوقية المعمول بها.
وقال شريف كامل الرئيس الإقليمي لـ”شبكة اللاينس” العالمية للأعمال في المنطقة وشمال إفريقيا: يساهم تخفيف جهات التمويل من شروطها عند إقراض رواد الأعمال في تهيئة بيئة أعمال تنافسية بين هذه الشركات وخلق فرص عمل جديدة ، ما يؤدي في النهاية لنمو الاقتصاد الكلي للدولة. أضاف كامل، أن على جهات التمويل أن تدرس فرص النجاح التي تحملها مشاريع رواد الأعمال المبتكرة بعيداً عن النظرة التقليدية المعتادة وعدم حصر عملية التمويل في الضمانات ودفعات السداد والفائدة الكبيرة، وبالتالي رفض تمويل هذه المشاريع ووفاة هذه الأفكار قبل أن تولد. واقترح كامل على الشركات الكبرى والشركات العائلية تبني مشاريع رواد الأعمال ودعمها إدارياً وفنياً نظير الحصول على جزء من الأرباح لفترة محددة وبعدها تستقل هذه المشاريع بنفسها وتدخل إلى السوق بعد تعرفها على آليات السوق وتحقيق الأرباح وقدرتها على مواجهة الصعوبات المتعلقة بعالم الأعمال.
وأكد كامل أن الإمارات أصبحت موطناً للمشاريع الريادية التقنية على مستوى المنطقة، حيث كشف تقرير «وضع الاستثمارات الرقميّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2013 – 2016″ و أن الدولة سيطرت على حجم ريادة الأعمال الرقمية في المنطقة بنحو 918 مليون دولار من الاستثمارات في ريادة الأعمال الرقمية خلال 2016، وهو ما يعني أن الدولة باتت أرضاً خصبة لتمويل هذه المشاريع وتطورها لتنطلق منها نحو الإقليمية والعالمية. وأشار كامل إلى أن تمويل المشاريع الريادية الناجحة بوابة مثالية لخلق كيانات اقتصادية جديدة تمثل إضافة إلى الاقتصاد الإماراتي وأن عدم تبني أو تمويل أو دعم هذه المشاريع يجعلها صيداً ثمينا للكيانات الكبرى لابتلاعها والاستثمار في أفكارها وضياع حقوق ملاكها وانصهارهم في هذه الكيانات وبالتي ضياع فرص تفريخ كيانات اقتصادية أخرى وفرص عمل جديدة غيرها من الفوائد الاقتصادية الأخرى.