
سلّطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء مؤخراً على المسؤوليات والتحديات التي تواجهها الزوجات العاملات في اليابان، والتي قالت إن الرجال فيها هم الأقل معاونة ومساهمة في الأعمال المنزلية ورعاية الأبناء بين كل دول العالم الغنية والمتقدمة، وهو ما يحرم تلك النساء من الحصول على وظائف جيدة وبالتالي دعم الاقتصاد.
وطبق وفقاً لتحليل أوردته الصحيفة فإنَّ النساء العاملات اللائي يقضين قرابة 49 ساعة من العمل بوظائفهنّ خارج المنزل أسبوعياً،و يُقدمن قرابة 25 ساعة من الأعمال المنزلية أسبوعياً، أما الرجال الذين يقضون نفس ساعات العمل بالوظائف خارج المنزل فلا يزيد متوسط مساهمتهم في الأعمال المنزلية عن 5 ساعات، وكان مسح لوزارة العمل اليابانية قد أظهر ارتفاع نسبة الأمهات العاملات إلى مستوى قياسي بلغ 70.8% خلال عام 2017، فماذا عن الدول العربية؟
من المغرب تقول ليلى أبو النصر، الصحفية المغربية، إن زوجها لا يساعدها في عمل البيت على الرغم من أنها تعمل هي الأخرى في وظيفة خارج المنزل، ولكنها ترفض بشدة أن تقوم بإعالة البيت بشكل كامل على أن يتولى هو الأعمال المنزلية، وذلك بسبب أنها عاشت التجربة مع أقارب لها حيث كانت الزوجة تخرج للعمل من الصباح الباكر وحتى نهاية اليوم بينما كان الزوج يظل نائماً، ومع مرور الأيام أصبحت تكرهه وتهينه ولا تمارس الجنس معه، وانتهت التجربة بالطلاق.
أما عن الزوج، غسان بوحيدو، الممثل الكوميدي والمذيع المعروف بالمغرب فيقول، إنه بالفعل نادراً ما يقوم بمساعدة ليلى في الأعمال المنزلية، وذلك بسبب عمله ولكنه أحياناً يقوم بالطبخ أو غسل الأواني عندما تأتيه الرغبة في ذلك، ويرفض تماماً أن تقوم زوجته بإعالة الأسرة ويتفرغ هو للعمل المنزلي مبرراً ذلك بأن الأنثى بطبيعتها ورقتها خلقها الله لتهتم بزوجها وعائلتها وأن تعتني بالأبناء لكيلا يربيه الغير، فهي التي ترضع وتحب وتحتضن الجميع.
وعلى الرغم من عدم وجود تقديرات دقيقة لنسبة الزوجات العاملات في سوق العمل المغربي، إلا أن بعض الإحصائيات تُشير إلى المساهمة الكبيرة للنساء عموماً في كثير من القطاعات، حيث بلغت نسبتهن في مجموع أعضاء التعاونيات 92 بالمائة، و40 بالمائة من العمالة الدائمة والموسمية في القطاع الفلاحي، كما تخطت نسبة المشاركة في القطاع العمومي نسبة 58 بالمائة، ونسبة 48 بالمائة تقريباً في القطاع الصحي و33.5 في قطاع التعليم قبل الجامعي.
من مصر، تقول إيمان عوف المحررة والنقابية، أن زوجها الذي يعمل بالمحاماة لا يساعد في الأعمال المنزلية إلا نادراً جدا، وهي لا تمانع نهائياً في إعالة الأسرة مقابل تفرغ الزوج للعمل المنزلي ولكنّها ترى بأن ذلك لن يقبله الزوج نهائياً وغير مقبول بشكل عام في المجتمع المصري الذكوري بامتياز الذي لا ينظر للأعمال المنزلية على أنها عمل مثل باقي الوظائف تحتاج لجهد ووقت وتعادل الأعمال والوظائف العادية مثل الصحافة والمحاماة والطب والهندسة وإنما هي أعمال “نسائية” من العيب أن يتكفّل بها الزوج.
وقد كشف تقرير سابق لجهاز التعبئة والاحصاء في مصر عن أنّ نسبة مساهمة المرأة في سوق العمل بلغ 24.2 بالمائة من سن 15 وحتى 64 عام، بينما بلغت نسبتهن في المشاركة في وظائف الإدارة العليا 15.9 بالمائة عام 2017، و31.2 بالمائة بوظائف الإدارة العليا بالقطاع الحكومي، و19.1 بالمائة بالسلك الدبلوماسي والقنصلي عام (2010)، و31 بالمائة كعضوات بالنقابات المهنية أعلاها كان في نقابة التمريض بنسبة 92 بالمائة وأدناها نقابة التطبيقيين بنسبة 5 بالمائة، ونسبة الحاصلات على درجة الدكتوراه منهن للعاملين بالهيئات البحثية التابعة لوزارة البحث العلمي بلغت 52 بالمائة.
ومن لبنان، يقول جمال جبران، الكاتب اليمني المقيم في لبنان والمتزوج من صحفية لبنانية، إنه بالأساس يعشق الأعمال المنزلية وخصوصاً الطهي من قبل الزواج. لذا فهو لا يمانع نهائياً من التفرغ لتلك الأعمال مقابل إعالة الأسرة من قبل زوجته، واصفاً ذلك بأن الحياة ستكون أكثر سعادة بالنسبة له إذا ما تفرغ للطهي والغسيل وتنظيف المنزل والاستماع إلى أم كلثوم وبليغ حمدي ومباريات الدوري الإنجليزي.
وتمثّل النساء نسبة 25 بالمائة من سوق العمل في لبنان، النسبة الأكثر منهنّ في قطاع التعليم قبل الجامعي وبلغت عام 2013 نسبة 76.6 بالمائة، و37.8 في التعليم الجامعي، و45.9 بالمائة في القطاع المصرفي، و15 بالمائة في القطاع الصناعي، و35 بالمائة للقطاع الزراعي، 11 من المهندسين المسجلين بنقابات المهندسين، و27 بالمائة من الأطباء، و39 بالمائة من الصيادلة، و28 بالمائة من المحامون، بينما بلغت نسبة النساء في القضاء اللبناني نسبة 36 بالمائة.
وفي كتابها “Heading Home” أوردت شاني أورغاد، الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد، دراسة أجرتها على 35 امرأة في بريطانيا قمن بالتخلي عن وظائفهن الجيدة لصالح الأمومة، ثم شعرن بعد ذلك بالندم الشديد، وهو ما علقت عليه أورغاد قائلة بأن هذه الفئة من النساء تُمثل الأزمة الواسعة المتعلقة بالنوع الاجتماعي في النظام الرأسمالي المعاصر.