تسمع نساء كثيرات حول العالم كل سنة الجملة المخيفة «تعانين السرطان». لكنّ ذلك لا يعني نهاية المطاف. صحيح أن عدداً كبيراً من النساء يمرضن بسبب خلل في الجينات أو ربما سوء حظهن، إلا أن البحوث تشير إلى أن نسبة حالات الوفيات جراء السرطان التي كان بالإمكان تفاديها تصل إلى الثلثين. فماذا يعني ذلك؟ عندما يتعلّق الأمر بالسرطان، تستطيعين التحكّم في مسائل عدة بشرط أن تعرفي ما تواجهين. لذلك استشرنا عدداً من أهم خبراء السرطان في محاولة لتحديد أنواع هذا المرض التي يجب أن تتنبّهي لها، ومعرفة سبل الوقاية التي يمكنك اتباعها. إليك أنواع السرطان الخمسة الأكثر شيوعاً بين النساء:
سرطان القولون
ربما تُفاجئين حين تعلمين أن سرطان القولون لا يميّز بين الرجل والمرأة، بما أنه يصيب العدد عينه من النساء والرجال كل سنة، وفق جمعية السرطان الأميركية. لكن ديفيد غرينوالد، طبيب ومدير قسم التنظير وأمراض الجهاز الهضمي السريري في كلية ماونت سايناي للطب، يذكر: «من حسن الحظ أننا نستطيع تفادي هذا النوع من السرطان في غالبية الحالات».
احمي نفسك بالخضوع لفحوص دورية، أبرزها تنظير القولون الذي يخضع له المريض بدءاً من سن الخمسين ويُعاد كل 10 سنوات. خلال الفحص الذي يشمل إقحام أنبوب دقيق مرن عبر الشرج، يتفحّص الطبيب القولون جيداً بحثاً عن أي خلل. ولا يساهم تنظير القولون في تشخيص هذا النوع من السرطان فحسب، بل يسمح للطبيب أيضاً باكتشاف السلائل وإزالتها قبل أن تتحوّل إلى سرطان، وفق غرينوالد.
أما الفحوص الأخرى المتوافرة في هذا المجال، فتشمل اختبار الدم الخفي في البراز، حين يبحث الطبيب عن دم قد يشير إلى وجود سرطان، أو اختبار الحمض النووي في البراز (أو ما يُعرف باختبار كولوغارد)، حين يبحث الطبيب عن تبدلات جينية سرطانية محتملة. لكن السلبي بشأن هذين الاختبارين وفق غرينوالد أنهما قد يؤديان إلى نتائج إيجابية خاطئة، ما يعني أن عليك الخضوع لتنظير القولون في مطلق الأحوال.
سرطان الغدة الدرقية
تشير التقديرات إلى أن عدد الحالات الجديدة بين النساء بلغ عام 2016 نحو 49350 حالة.
ازداد احتمال تشخيص إصابة المرأة بسرطان الغدة الدرقية بأكثر من الضعف خلال السنوات العشرين الماضية، وفق جمعية السرطان الأميركية. ولكن لا داعي للقلق. يوضح الدكتور إدموند بريبيتكن، خبير متخصص في سرطان الغدة الدرقية في جامعة توماس جيفرسون في فيلادلفيا: «لا نعتقد أن الأعداد بحدّ ذاتها تزداد، بل يرتفع عدد الحالات التي نكتشفها مصادفة أثناء إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي لغايات أخرى، مثل التحقق من أسباب الصداع النصفي المتكرر أو ألم العنق».
علاوة على ذلك، صحيح أن معدل الحالات ارتفع، إلا أن نسبة الوفيات بسبب هذا النوع من السرطان ما زالت ثابتة.
احمي نفسك بتفادي الإفراط في العلاج. إن لاحظ الطبيب وجود عقدة صغيرة، توصي التوجهات الجديدة بمراقبتها وعدم الإسراع إلى استئصالها جراحياً، وفق بريبيتكن.
إن احتجت في النهاية إلى جراحة، ربما لا يُضطر الطبيب إلى استئصال الغدة بأكملها بل الجزء المريض منها فحسب. في هذه الحال، يوضح الطبيب أنك قد لا تحتاجين إلى اتباع علاج بديل لهرمونات الغدة الدرقية.
ولكن إذا أصرّ طبيبك على استئصال الغدة بالكامل، مع أن قطر العقدة لا يتخطى السنتمتر، فاستشيري طبيباً آخر. ولا تنسي أن لهذه الجراحة مخاطر (تشمل إلحاق الضرر بالأوتار الصوتية)، وأنها تفرض عليك أخذ هرمونات الغدة الدرقية لما تبقى من حياتك.
سرطان بطانة الرحم
يُدعى هذا النوع من السرطان أيضاً سرطان الرحم ويستهدف خصوصاً النساء بعد سن اليأس (يبلغ متوسط عمر المريضات عند ظهوره الستين). لكن المؤسف أننا لا نملك في الوقت الراهن أساليب فحص فاعلة تتيح لنا اكتشاف هذا السرطان في مراحله الأولى، حسبما تؤكد الدكتورة سينثيا تومسون، مديرة برنامج الوقاية من السرطان وضبطه في مركز السرطان في جامعة أريزونا.
احمي نفسك بالحفاظ على وزن صحي، لأن سرطان بطانة الرحم يُعتبر أكثر شيوعاً بنحو الضعف بين مَن يعانين الوزن الزائد وبنحو ثلاثة أضعاف بين مَن يعانين السمنة، وفق جمعية السرطان الأميركية. وتوضح تومسون السبب قائلةً إن الخلايا الدهنية تفرز الإستروجين، الذي يسبب بدوره تبدلات سرطانية.
أما إذا لم تبلغي بعد سن اليأس وكنت تستخدمين وسائل منع الحمل، فمن الأفضل أن تتناولي حبوب منع الحمل ولو لبضع سنوات. فقد أظهرت دراسة أُجريت في المملكة المتحدة ونُشرت في مجلةLancet Oncology أن تناول هذه الحبوب لخمس سنوات فقط يحدّ من خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم بنحو 25%.
سرطان الرئة
شهدت حالات سرطان الرئة بين النساء ارتفاعاً مخيفاً بلغ 98% خلال العقود الأربعة الماضية، وفق جمعية الرئة الأميركية. لكن الأمر المفاجئ حقاً أن أكثر من نصف هذه الحالات لوحظ بين نساء لم يدخن مطلقاً.
أما السبب، فما زال غامضاً. يشير بعض النظريات إلى أن رئتي المرأة أكثر تأثراً بالتدخين السلبي وأن الإستروجين يعزز نمو الخلايا السرطانية، حسبما توضح الدكتورة تيريز بيفرز، خبيرة متخصصة في الوقاية من السرطان في مركز م. د. أندرسون للسرطان في هيوستن.
احمي نفسك بالامتناع عن التدخين وتفادي التدخين السلبي، الذي يزيد خطر الإصابة بالسرطان بنحو 30%. أما إذا كنت تدخنين سابقاً أو تعرضت لمقدار كبير من التدخين السلبي، فاسألي طبيبك عما إذا كان عليك تناول حبة أسبرين بعيار 325 مليغراماً يومياً، فقد أظهرت الدراسات أن هذه الحبة قد تحمي من السرطان، وفق بيفرز.
سرطان الثدي
سرطان الثدي ليس الأول بين النساء من الناحية التقنية، بما أن هذه المرتبة تعود إلى سرطان الجلد. لكن جمعية السرطان الأميركية لا تُدرج سرطان الجلد غير الميلانيني في تصنيفاتها، لأنه قلما يهدّد حياة المريض.
لنعد إلى سرطان الثدي، الذي تعانيه امرأة من كل ثماني نساء في مرحلة ما من حياتها. من المفرح أن عدد الحالات المشخَّصة بدأ يتراجع عام 2000، بعد أن واصل الارتفاع طوال أكثر من عقدين، وانخفض بنحو 7% بين عامَي 2002 و2003. ويرجح الباحثون أن الانخفاض يعود إلى تراجع عدد النساء اللواتي يلجأن إلى العلاج البديل بالهرمونات للتخفيف من أعراض سن اليأس.
علاوة على ذلك، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة لخمس سنوات بعد تشخيص هذا السرطان إلى 100%، شرط أن يُكتشف في مراحله الأولى.
احمي نفسك بالخضوع لصورة الثدي بانتظام، فهذه خطوة بالغة الأهمية. استشيري طبيبك لتحددي موعد البدء بإجراء الفحص.
توصي جمعية السرطان الأميركية بالخضوع لصورة الثدي سنوياً بدءاً من سن الخامسة والأربعين.
في هذه الأثناء، تأملي جيداً عاداتك اليومية ونمط حياتك. يذكر الدكتور جيمي أبراهام، مدير برنامج علم أورام الثدي في مركز السرطان السريري في كليفلاند: «يزيد نمط الحياة الخامل، الوزن الزائد، واتباع نظام غذائي غني بالدهون، خصوصاً الحيوانية منها، خطر الإصابة بسرطان الثدي».