أكدت دراسة لشركة اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال ضرورة تنويع الكويت لمصادر دخلها، لضمان تحقيق مبدأ الرفاه لمواطنيها على المدى البعيد.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة نايف بستكي إنه لابد من تنفيذ خطوات مهمة قبل فوات الأوان، لا سيما في ظل تقلبات أسواق النفط الحالية، التي انخفض فيها سعر برميل النفط الكويتي بأكثر من %71 خلال سنتين فقط، مما يستوجب على أصحاب القرار ضرورة بناء مصدات اقتصادية مرنة تجاري تلك التغيرات في الأسواق العالمية.

وأضاف: إن خطوة تنويع مصادر الدخل تعد من الخطوات الاستراتيجية المهمة التي ستساهم في بناء مرحلة الكويت المستقبلية، الكويت مابعد النفط ــــ، وفيما يلي أبرز 7 قطاعات في الاعمال، ستساهم في تنويع مصادر دخل الدولة خلال المرحلة الأولى، حسب دراسة «اكسبر»:
1- الصناعات التحويلية
أولى خطوات تنوع مصادر دخل الدولة تتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الاستثمار بقطاع الصناعات التحويلية، وتصنيع المنتجات المستوردة في دولة الكويت. ويمكن تعريف الصناعات التحويلية بأنها العمليات التي تقوم من خلالها بتحويل المواد الخام الأولية الى منتجات نهائية يستفيد منها الزبون مباشرة. وتتطلب مثل تلك المشاريع المزيد من رؤوس الأموال اللازمة لإقامتها، والتي ستساهم بدورها في زيادة حجم العمالة الوطنية، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد بشكل اكبر. كما أن اختيار تلك الصناعات التحويلة ستكون على أساس حاجات السوق غير المشبعة، التي تتوافر حاليا من خلال عامل استيراد تلك البضائع من خارج دولة الكويت. وتشير نتائج البحث الذي اقامته شركة اكسبر للاستشارات الى أن اجمالي حجم المنتجات المستوردة الى دولة الكويت حتى عام 2016 بلغ حوالي 9.3 مليارات دينار، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ %6.8 وذلك حسب إحصاءات الإدارة المركزية للإحصاء في دولة الكويت. ويتطلب هذا الحجم الكبير من القيمة المستوردة من المنتجات المختلفة ضرورة الوقوف حول دراسة تلك المواد المستوردة والنظر بإمكانية تصنيع جانب منها حسب الإمكانات المتاحة في دولة الكويت. فعلى سبيل المثال تشكل المنتجات الطبية والصيدلية قيمة كبيرة بالنسبة لحجم المنتجات المستوردة الى دولة الكويت، إذ تشير النتائج الأخيرة الى أن قيمة تلك المواد تعادل 340 مليون دينار سنويا، والتي يمكن العمل على إقامة بعض المصانع الطبية لتحقيق احتياج الدولة، والمنافسة في الأسواق الإقليمية. ومثال آخر على نوعية الصناعات التحويلية التي يمكن الاستثمار فيها في دولة الكويت هو قطاع منتجات الألبان، فعلى الرغم من وجود بعض من تلك المصانع في دولة الكويت، إلا أن الإنتاج الحالي لا يعالج حجم الطلب الكبير من الاستهلاك، والذي تشير النتائج الى أن دولة الكويت تقوم سنويا باستيراد مايقارب 183 مليون دينار من تلك المنتجات.
مما سبق يمكن الاستدلال بأنه يمكن تصنيع العديد من المنتجات التحويلية المختلفة في دولة الكويت ــ عوضا عن استيرادها من الخارج ــ وذلك بتحرير الأراضي الصناعية، التي تشكل اكثر من %90 من حجم مساحة دولة الكويت غير المستغلة. كما أن مثل هذا النوع من الاستثمار الاستراتيجي من شأنه تحقيق الرؤية الاستراتيجية للدولة من الوصول الى مرحلة الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص من جانب، والعمل على توظيف العمالة الكويتية في تلك المنشآت.
2- قطاع النقل
تتميز دولة الكويت بموقعها الجغرافي، الذي وضعها في قلب العالم اجمع، والذي استفادت منه الدولة منذ القدم كممر تجاري للقوافل بين الشرق والغرب، بالإضافة الى كون الموقع يشكل أهمية كمسطح مائي ينتهي به الخليج العربي. ولذلك كان ولابد من الاستثمار بقطاع النقل بشكل أكبر، والاستفادة من تلك الميزة التنافسية للدولة من خلال الاستعجال بالمشاريع الاستراتيجية للدولة، مثل إتمام مشروع ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان، ومطار الكويت الدولي الجديد. إن تحقيق وتنفيذ مثل تلك المشاريع التنموية على ارض الواقع من شأنها المساهمة في تنويع مصادر دخل الدولة، وذلك من خلال حركة المواد التجارية المختلفة من جانب، والافراد من جانب آخر، مما سيكون له ابلغ الأثر في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي ــ من توظيف للعمالة الكويتية والطلب المستمر على منتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
3- المشاريع الصغيرة والمتوسطة
عندما نتحدث عن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإنه وعلى الرغم مما تحمله هذه المنظمات من مسميات «صغيرة ومتوسطة»، فإنها كبيرة في اسهاماتها بالناتج القومي المحلي للدول المتقدمة، التي عادة ما تشكل أكثر من %50 من إجمالي الناتج القومي. وعليه كان ولابد من الاستثمار بشكل جدي في هذه المشاريع المختارة، ورعايتها بشكل ملحوظ، وذلك نحو اعدادها للمنافسة الدولية في المستقبل القريب. أما عن اهم العلامات التي لابد من توافرها في اختيار المشاريع الرائدة، فإن الجانب الشخصي لشخصية المبادر تعد من أهم العوامل، التي لابد من الاهتمام بها قبل الشروع في مرحلة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع. تأتي بعد ذلك خطوة المشاريع الناجحة، التي يحتاج اليها السوق المحلي ــ في الوقت الحالي ــ بشكل كبير. وفي هذا الصدد، يستهدف الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ــ احدى مؤسسات الدولة ــ بدعم حوالي 680 مشروع تجاري سنويا، برأسمال يقارب 118 مليون دينار كويتي.
4- الضرائب على الشركات
إن تفعيل دور جني الضرائب من القطاع الخاص مع المراقبة الفاعلة للأداء، من شأنه المساهمة في زيادة ايراد الدولة وتقليل الاعتماد على عامل النفط. والجدير بالذكر بأن الوثيقة الاقتصادية الأخيرة للدولة قد تضمنت على مثل هذا النوع من أنواع تنويع مصادر الدخل، وذلك باستقطاع %10 من أرباح القطاع الخاص للدولة.
5- الخصخصة
يتطلب ذلك البدء الفعلي نحو تحرير بعض من مؤسسات الدولة من هيمنتها الى القطاع الخاص بشكل تدريجي، وذلك نحو تركيز الدولة على مهاما وأدوارها الأساسية من رسم السياسات الاستراتيجية العامة، والمراقبة على القطاع الخاص. فمن خلال تخصيص قطاعات حيوية مثل البريد والنقل الجوي والصحة.. الخ، يمكن تحديث تلك المؤسسات بآخر التطورات التكنولوجية، التي يعيقها نظام البيروقراطية ــ الدورة
المستندية ــ حالياً، نحو التقدم. كما أن تحرير مثل تلك المؤسسات من شأنه العمل بطريقة إبداعية تسهم بإطلاقها نحو الاسواق الإقليمية والعالمية خلال فترات قياسية، بعيداً عن الركود الذي تعيش فيه تلك المؤسسات لأكثر من 60 عاماً! إن نظام خصخصة عادل لمؤسسات الدولة من شأنه فتح أسواق جديدة، تساهم في زيادة المبيعات والإنتاج، وبالتالي زيادة حجم الناتج القومي لدولة الكويت بشكل ملحوظ. كما أن وجود تلك المنتجات الكويتية في الأسواق العالمية من شأنه المساهمة بتحقيق الرؤى الاستراتيجية للدولة، وتسويق اسمها في المحافل والأوساط المختلفة.
6- الشراكة بين القطاعين العام والخاص
ولتقليص اعتماد الدولة على عامل النفط والغاز كمصدر رئيسي للاقتصاد، فإن القطاع الخاص يفتقد بعض التسهيلات الإدارية اللازمة، والتي تقف امام تقدمه وعمله بشكل فاعل، مما يستوجب تذليل تلك الصعوبات من قبل الدولة، وعليه لابد من وجود الشراكة الفاعلة ما بين القطاعين العام والخاص، واتفاق الطرفين على اهداف استراتيجية. فالحكومة تبحث عن تحقيق الامن المالي واستقرار الدولة على المدى البعيد، وفي المقابل يبحث القطاع الخاص عن تحقيق الثروات بشكل مستمر. وعليه، فإن الشراكة المستمرة في محصلتها ستساهم في تحقيق الرخاء للدولة والعمل على إضافة خطوط انتاج جديدة تساهم في تنويع مصادر دخل الدولة. ومن الأمثلة على مثل هذا النوع من الشراكات مشاريع الدولة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، مشاريع الصرف الصحي، مترو الكويت، المدن العمالية، وغيرها.
7- السياحة الداخلية
يتوجب على الحكومة الاهتمام بقطاع السياحة الداخلية بشكل اكبر، وذلك نحو استقطاب أموال المواطنين والمقيمين في دولة الكويت نحو الخدمات الترفيهية المختلفة، والتي بدورها ستساهم في زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية للدولة الى %14.5. كما أن اهتمام الدولة بقطاع السياحة والترفيه من شأنه إعادة استقطاب السياح من دول مجلس التعاون الخليجي ــ كما كانت في فترة الثمانينات ــ وهو ما من شأنه تحريك العجلة الاقتصادية للدولة من حجوزات فندقية، مطاعم مختلفة، بالإضافة الى الكماليات ومحال البيع بالتجزئة. ويعتبر مركز جابر الأحمد الثقافي ــ دار الاوبرا ــ والذي افتتح مؤخراً باكورة تلك المؤسسات، والتي تتطلب الاستثمار والاهتمام بها بشكل اكبر للحفاظ عليها لمدة أطول. كما أن اهتمام الدولة بالمرافق والمواقع التاريخية لدولة الكويت مثل جبال كاظمة، جزيرة فيلكا- ايكاروس، وغيرها من المعالم الحضارية لتاريخ الكويت القديم، اثرة كذلك في استقطاب الزبائن الأجانب من دول العالم، والذين يبحثون عادة عن مثل تلك المعالم التاريخية، والتي تتواجد في أماكن محدودة في العالم. ولهذا فإننا نراهن على قطاع السياحة الداخلية لدولة الكويت، والذي نجد فيه فرصة جيدة لتحقيق موارد مالية أخرى للدولة، مقابل استثمارات محدودة. وفي هذا الجانب، تستهدف مؤسسات الدولة الى زيادة استقطاب زوار مؤسساتها سنويا لتصل في نهاية عام 2017 الى 1.6 مليون زائر.