أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن مباحثات بشأن التعريفات ستبدأ مع كل الدول باستثناء الصين، مهددا بكين بفرض تعريفات إضافية بنسبة 50% في حال أبقت رسومها ردا على إجراءاته.
ونقلت شبكة «CNBC» الأميركية عن البيت الأبيض أن الأنباء عن تعليق الرسوم الجمركية لـ90 يوما أخبار كاذبة.
وفي وقت سابق نقلت وكالة «رويترز» عن مدير المجلس الاقتصادي القومي الأميركي كيفن هاسيت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس تعليقا مدته 90 يوما للرسوم على جميع الدول ما عدا الصين وفق ما نقلته «رويترز».
ومن جانب آخر، واصلت حالة الهلع الكبيرة وغير المسبوقة سيطرتها على الأسواق المالية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال تعاملات أمس، وذلك في ظل تمسك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرسوم الجمركية التي فرضها على 180 دولة حول العالم، ما ينذر بـ «يوم دام» جديد في بورصات العالم.
وتقدر وكالة «بلومبيرغ» الخسائر الناتجة عن تراجعات الأسهم العالمية على مدار الأيام الثلاثة الماضية بنحو 9.5 تريليونات دولار، وذلك بعد تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لن يغير سياساته المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وتأثرا بهذه الحالة غير المسبوقة، أغلقت بورصة طوكيو على انهيار اقترب من 8%، حيث أنهى مؤشر «نيكاي» الرئيسي الجلسة على انخفاض بنسبة 7.82% عند 31136.58 نقطة، فيما خسر مؤشر «توبيكس» الأوسع نطاقا 7.79%، مغلقا عند 2288.66 نقطة. فيما سجلت بورصة سيئول تراجعا بنسبة 5.6%، بتراجع مؤشر «كوسبي» بنسبة 5.57%، وأغلقت بورصة سيدني على تراجع 4.2%، وواصلت السوق انخفاضها في هونغ كونغ، بخسائر 13%، في أسوأ تدهور منذ الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، وشهد «شنغهاي 300» الصيني تراجعا بـ 8%، مسجلا أسوأ أداء يومي منذ «كورونا»، وأغلقت بورصة تايبيه على تراجعات قياسية بنسبة 9.7%، هي الأعلى في تاريخها.
أما على صعيد أداء البورصات الأوروبية، فقد هوت أسواق الأسهم لأدنى مستوى في 16 شهرا وسط سعي المستثمرين لتقييم احتمالات حدوث ركود بعد الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. واتجه المستثمرون إلى تقييم خفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي).
وتراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 5.8% خلال تعاملات أمس، بعد أن سجل أكبر انخفاض يومي له منذ جائحة كوفيد-19 يوم الجمعة، ونزل المؤشر الرئيسي الألماني شديد التأثر بحركة التجارة 6.6%، وكان من بين الأكثر تضررا، وهوى مؤشر بورصة فرانكفورت بنسبة 7.86%، كما سجلت بورصة باريس انخفاضا بنسبة 6.19%، وتراجعت بورصة لندن بنسبة 5.83%، بينما فقدت بورصة ميلانو 2.32% من قيمتها، وانخفضت البورصة السويسرية بنسبة 6.82%.
وفي الأسواق الأميركية، انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل حاد مع استمرار الأسواق في الإشارة إلى عمليات بيع في أعقاب الرسوم الجمركية المتبادلة الضخمة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بأكثر من 1700 نقطة، ما يشير إلى ما قد يكون يوما كارثيا في وول ستريت عندما تفتح الأسواق بالولايات المتحدة عقب العطلة الأسبوعية، وانخفضت عقود مؤشر «S&P 500» بنسبة 2.41% إلى 4987 نقطة، وفقدت نظيرتها لمؤشر «ناسداك 100» 2.55% أو 446 نقطة، لتسجل 17092 نقطة.
ويزداد هذا الانهيار حدة في ظل رد الصين، التي أعلنت عنه يوم الجمعة الماضي، بعد إغلاق العديد من الأسواق الآسيوية لعطلة نهاية الأسبوع، بفرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 34% على الصادرات الأميركية لبكين، وهو ما يزيد من مخاطر تصعيد الحرب التجارية، والذي قد يكون له تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي.
هذا، ومن المقرر أن تتفاقم تداعيات هذه الإجراءات غدا الأربعاء، مع دخول رسوم إضافية حيز التنفيذ على قائمة طويلة من الدول التي تصدر منتجاتها إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها، وعلى رأسها رسوم بنسبة 34% على الصين و20% على الاتحاد الأوروبي.
وكتب ترامب على منصته «تروث سوشيال»: «لدينا عجز تجاري هائل مع الصين والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأخرى، والطريقة الوحيدة لمعالجة هذه المشكلة هي فرض الرسوم الجمركية، التي ستدر عشرات المليارات من الدولارات على الولايات المتحدة.. هذا أمر رائع». وفي تصريحات أخرى للصحافيين، على متن الطائرة الرئاسية، ردا على سؤال حول التراجع الحاد في البورصات، قال ترامب: «سنجني أكثر من تريليون دولار خلال الفترة القصيرة المقبلة من خلال الرسوم الجمركية التي فرضتها بالفعل، والتي أصبحت قيد التطبيق. الآن ما الذي سيحدث للسوق؟ لا أستطيع الجزم بذلك، لكن يمكنني الجزم بأن بلدنا أصبح أقوى بكثير، وفي بعض الأحيان يكون من الضروري تناول علاج من أجل التعافي».
وتابع بالقول: «أريد حل مشكلة العجز التجاري التي نواجهها مع الصين والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، وسيتعين عليهم القيام بذلك، وإذا أرادوا التحدث في هذا الشأن فأنا منفتح على الحديث».
من جانب آخر، كرر ترامب دعوته لخفض أسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، بعدما دعا نهاية الأسبوع الماضي رئيس البنك المركزي للتوقف عن ممارسة الألاعيب السياسية.
وكتب في منشور عبر منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» أمس: «يجب على الاحتياطي خفض الفائدة، حيث هبطت أسعار النفط وتراجعت أسعار المواد الغذائية ولا يوجد تضخم».
من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، لشبكة «إن بي سي»، إن أكثر من 50 دولة تواصلت مع الحكومة لطلب خفض حواجزها الجمركية ورسومها، ووقف التلاعب بأسعار الصرف، موضحا بالقول: «سنرى ما إذا كانت مقترحاتهم جديرة بالثقة، لأنه بعد 20 أو 30 أو حتى 50 عاما من السلوك السيئ لا يمكننا البدء من الصفر مجددا». وحذر بيسنت من أن هذا ليس أمرا يمكن التفاوض عليه في بضعة أيام أو أسابيع، ملمحا إلى أن الرسوم المشددة قد تظل سارية لعدة أشهر على الأقل.
وفي المقابل، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، إن التهديدات والضغوط ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين، وذلك بعد وصفه «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنها «تنمرية». وأشار إلى أن هذه الرسوم الجمركية «نموذج للأحادية والحمائية والتنمر الاقتصادي»، مضيفا ان الرسوم الجمركية الأميركية التي تفرضها أميركا باسم المعاملة بالمثل لا تخدم سوى مصالحها الخاصة على حساب الدول الأخرى. وأحال جيان مسألة ما إذا كانت الصين ستدخل في مفاوضات مع الولايات المتحدة إلى هيئات أخرى، حيث قال: «إساءة استخدام الولايات المتحدة للرسوم الجمركية تعد بمثابة حرمان الدول، خصوصا دول الجنوب العالمي، من حقها في التنمية».
بدوره، قال وزير التجارة الفرنسي لوران سان مارتين، إن الرد على الرسوم الأميركية قد يكون عدوانيا جدا، مضيفا: «ربما تكلفنا سياسات ترامب أكثر من 0.5 نقطة مئوية من ناتجنا المحلي الإجمالي». وتابع قائلا: «فرض هذه الرسوم الجمركية الباهظة سيؤدي إلى أزمة عالمية.. هناك خطر كبير من فقدان الوظائف وكذلك حدوث تباطؤ اقتصادي».
وفي السياق ذاته، يناقش وزراء تجارة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في لوكسمبورغ، استراتيجية لإقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتراجع عن الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على التكتل، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير انتقامية، في حال فشلت جهود التفاوض في التوصل إلى تسوية مع واشنطن.