هانا كوتشلر من سان فرانسيسكو*
شيريل ساندبيرج التي ترتدي بلوزة بيضاء اللون طويلة مع بنطال من الجينز ذي اللون الأزرق الشاحب، وشعرها الأسود المضموم تحت قبعة لامعة، تبدو – كما هي دائما – متماسكة بشكل يفوق الخيال. قفزت لكي تعانقني ومن ثم جلست في المقعد المجاور لي في ركن الطاولة. تقول لي “جربي هذا. هل ترين هذا”؟ وهي تتمعن في قائمة الطعام دون التوقف لتسمح لي بالرد.
تشتهر كبيرة الإداريين التشغيليين في “فيسبوك” بأنها شخصية أكثر انفتاحا من معظم التنفيذيين: حول بكائها في الحمام في مكان العمل، أو كيف أنها، كأرملة توفي زوجها أخيرا، نامت مع والدتها في سريرها. وهذا يناسب شركة أعادت تعريف كلمة “المشاركة”. مع ذلك، وبينما كنا نستعد لتناول طعام الغداء، من الواضح أن الانفتاح لا يعني بالضبط العفوية. إذ يتعين على ساندبيرج أن تكون واحدة من المسؤولين التنفيذيين الأكثر استعدادا. بالحديث حول الأعمال، تستخدم عبارات جاهزة خاصة إلى درجة أنني أستطيع أن أقول العبارات نفسها بدلا منها. المنتجات الجديدة ليست فقط في “أيامها الأولى”، بل يجري إدخالها “بأسلوب يحمي الخصوصية”. عندما أسألها، في مرحلة معينة، كيف يمكنها أن تصف بشكل أفضل ما يبدو عليه الوضع عندما تصبح فجأة أما عزباء بلا زوج، تعترف بأنها تشعر “بالوحدة والفزع أحيانا”، ومن ثم توضح بسرعة وجهة نظرها لتشمل محنة الأمهات العازبات الفقيرات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة – مع إحصائيات.

نحن الآن في “سول”، مطعم مكسيكي يقع في حرم مينلو بارك في شركة فيسبوك، في شارع رئيسي مصمم على طراز ديزني مكتمل بوجود متجر للكيك الصغير ومحل للعناية بالأظافر. لم تأكل ساندبيرج قط في هذا المطعم من قبل. في الواقع، تخبرني بأنني الشخص الأول الذي استطاع إقناعها بتناول طعام الغداء بعيدا عن مكتبها في مقر العمل طوال فترة عملها في “فيسبوك” الممتدة لتسع سنوات. عندما وصلَتْ إلى المطعم باستخدام الخريطة، تساءلت: إن كان السبب هو أنها بحاجة إلى المساعدة في العثور على المطعم؟
تقول “إنه مكان رائع جدا”، بمجرد أن أوضحتُ لها أن لا أحد يمكنه الانضمام إلينا لتناول الغداء معنا. عادة، هي تطلب الحساء أو السلطة عند تناولها الغداء في المكتب الذي يقع في وسط طابق مفتوح ضخم في الشركة. شعرت بالحماسة حين أمسكت بقائمة الطعام البرتقالية اللون، واختارت “طبق سلطة كبيرا عليه قطع من الدجاج”. واخترت أنا الإنتشيلادا “لفائف خبز الذرة”، وهي وصفة أُخذت من والدة جدة صاحب المطعم.
المأساة الشخصية التي تعرضت لها ساندبيرج جاءت في أعقاب سلسلة من الانتصارات الوظيفية المميزة. بعد عملها كبيرة الموظفين لدى لاري سامرز في وزارة الخزانة الأمريكية، انتقلت لتصبح نائب رئيس العمليات التشغيلية لدى “جوجل”. ومنذ وصولها إلى “فيسبوك” في عام 2008 أصبحت مسؤولة عن تحويلها إلى عمل تجاري تبلغ قيمته 432 مليار دولار، بحيث حققت لنفسها ثروة بلغت قيمتها 1.6 مليار دولار، وفقا لمجلة “فوربس”. ونجاح كتابها الأول “تقدمي” في عام 2013، الذي يدفع النساء ليكن أكثر طموحا، الذي كان من أكثر الكتب مبيعا، جعلها من أبرز دعاة حقوق المرأة.
تغير كل شيء عندما توفي زوجها جولدبيرج. ساندبيرج التي أصابها الحزن الشديد، وبعد جهودها “المستميتة” في سبيل التواصل مع الناس، وجدت في النهاية عزاءها في كتابة منشور عبر “فيسوك”. وقد تواصلت بالتأكيد: تشارك المستخدمون المنشور 400 ألف مرة وكتبوا حول التعامل مع الموت في تلك التعليقات.
تقول الآن “لم تكن لدي أدنى رغبة في مشاركة قصتي الشخصية داخل ذلك المنشور. أعرف السبب في إقدامي على ذلك. كان هناك كثير من الصمت. لم يكن مجرد الإحساس بالحزن. بل كان الانعزال التام”.
أفكارها المتعلقة بمدى معاناة الأشخاص الذين يفقدون عزيزا عليهم عندما يتم تجاهلهم هي أفكار مميزة: فهي تشير إلى أصدقاء يشعرون بالقلق لأن طرح سؤال “كيف حالك”؟ بالنسبة إليهم سؤال سخيف، بل ينبغي بدلا من ذلك طرح سؤال “كيف حالك اليوم”؟ لأنه يتقبل اضطرابات الحزن.
وبعد تشجعها بردود الفعل التي حصل عليها المنشور، كتبت كتاب “الخيار الثاني”، مع صديقها آدم جرانت، الأستاذ في كلية وارتون للأعمال. ونشر الكتاب في الشهر الماضي، وهو يجمع ما بين يومياتها والبحوث المتعلقة بالصمود بعد التعرض للحزن والنكسات. تقول ساندبيرج “إنها لم تكن تعلم أنها كانت تكتب كتابا في البداية. إن لم أكتب يومياتي لبضعة أيام، أشعر وكأنني على وشك الانفجار”. ومن ثم أصبحت الكتابة هي الأسلوب الشافي، وطريقة لتكريم حياة زوجها.
هل لا يزال الناس يطرحون عليها السؤال “كيف حالك اليوم”؟ أحيانا، بحسب ما تقول. “أخبرني مختص في الأحزان بأن أحد الأمور التي يقدمها الكتاب هو أنني أواصل التحدث عن ديف. لكن بالنسبة إلى كثير من الناس، يكون العام الثاني مليئا بكثير من حالات الصمت. يواصل الناس حياتهم. ولا يشعرون بأنه ينبغي لهم إثارة الموضوع، فهم لا يريدون إثارته”.
تصادف الذكرى الثانية لوفاة جولدبيرج هذا الشهر. عندما سألت عن الخطط التي تعتزم تنفيذها، دمعت عيناها. قالت “إنها تترك الأمر لأطفالها”. “ما زلت أرغب في الاحتفال في اليوم الذي ولد فيه، لكن إن أمكنني إغلاق عيني والتوقف عن الحياة ليوم واحد (…) لفعلت”.
إحدى المفاجآت التي تجدها في كتابها “الخيار الثاني” هي الفكاهة. هل كان ذلك مقصودا؟ “لا أعلم. يبدو الأمر كما لو أنك فقدت حقك في أن تكون سعيدا، والحق في الفكاهة، لذلك لم أستمتع بالنكات. حتى السعادة فقدت طعمها (…) كل شيء كان يمكن أن يكون ممتعا فقد طعمه. وكذلك مشاهدة التلفاز فقدت طعمها”.
وهي تقود حملة لتجعل الشركات تعترف بمدى تأثير الموت الكارثي في الموظفين. وتتحدث بكل إعجاب عن مديرها، مارك زوكربيرج، وكيف أعاد لها ثقتها بنفسها مرة أخرى بعد “أن انهارت” في أول يوم لها بعد عودتها. “عندما اتصلت بمارك، وأنا أبكي في تلك الليلة (…) وأقول، ربما عدت إلى العمل مبكرة جدا، فأنا لا أسهم كثيرا”، قال لي “ينبغي لك العودة متى تريدين”. لكنه لم يتوقف عند هذه الجملة، بل قال لي “لكنك حققت اثنين من الأمور الجيدة حقا اليوم، لذلك أنا سعيد جدا بعودتك إلى العمل”.
بالنسبة إليها، كان ذلك هو الجزء المهم. “لو أنه قال إنه ينبغي لك العودة متى شئت، لكنتُ فهمتُ قوله على أنه يعني أنه لا يمكنني فعل هذا”.
وضع النادل أمام ساندبيرج طبقا مربع الشكل، بحجم طاولة جانبية ومغطى بالخس والأفوكادو والدجاج. لا يبدو الطبق مكسيكيا. أما غدائي فهو برتقالي بشكل استثنائي: الإنتشيلادا في صلصة البرتقال، مع الأرز بنكهة البرتقال.
تقول، ربما لأنها لم تكن معتادة على وصف الطعام “الدجاج لذيذ”، تصمت قليلا ثم تقول “يبدو أنه كان منقوعا في سائل من التوابل لفترة طويلة، وهو أمر جيد دائما”.
عدد قليل من الشركات اكتسب مثل هذا التأثير والنفوذ، وبهذه السرعة. حصلت “فيسبوك” على نصيبها من المعاناة المتزايدة: حالات الفزع حول الخصوصية، والمخاوف من أنها قد لا تحقق الأرباح، والقلق من أنها بدأت تصبح غير جذابة. وقد تغلبت على كثير من المشكلات من خلال التكنولوجيا: إعدادات ذات خصوصية أفضل، واستهداف لإعلانات أكثر تطورا، وشراء تطبيقات جديدة مثل “إنستجرام”، أو استعارة ميزات جديدة من “سناب تشات”.
أما التساؤلات الحالية التي تواجهها فيما يتعلق بدورها فربما يكون من الأصعب إيجاد حل لها. في رسالة نشرت هذا العام عبر “فيسبوك”، عبر زوكربيرج عن آماله بأن تلعب الشركة دورا في إيجاد “مجتمع عالمي”. على الرغم من أن الرسالة تقع في نحو ستة آلاف كلمة ووردت فيها كلمة “مجتمع” 82 مرة، إلا أنها لم تكن تشتمل على تكنولوجيات محددة يمكن أن تكون مفيدة.
سألت ساندبيرج عما إذا كان “فيسبوك” حقا مجتمعا عالميا يمكن أن تُبَث فيه القيم، أو ما إذا كان، كما اعتادت أن تصفه هي، شركة للمنافع في الأساس، مثل شبكة الهاتف؟ تقول، إنهم توقفوا في الشركة عن إطلاق هذا اللقب عليها منذ فترة طويلة، الأمر الذي ربما يشير إلى أنهم الآن يعتقدون أن من المسلمات أن الناس لا يستطيعون الاستغناء عن “فيسبوك”.
“أعتقد أن لدينا إحساسا قويا جدا بالقيم. حتى عندما كنا شركة منافع، كانت لدينا قواعد قوية تحكم المحتوى: لا يُسمح بالمواد الإباحية أو العنف أو الكراهية”. ولا تزال القدرة على إنفاذ تلك القواعد في الوقت الفعلي أمرا يثير المشكلات: منذ لقائنا على الغداء، نشر رجل في تايلاند مقطع فيديو من خلال خدمة البث المباشر في “فيسبوك” يظهر فيه وهو يقتل ابنته الرضيعة البالغة من العمر 11 شهرا. واستمر بث هذا المقطع بين الناس لفترة تقارب 24 ساعة قبل أن يتم سحبه.
عندما سألتها عن التحدي الأكبر الذي يواجهه “فيسبوك”، تكشف ساندبيرج مرة أخرى عن مهارتها في تغيير وجهة الأسئلة. إنها الفرصة الأكبر: ربط الناس في جميع أنحاء العالم. هل تعتقد أن الناس يمكنهم قضاء كثير من الوقت في استخدام “فيسوك” (يقضي المستخدم العادي 50 دقيقة يوميا ما بين استخدام “فيسوك” و”الماسنجر” و”إنستجرام”)؟ التطرف في أي شيء أمر سيئ دائما، بعض الناس ربما ينامون لفترات أطول من الحد. هل تشعر بحجم قوتها عندما تأتي إلى العمل؟ يتولد لديها شعور بحجم العمل الذي هم بحاجة إلى تنفيذه. خلافا لكثير من الأشخاص الذين أجريت مقابلات معهم، كانت تعرف دائما متى يجب عليها التوقف، من خلال تقديم عبارات مقتضبة.
حاولت مرة أخرى طرح السؤال الذي كان يبدو بالنسبة إلي السؤال الأهم: هل تعتقد أن “فيسبوك” كمنظمة آخذة في الانتباه لحجم القوة العظمى التي تمتلكها؟ لكن ساندبيرج لا يبدو أنها تعتقد أن “فيسبوك” يمر في مرحلة انعطاف مهمة للغاية.
تقول “إنها مسؤولية كبيرة، ودائما ما كنا نأخذ ذلك على محمل الجد فعلا. للحفاظ على أمن الناس، للتأكد من أنه يمكنهم التشارك مع أي شخص يريدون، لضمان ألا يستخدم الإرهابيون هذه الخدمة”.
وفي محاولة للحصول على تفاصيل أكثر تحديدا، ركزتُ على الأخبار الكاذبة. رفض زوكربيرج في البداية فكرة أن منشورات “فيسبوك” التي تحمل عناوين رئيسية غير دقيقة – مثل الخبر الذي قال إن البابا يؤيد ترشيح دونالد ترمب – يمكن أن تكون قد أثرت في نتائج الانتخابات الأمريكية، واعتبرها “فكرة تدل على الجنون”. لكن في الأشهر التي تلت ذلك، بدأ “فيسبوك” مشروعا لدعم الصحافة، بما في ذلك شراكات مع مؤسسات تدقيق الحقائق. تقول “إن الأخبار المزيفة تضر الجميع. وتتسبب في الضرر لمجتمعنا، وتضرنا نحن كأفراد”. لكنها تضيف بسرعة “يتعين على الجميع القيام بدوره، أليس كذلك؟ غرف الأخبار، والأشخاص الذين يعلمون الناس، وشركات وسائل الإعلام ونحن. لذلك نعمل بجد واجتهاد لحل تلك المشكلة”.
بينما كنت أستعد لطرح سؤال آخر، كان فمي ممتلئا بالطعام. تبتسم ساندبيرج وتقول “أشعر أن هذا هو الجزء الصعب في هذه الوجبة، فهي لا تسير بشكل طبيعي، أنا أطرح عليكِ سؤالا، وأنت تطرحين علي سؤالا”. كانت قد تناولت معظم قطع الدجاج، وتركت كثيرا من الخس ويبدو أنها انتهت من وجبتها.
بأسلوبها السلس، لا عجب في أنه كان هناك توقع بأن ساندبيرج يمكن أن تسعى إلى نيل منصب سياسي، لكنها تقول “إنه منذ وفاة زوجها تشعر بأنها أكثر ارتباطا بشركة فيسبوك، حيث يواصل الناس نشر ذكريات عبر صفحتها”.
عندما كانت شابة، اعتقدت أنه يمكنها العمل في الحكومة أو في شركة غير ربحية، لا أن تعمل في شركة على الإطلاق. ما الذي تغير؟ تقول “أعتقد عندما دخلت التكنولوجيا، أصبح لدى “جوجل” و”فيسبوك” وتلك الشركات رؤية أكبر تماما مثل المنظمات الأخرى”. أشير إلى أنه ربما حتى شركات تتمتع بالقوة والنفوذ مثل الحكومة؟ تقول “لا أعلم إن كان ذلك صحيحا. لكنهم يمتلكون رؤية”.
كان زوكربيرج أيضا موضع تكهنات. تزايدت الشائعات عندما شرع في زيارة له في أنحاء الولايات المتحدة لمقابلة أعضاء المجتمعات المحلية، والكنائس والشركات، وهي زيارة بدا أنها مشابهة إلى حد كبير لمسار إحدى الحملات الانتخابية. هل تعتقد أنه قد يرشح نفسه ليصبح رئيسا؟ “لا”.
وماذا عنك أنت؟ “لا، لقد قلتُ لكِ لا”.
لا تزال ملكة التقدم إلى الأمام تأمل في وصول امرأة إلى سدة الرئاسة، حتى إن لم تكن هي. في ليلة الانتخابات كانت ساندبيرج مستعدة لإيقاظ طفلتها وطفلها ليتمكنا من رؤية هيلاري كلينتون وهي تصبح أول امرأة تحظى بالرئاسة. تقول “لكنهما في عمر التاسعة والحادية عشرة، لذلك سيحصلان على الفرصة. وآمل أن يكون ذلك قريبا”.
كيف تقيم حالة الحركة النسائية؟ هناك دلالات على التحدي – مثل المسيرة النسائية بعد التنصيب – وعلى اليأس، بسبب التراجع عن قانون المساعدة في عيادات الإجهاض. وتقول “أعتقد أننا بحاجة إلى مراجعة بعض السياق التاريخي. لقد بدأت الحركة النسائية منذ أكثر من مائة عام، وقد حققنا كثيرا من التقدم، لكن هناك أماكن في العالم لا تحصل فيها النساء على الحقوق المدنية الأساسية”.
قدمت ساندبيرج في الآونة الأخيرة مبلغ مليون دولار لجمعية “التخطيط الأسري”. وسبق لها أن قدمت تبرعات لجهات دون الإعلان عنها، وتقول “من المهم حقا الآن تقديم الدعم للمنظمة التي تفعل أكثر من مجرد توفير عيادات الإجهاض، بحيث تقدم الخدمات الصحية للنساء الأشد فقرا”.
وهي تشعر بالقلق “من الافتقار إلى السياسة العامة المتعلقة بالنساء والعائلات”. وتقول “أعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى شبكة أمان أفضل (…) إن كنت أما غير متزوجة أو حتى في عائلة عاملة فيها الأب والأم، ماذا تفعلين إذا كان لديك طفل مريض”؟
تعرض وادي السيليكون لانتقادات كبيرة، في الآونة الأخيرة عندما تحدثت مهندسة برمجيات سابقة في “أوبر” ضد شركة سيارات الأجرة لتجاهلها اتهاماتها بالتعرض للتحرش الجنسي. في هذه القضية، تبدو أقل توسعا في الحديث. تقول “أعتقد أننا نواجه تحديات في هذه الصناعة. ونعاني التحيزات نفسها. لدينا مشكلة تعانيها النساء في المواقع القيادية”.
وكتابها “تقدمي” تسبب في ولادة منظمة تحمل الاسم نفسه، وهي شبكة مكونة من 1.5 مليون امرأة عاملة في جميع أنحاء العالم، منظمة في “دوائر” لتقديم الدعم، بدءا من أصحاب المشاريع في باريس، وصولا إلى النساء الصينيات اللواتي ينسحبن من الشركات المملوكة للدولة ويرفضن الزواج الذي يتم بترتيب من الأهل. وتعمل ساندبيرج على مقابلتهن عندما تسافر.
تعرضت ساندبيرج لانتقادات لإيلائها الكثير من التركيز على ما يمكن للفرد عمله – مع تقديم نصائح مثل الجلوس على الطاولة وليس في الزاوية خلال الاجتماعات – بدلا من التركيز على أهمية المؤسسات. وفي هذه النقطة، تبدو متحمسة. “أعتقد أنها منافسة غير سليمة ولم تكن صحيحة قط. دائما ما كان التركيز على الاثنين معا. كنتُ أقول إن التركيز على الاثنين معا. الاثنين معا”.
اشتكى الرؤساء التنفيذيون إليها بأن الموظفات يطلبن زيادة في الأجور. ترفض ذكر أسماء الأطراف المذنبة، لكن عندما قالت إنها تغادر العمل في الساعة الخامسة والنصف مساء لترى أطفالها، “أخبرها أحدهم أنها لم يكن بمقدورها الحصول على مزيد من العناوين الرئيسية فيما لو كانت قد قتلت شخصا ما ببلطة (…) وصلتني أزهار من أقسام بكاملها في “ياهو” و”جوجل” تقول: شكرا لكِ. سنغادر جميعا في الساعة الخامسة والنصف مساء الآن”.
كما كان الكتاب مسؤولا أيضا عن انفصال بعض القارئات عن الرجال الذين لهن علاقة معهم. تنصح قائلة: “يمكنك لقاء أي شخص تريده، لكن ينبغي لك الزواج من المهووسين بالتكنولوجيا والأخيار”. وسألتها إن كانت قد التقت بعض الأشخاص السيئين؟ أجابت “قليلا”.
أخبرتها بأنني أبلغ من العمر 30 عاما ولست متزوجة: من الشخص الذي ينبغي لي البحث عنه؟ تجيب “الأشخاص الذين يرغبون في بناء علاقة متكافئة. الأشخاص الذين يرغبون في دعم حياتك المهنية. فأنت لديك حياة مهنية رائعة”. بعد تبني فكرة أن ساندبيرج هي أشبه بمحررة عمود المشكلات في إحدى الصحف، سألتها: كيف يمكنها معرفة وتحديد الأشخاص الأخيار؟ “أنت تسألين وتسألين مبكرا وينبغي ألا تكوني خائفة من إثارة الاستياء. إن كانوا سيشعرون بالاستياء من الإجابة، فأنت لا ترغبين فيهم على أي حال”.
أحيانا ساندبيرج تبث بشكل حي المقابلات مع نساء مشهورات أو يتحلين بالشجاعة. في النهاية تسألني سؤالا منقوشا بشكل بارز على ملصقات في مختلف أنحاء حرم “فيسبوك”: ماذا ستفعل إن لم تكن تشعر بالخوف؟
في الوقت الذي تمد فيه يدها لتتناول دفترها الصغير الذي يحمل علامة “فيسبوك” وهاتفها الذكي، في غلاف نقشت عليه عبارة “احظروا استخدام تعبير المرأة المسيطرة”، أختتم اللقاء بأن أعيد عليها سؤالها.
تتحدث بهدوء، وتقترب مني وتقول، وعيناها تمتلئان بالدموع “أعتقد أني أكتب هذا الكتاب لأنه شخصي وصريح للغاية. أريد أن يحدث شيء جيد من هذه المأساة. فقط شيء جيد”.
ثم تعود بسرعة إلى وضعية المرأة المتماسكة، وتعانقني مرة أخرى، وتغادر المطعم.
- نقلا عن فايننشال تايمز