الجمعة , 20 يونيو 2025

الراحة في اللاراحة.. تكتب رولا سمور

كثير منا امتهن وظيفة «أنا حي»! جُل مسؤوليات هذه الوظيفة هو الاستيقاظ صباحا متذمّرا ساخطا مجبورا للذهاب للوظيفة، وظيفة لا ترضي طموحا ولا شغفا، الرجوع الى البيت أو الأصحاب أو الأعمال، النوم والاستيقاظ مرة أخرى للرجوع إلى طاحونة الحياة.. او بالأصح، طاحونة العيش.. فكثير منا يعيشون ولا يحيون! تداخلت خيوط المتعة والسعادة فافتقدنا الفرق بينهما؛ السعادة: ذلك الشعور اللذيذ الذي يسكنك مهما امتلكت او افتقدت من متع الدنيا وحوائجها.
ففي كثير من الأحيان، نجد السعادة في أبسط الأشياء التي لا تشترى: متى كانت آخر مرة جربت المشى حافيا على رمال الشاطئ؟ متى كانت آخر مرة زرت فيها حديقة وأطلقت لنفسك العنان لتركض وتجلس على العشب؟ متى كانت آخر مرة لعبت كرة القدم أو الطائرة أو أي شيء مع صحبك وأطفالك؟ لا أنكر متع الحياة وجمالها، ولكن أنكر اقتران السعادة بماديات الحياة!
أقرن السعادة بالانجاز وتحقيق الهدف، وأكاد أجزم بأن جل أحلامنا وأمانينا تختبئ خلف سياج الخوف! لا نخطو خطوة لخوفنا من الفشل أو الفقد أو الرفض أو جميع ما سبق! لا نخطو خطوة الى الأمام لأننا مرتاحون في دائرة الأمان! نخاف من أن نفشل فيسخر منا الآخرون، أو نفقد هالة أو حالة أو اناسا نظن أنهم الأقرب وما هم الأقرب إلا لمصلحة.. هم الأقرب لوضعك وليس لشخصك!
نخاف أن نخطو خطوة فيرفضنا المحيط بنا ويرفضنا من سعينا لأجلهم، متناسين أننا نخطو نحو تغيير تجربة وشعور واكتشاف ذات ولكل مرحلة أناسها! أناس يتساقطون وما أنت بحاجة اليهم، أناس يبقون، وأناس جدد يزهرون في حياتك، يتعاقبون كما تتعاقب الفصول. اسع الى تجربتك وشعور تريده وسيأتي من يأتي ويرحل من يرحل لتتعلم أن تعود لملكوت نفسك وربك والمخلصين من أناسك.
سر النجاح هو مجاهدة النفس ودفعها لخطوة خارج دائرة راحتها، تضع لك أهدافا تشحذ فيها شغفك وحبك ورغبتك فتحرّك المارد الساكن فيك وتنفض عنك غباراً على جوهرك الثمين. وقتها سيكون للراحة طعم وللنوم طعم وللاستيقاظ طعم، ستحيى بدلا من أن تعيش فقط، وستتوسع دائرتك شيئا فشيئا وستُفاجأ بأن أجمل صحبك هو «أنت»، وأن الأنس كل الأنس في قربك من خالقك الذي وجدك لعمارة هذا الكون.
تحد نفسك بأحلام جديدة، بخطوات صغيرة وحثيثة كل يوم، لتخرج من دائرة الراحة الى اللاراحة لتتسع مداركك أكثر وأكثر.
والآن: متى كانت آخر مرة فعلت شيئا أشعل البريق والوهج في قلبك وعينيك؟ لا تتنازل عن ذاك الشعور.

رولا سمور

www.growtogether.online
rulasammur@gmail.com

شاهد أيضاً

العبدالهادي يصدر الجزء الثاني من كتابه «مبدعات كويتيات»

Share