تك…تك…تك! هل تسمعها؟ هل تعيها؟ هل تفطن لها؟ ما شعورك عند سماعها؟ وماذا تود أن تفعل عندما يشتد وقعها؟ نعم: هي دقات الساعة المعلقة على جدارك… تراها كل يوم، تسمع دقاتها عند السكون والهدوء، قد تنساها أو تتناساها لكنها موجودة، وإن توقفت، فدقات أخرى تهرع بنفس السرعة، لا زيادة ولا نقصان! هل تظن أنها دقات الساعة فقط؟ هل تظن أنها تدق معلنة وقتا قادما فقط؟ لا يا عزيزي، إنها دقات حياتك المتلاحقة، معلنة لحظات مضت وساعية لإكمال رحلتها للحظات قادمة: فماذا صنعت بما مضى وما أنت صانع بالآتي؟
في كثير من الأحيان، نبدأ بالاطمئنان أن كل شيء على ما يرام وأن لا سعي مطلوب، نبدأ نتعامل مع أنفسنا وأعمالنا وعلاقاتنا ومحيطنا على أساس أنها حق مكتسب مضمون ونتناسى أن الموت متربص! ولا أقصر مفهوم الموت هنا على خروج الروح لبارئها فقط، فاللحظات تموت والعلاقات تموت والنهايات هي موت للحظة مضت وما البدايات إلا حياة وشعور جديد بعد موت تجربة سابقة. صفحات كتاب تتوالى وفصول حياة تتعاقب. تنهي صفحة لتبدأ صفحة جديدة، وينتهي فصل ممسكا بيد فصل بعده!
هل تظن أن الوقت سيتوقف عند توقف دقات الساعة، هل تظن أن الكون سيهتم لحزنك وقلقك وغضبك وعزلتك الأبدية التى ارتضيت؟ هل تظن أن الحياة توقفت عند فقد عزيز أو مال أو منصب أو جاه؟ لا يا عزيزي، الوقت يمضي والشمس تشرق في موعدها وتسلم أمانتها للقمر ليسطع في موعده، سنون عمرك تمضي بعد فقد عزيز كنت تظن الحياة من بعده توقفت، لكنك عشت وشعرت وأيامك تمضى يوما ممسكاً بكف يوم.
لا حال يبقى ولا حال يدوم، دولاب يدور ولحظات تمضي، قرارك بيدك إن أردت عيشها أو العيش على هامشها، لأنها لن تأبه بقرارك ولن تأخذك على محمل الجد، فقطار الحياة يسير عابرا محطات كثيرة ولن ينتظرك طويلاً للصعود أو الهبوط؟ سيمضي. ونحن لسنا مخلدين في هذه الدنيا ولا في حالنا، فالحزن سيزول كما الفرح، ستلتقي أناساً وستفارق أناساً، بدايات ونهايات. لذلك: عشها بكل ما فيها، استغل لحظاتها وابنِ رصيدك من العطاء والإنجاز والشغف.. والأهم من هذا… ذاك الحب.
* www.growtogether.online
rulasammur@gmail.com