
يضع رائد الأعمال نجاح مشروعه نصب عينيه بشكل دائم، و ما أن تطرأ فكرة مشروع في ذهنه حتى نجده بدأ يتطلع إلى النجاحات التي سيحققها و الأرباح التي سيجنيها. ولكن هل يعلم رائد الأعمال هذا ماهو أهم عامل لنجاح مشروعه؟ إذا كانت إجابته فكرة المشروع، حجم رأس المال ، الموقع، فريق العمل، فهو في الاتجاه الصحيح ولكنه لم يصل للسبب الأهم والذي يجب أن يسبق كل هذه الأسباب أو العوامل. الإجابة على هذا السؤال، يجيب عليها بيل غروس رائد الأعمال الأمريكي ومؤسس حاضنة Idea Lab “معمل الأفكار” في إحدى محاضراته و التي كشف من خلالها عن عوامل نجاح المشاريع والشركات الناشئة، و لماذا تفشل بعض المشاريع الناشئة في حين تنجح الأخرى.
ومن واقع تحليل أكثر من مائتين مشروع بطريقة منهجية علمية و تحليل عوامل النجاح و الفشل التي كان لها التأثير الأكبر على هذه المشاريع، تم التوصل إلى خمس عوامل ذات التأثير الأكبر على مستقبل المشروع، و هي: الفكرة، فريق العمل، نموذج العمل، التمويل، والتوقيت.
وبالحديث عن كل عامل نجد أن الفكرة عامل رئيسي و هام جداً، فكلنا يعتقد أنه كلما كانت الفكرة مبتكرة و غير متداولة كانت نسبة النجاح أعلى، فنرى بعض المشاريع العالمية مثال أمازون و جوجل تميزوا بفكرة غير مسبوقة و حققوا نجاحات عظيمة.
أما فريق العمل فهو لاعب رئيسي في تحويل الفكرة إلى واقع ناجح، فعدم إكتمال الفريق أو ضعف إمكانياته ومهاراته قد يؤدي إلى فشل المشروع، وقد رأينا أحياناً مشاريع ما أن تغيرت إدارتها حتى بدأت تفقد عملائها بشكل تدريجي. نموذج العمل الخاص بالمشروع وهو عامل هام جداً حيث أنه العامل الذي يحدد من أين ستأتي إيرادات المشروع و ماهي مصادر الدخل، فبدون هذا العامل لن يستطيع المشروع العمل برؤية واضحة في السوق. أما التمويل فهو مايحتاجه أي مشروع ليتأسس و ينشأ بغض النظر عن حجمه.
وأخيراً نأتي لعامل التوقيت و المقصود فيه الوقت الذي يتم بدأ المشروع فيه، فأحياناً تنشأ مشاريع سابقة لوقتها لم يكن العميل ولا الوضع الحالي مستعد لها، أو أخرى تتأخر في الإنطلاق فيكون سبقها الكثير في التنفيذ. فبالنظر إلى هذه العوامل الخمس، برأيك ماهو العامل الأهم؟
كشف بيل غروس في نهاية محاضرته بأن العامل الأهم الذي جاء في المقدمة هو التوقيت، حيث احتل المرتبة الأولى بعد أن حقق نسبة 42% مقارنة بالعوامل الأخرى. نعم التوقيت هو العامل الأهم، وأرى أن ذلك يجيب لنا عن كثير من التساؤلات اليومية التي تردنا حول سبب فشل بعض المشاريع رغم التنبأ الكبير لها بالنجاح، إذ أنها تحظى بتمويل عالي، فريق عمل قوي، و فكرة متميزة. فلو نظرنا إلى أمازون و جوجل نجاحهم لا يعود للفكرة فقط و إنما توقيت إنطلاق هذه المشاريع كان له الدورالأكبر، حيث ظهرت هذه المشاريع مع ظهور ظاهرة الانترنت و بدء انتشاره بين الأفراد.
فبالنظر إلى المثال الذي تطرق له بيل غروس عن شركة Airbnb “إيربي أند بي ” الأمريكية، تبين أن توقيت إطلاق هذا المشروع كان له الدور الأكبر في النجاح الذي نراه اليوم، حيث ظهر المشروع في فترة ركود إقتصادي وكان الجميع يبحث عن دخل إضافي له، وبذلك لم يستنكروا أصحاب العقارات السكنية حينها فكرة تأجير المنزل الذي يملكوه أو جزء منه للحصول على دخل إضافي.
و ذلك ينطبق أيضاً على شركة Uber “أوبر”. فلو تخيلنا ظهور هذه الشركات في فترة ارتفاع الاقتصاد و ازدهاره مثالاً الفترة التي تسبق عام 2008م، لن نتوقع النجاح الباهر لها كما هو حاصل اليوم.
بعد الإطلاع على أهم عوامل نجاج المشاريع الناشئة التي تم طرحها، آمل من كل من لديه الرغبة في تأسيس مشروعه الخاص أن يعير اهتماماً كبيراً لعامل التوقيت، و يسأل نفسه، هل هذا هو التوقيت الأمثل لهذا المشروع؟ وهل الفئة المستهدفة مستعدة لتقبل المشروع؟ فتحري التوقيت المناسب كفيل بأن يحوّل فكرة المشروع من مجرد مشروع مبتكر أو جديد إلى مشروع ناجح يستطيع أن يكون له إيرادات تصل إلى الملايين. وحقيقة الآن فهمت تحديداً عندما كان الوالد رحمه الله يقول لي لقد أسست مشروع لكنه كان سابقاً لوقته لذلك لم ينجح.
* مروة عبد الجواد
رائدة أعمال و مستشارة مشاريع ناشئة و صغيرة