
قال تقرير لشركة «دي إتش ال» إكسبرس ان الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد حجر الزاوية للعديد من الاقتصادات العالمية ولاعبا مهما في تحفيز النمو، كما تعتبر مساهما رئيسا في تعزيز إجمالي الناتج المحلي مع خلق الفرص الوظيفية المتجددة، وتتفوق هذه الشركات على الشركات الكبيرة من حيث مرونتها مما يتيح لها التأقلم السريع مع متطلبات السوق المتغيرة لتقوم على دعم وتشجيع الابتكار بما يكمل مساهمتها في رفع معدلات التصدير والمعاملات التجارية.
وذكر التقرير ان العديد من دول الخليج اتخذت خطوات غير مسبوقة خلال العقد الماضي بالاستثمار في هذا المجال الحيوي، ففي دبي على سبيل المثال، تولد الشركات الصغيرة المتوسطة ما يقرب من نصف (40%) الناتج المحلي الإجمالي، وتستحوذ على ما نسبته 90% من مجمل الشركات.
وعلى غرار ذلك في مملكة البحرين، يعزى ثلث (30%) الناتج المحلي الإجمالي للشركات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تظهر هذه الإحصائيات الأثر البالغ لهذه الشركات على الناتج المحلي والمساهمة في دفع عملية النماء على المستوى الوطني، في الوقت التي تعكف فيه الدول النفطية على تنويع مصادر الدخل بالدرجة الأولى لتحصين أنظمتها الاقتصادية.
وبالرغم من تفاوت دور هذه الشركات باختلاف الدول، فلا تزال معظم دول الخليج متجهة نحو تغذية ريادة الأعمال، وتوفير الدعم والتمويل الذي يعد وقود الشركات الصغيرة والمتوسطة، ضمن الخطط الموضوعة لتحويل الاقتصادات النفطية إلى اقتصادات بنقاط ارتكاز متنوعة تحقق الاستدامة في التطور.
من جهة ثانية، قال التقرير انه حتى أمد قريب كان النفط هو المحرك الأساسي لاقتصاد الكويت، حيث يعمل قرابة 80% من القوى العاملة في القطاع الحكومي، بيد أنه سرعان ما تغير هذا الواقع مع إدراك الحكومة لصعوبة استدامة هذا النمط باعتبار حقيقة أن النفط هو مصدر طاقة قابل للنضوب، ومع تقادم الأعوام لن يكون بمقدور القطاع الحكومي تلبية كل احتياجات التوظيف بالنظر للكثافة السكانية المتنامية في الكويت، حيث يضم المجتمع ما يزيد على 40% من الأفراد الذين لا تعدو أعمارهم 25 سنة.
وشدد التقرير على ان الكويت تتجه نحو دعم وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة إدراكا للإجراءات التصحيحية التي تصب في تحصين الاقتصاد، وعلى الرغم من أن تجربة الكويت في هذا المجال لاتزال حديثة مقارنة بالشوط الذي قطعته الدول المجاورة، فقد دعت الحاجة إلى مبادرة الحكومة بتشجيع التنوع الاقتصادي، ومن الجانب الآخر فقد أسهم الدور النشط الذي يضطلع به القطاع الخاص في دفع الحكومة لإعادة تقييم استراتيجيتها والمسارعة في تطوير برامج الدعم لهذا القطاع الحيوي، وخير دليل على ذلك تأسيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت.
وأكد ان البلاد تركز حاليا على تمكين الشباب وبناء الجيل القادم من قادة القطاع الخاص بما يدفع الاقتصاد قدما. وتسعى الحكومة للاعتماد على نخبة رواد الأعمال المبتكرين والقائمين على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي ستصبح أحد الأعمدة الرئيسية لمستقبل الاقتصاد الكويتي.
ويعد رأس المال المخصص للصندوق الوطني الكويتي لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت خطوة جبارة في طريق تحقيق التنوع الاقتصادي وتشجيع الشركات الناشئة، غير أن ضخ رأس المال لايزال جزءا واحدا من المعادلة التي تضم مجموعة من العوامل الضرورية المساهمة في إحالة الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى قطاع حيوي مزدهر وفعال.
وأضاف: «لهذا فإن رأس المال يلعب دورا مهما غير أن تطور قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة مرهون بما هو أكثر من ذلك. ويتمتع اللاعبون الأصغر عادة بمرونة أكبر من الشركات الكبيرة، حيث يكون دخولهم للقطاعين بذهن منفتح وبحماس متقد وطموح عال، كما تميل هذه الشركات للمغامرة والمجازفة».
ويواجه النمو المستدام صعوبة أكبر مع الوتيرة السريعة التي يشهدها عالم التقنية والعلوم والتذبذب في ميول المستهلكين، مما يصعب مهمة الشركات الأصغر في مواكبة كل هذه التغيرات، ويولد ذلك الحاجة لوجود إطار عمل وطني شامل يتخطى حدود التمويل لدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما في الوقت الذي أصبحت فيه التجارة الدولية الورقة الرابحة لاستمرار الشركات الصغيرة والمتوسطة على المدى البعيد. وبظهور التجارة الإلكترونية والثورة الرقمية وتوسعها، أصبحت حركة التجارة الدولية دافعا أساسيا لنجاح المؤسسات الصغيرة، وفي ظل انتشار العولمة، يتوجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الرؤية الاستشرافية التطلع إلى المستقبل بنظرة تتخطى حدودها المحلية لتحقيق الازدهار والنهضة المنشودتين. ومن هنا تنبع أهمية إرساء قوانين وتشريعات ملائمة وتوفير بنى تحتية متطورة واعتماد سياسات وإجراءات مبسطة تسهم في توسيع نطاق عمل الشركات الصغيرة.
وأشارت ورقة بحثية أجرتها مؤخرا وحدة الاستخبارات الاقتصادية بالنيابة عن «دي إتش ال» إلى أن الاختلاف الثقافي والتكاليف الإدارية الباهظة التي يتطلبها التوسع، فضلا عن وجود بنى تحتية غير ملائمة تشكل العوامل الرئيسية التي تؤرق الشركات الأصغر. ويزداد الأمر سوءا مع تفشي البيروقراطية والفساد وعدم الاستقرار السياسي، عندئذ تزداد المشقة الملقاة على عاتق الشركات الصغيرة والمتوسطة لتجاوز الحدود الجغرافية.
وتوفر اللوجستيات الحلول للشركات الصغيرة التي تعتمد بشكل كبير على وجود نقل بريدي فعال وكفاءة عالية للإجراءات الجمركية، فهذه الشركات تحتاج إلى الوصول لقاعدة عملاء أكبر وتذليل العواقب التي تواجه توسعها التجاري. وتتيح اللوجستيات الفعالة للشركات الصغيرة والمتوسطة بوابة إلى أسواق عالمية كبرى بأعلى عدد من المستهلكين منذ البداية، لتكون اللوجستيات جزءا لا يتجزأ من خدماتها وجانبا إيجابيا يعزز مكانتها السوقية وقدرتها التنافسية.
ومع تواجد بعض الضغوطات على كاهل الاقتصادات الإقليمية، ستكون الشركات الصغيرة والمتوسطة الأداة الأكثر فاعلية لدعم نمو القطاع الخاص، وفي ذات السياق ستكون الشركات الكويتية الصغيرة والمتوسطة في الموقع الأنسب لمواجهة التحدي وتوسيع أعمالها خارج حدود الكويت، ويسهم وجود خبراء اللوجستيات مثل «دي إتش ال» التي تمتلك الخبرة الضليعة في السوق المحلي فضلا عن البنى التحتية العالمية من جهة ثانية في مساعدة هذه الشركات على تحقيق مبتغاها.