
لا أقبل أن تشيع في العقل الجمعي فكرة أن ريادة الأعمال منحصرة في إطلاق المشاريع الصغيرة فقط؛ فريادة الأعمال أسلوب حياة. ومن منا لم يفكر يوماً في زيادة دخله أو تطوير مساره العملي أو تغيير مهنته أو إنشاء مشروع خاص يحقق به ذاته ويدر عليه مالاً أو يحقق من خلاله هدفاً شخصياً أو اجتماعياً؟! لكل شخص معارف ومهارات وخبرات وطموحات تجعله علامة فارقة ومميزة، ما يمكنه من إيجاد أفضل نموذج عمل يحقق أهدافه ويتطور بوعيه الإنساني ويرتقي بحياته نحو ما يريد. ريادة الأعمال مهارة حياتية مهمة جداً، على كل إنسان يرغب في أن يعيش مواكباً لتطورات العالم السريعة أن يتعلمها، ويعلمها لأطفاله؛ فالمتقاعد والموظف والسياسي والدبلوماسي وصاحب التخصص والكاتب والفنان والعالم والمبتكر والتاجر كلهم يحتاجون إلى مهارة ريادة الأعمال؛ لأنها ببساطة تساعدهم على التعامل مع الظروف المجهولة والرؤية الضبابية للعالم السريع التغير، من خلال تزويدهم بأساليب التفكير ومهارات التصرف وتحديد الفرص والاستفادة من الإمكانات المتاحة والتكيّف السريع مع المستجدات والتعامل مع المشكلات بطريقة فعالة والسيطرة على الأفعال الشخصية وتحقيق الأهداف والطموحات. أليست هذه المهارات ضرورية في عالمنا اليوم حتى لربة الأسرة؟
أنت وثقافة الأدوات
يتطلب بناء العقلية الريادية ونموذج العمل الشخصي فهماً واعياً لأدوات الابتكار وريادة الأعمال، ومعرفة لكيفية اختيار مزيج الأدوات المناسب لكل موقف، وممارسة التجارب والاختبارات والتمكن من استخدامها في الوقت والموقف الملائمين. عملية ابتكار نموذج عمل شخصي تتطلب ربط نقاط معينة حتى تظهر لنا صورة منطقية للنموذج الشخصي الذي يحقق قيمة واستدامة، ومن أهم تلك النقاط ما يلي:
معرفة حاجات العملاء وفهمها
نقصد بالعملاء أي طرف تتعامل معه بشكل مباشر وترغب في تقديم قيمة له. إن الممارسة الأهم في تصميم نموذج العمل الشخصي هي معرفة أولئك العملاء وملاحظة سلوكياتهم وفهم حاجاتهم غير الملبّاة ومشكلاتهم وكيف يتعاملون معها في الوقت الحاضر، وإلى ماذا يتطلعون. تحتاج عملية فهم العملاء إلى أدوات؛ لأن عملية التحقق من حاجة العملاء قد تكون مضللة؛ بسبب أن الناس غالباً ما يقولون ما يودون فعله وليس ما يفعلونه بالتحديد، ينسب عن هنري فورد قوله: «إذا سألت عملائي عما يرغبون فيه، فسيقولون نرغب في حصان أسرع»، وما صممه فورد كان حلاً مبتكراً متمثلاً في سيارة تغني عن الجواد الأسرع.
بناء العلامة الشخصية المميزة
لا تتطابق بصمتان على وجه الأرض، ويعني ذلك أن لكل شخص توليفة خاصة تجعله مميزاً عن غيره. إن جوهر ابتكار نموذج عمل شخصي مميز هو أن تربط ما تجيد فعله بالقيمة التي ستقدمها لعميلك لتصل إلى إيراد مستدام، وأفضل السبل للوصول إلى النموذج المبتكر هو القدرة على توليد أكبر قدر من الأفكار والحلول لمشاكل العميل الحقيقية وتجربتها بشكل سريع وغير مكلف. إجراء العديد من التجارب الفعلية يعني فهم العديد من السياقات التي يمكن أن تزيد من خبراتك، وقد يعتبر البعض تجربة أشياء مختلفة نوعاً من التشتت وعدم التركيز، إلا أنها من أفضل الطرق لمعرفة العمل الذي يصلح لك ويحقق أهدافك.
صمم نموذجك الأولي وعدله باستمرار
على كل شخص سواء كان رائد عمل أو صاحب اختصاص أو حرفة أو مهنة أو فكرة أو حتى لو كان موظفاً، أن يكون لديه نموذج عمل شخصي، يجذب من يرغب في التعامل معهم ويقدم قيمة تحقق النجاح، ومن المهم بمكان أن تصمم نموذج عملك الشخصي المبتكر الذي يميزك أنت وحدك ويكون علامتك التجارية، التي توائم بين مهاراتك الشخصية ورأسمالك الاجتماعي ومواردك كلها لتسد فجوة حقيقية وتحقق قيمة مضافة.
إيمان الموسوي
مستشارة
ريادة الأعمال وابتكار نماذج العمل
@dr.emsa انستغرام
contact@emanalmousawi.com إيميل]