
توصل تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية إلى أن جائحة كوفيد 19 قد أدت إلى انخفاض الأجور الشهرية أو ازديادها ببطء أكبر خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020 في ثلثي البلدان التي توافرت فيها معلومات رسمية، مرجحاً أن تفرض الأزمة ضغطاً هائلاً باتجاه انخفاض الأجور في المستقبل القريب. يذكر أن الأزمة أثرّت في أجور النساء والعمال ذوي الأجور المتدنية بدرجة غير متناسبة. ورغم الزيادة الظاهرية في متوسط الأجور في ثلث البلدان التي قدمت بيانات، فإن هذه الزيادة كانت نتيجة فقدان عدد كبير من العمال ذوي الأجور المتدنية وظائفهم، مما أدى إلى انحراف المتوسط؛ لأنهم لم يعودوا مشمولين في بيانات الأجراء. وينظر تقرير الأجور العالمية 2021-2020 أيضاً في اتجاهات الأجور في 136 بلداً في الأعوام الأربعة السابقة للجائحة، ووجد أن نمو الأجور الحقيقية العالمية تأرجح بين 1.6 و2.2 في المئة، وأنها ازدادت بسرعة أكبر في آسيا والمحيط الهادي وأوروبا الشرقية وببطء أكثر في أميركا الشمالية وشمال أوروبا وجنوبها وشرقها. وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر: «يهدد اتساع انعدام المساواة الناجم عن أزمة كوفيد 19 بتركة قد تكون مدمرة من الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وعلينا أن نتبع استراتيجية انتعاش تتمحور حول الإنسان، وأن نضع سياسات مناسبة للأجور تأخذ بعين الاعتبار استدامة الوظائف والمنشآت، وتتصدى أيضاً لأوجه عدم المساواة وضرورة استدامة الطلب، وإذا كنا سنبني مستقبلاً أفضل، فيجب أن نتعامل أيضاً مع بعض المسائل الشائكة حول أسباب اقتران بعض الأعمال ذات القيمة الاجتماعية العالية، كمقدمي الرعاية والمدرسين، في أغلب الأحيان بأجور متدنية». وإلى ذلك، يشمل التقرير تحليلاً لأنظمة الحد الأدنى للأجور التي تضطلع بدور مهم في تحقيق انتعاش مستدام وعادل، ورغم أن الحدود الدنيا للأجور متوافرة حالياً بشكل من الأشكال في 90 في المئة من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية، إلا أن التقرير توصل إلى أن 266 مليون شخص، أي 15 في المئة من جميع الأجراء في العالم، كانوا، حتى قبل ظهور جائحة كوفيد 19، يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور للساعة الواحدة إما بسبب عدم الامتثال وإما لأنهم كانوا مستبعدين قانونياً عن هذه المشاريع، كما أن المرأة متواجدة بنسب عالية في فئة من يتقاضون الحد الأدنى للأجور أو أقل. من جانبها، قالت احد واضعي التقرير روزاليا فازكيز-ألفاريز: «يحمي الحد الأدنى المناسب للأجور العمال من تدني الأجور، ويحدّ من عدم المساواة، ولكن ضمان فعالية سياسات الحد الأدنى للأجور يتطلب مجموعة تدابير شاملة وجامعة، ويعني امتثالاً أفضل وتوسيع التغطية لتشمل عدداً أكبر من العمال، كما أن ضبط الحد الأدنى للأجور عند مستوى ملائم محدّث يتيح للناس بناء حياة أفضل لأنفسهم وعائلاتهم. فالامتثال الأفضل في البلدان النامية والناشئة يتطلب إبعاد الناس عن العمل غير الرسمي ونقلهم إلى القطاع الرسمي». أما في البلدان التي اتخذت تدابير مشددة للحفاظ على العمالة، فقد تجلّت تأثيرات الأزمة في انخفاض الأجور في المقام الأول أكثر من فقدان الوظائف على نطاق واسع. ويبين تقرير الأجور العالمية 2021-2020 أن تأثير الأزمة لم يكن متساوياً على جميع العمال، وأن النساء تأثرن بها أكثر من الرجال. ذوو الأجور المتدنية أكد تقرير منظمة العمل الدولية أن الأزمة أثرت أيضاً بشدة على العمال ذوي الأجور المتدنية، إذ أضاع العاملون في المهن التي تتطلب مهارات أقل ساعات عمل أكثر قياساً بالأعمال الإدارية والفنية الأعلى أجراً. ويظهر التقرير استناداً إلى بيانات البلدان الأوروبية الـ 28 أن الـ 50 في المئة من العمال الذين يتقاضون الأجور الأدنى كانوا سيفقدون ما يقدر بـ 17.3 في المئة من أجورهم لولا إعانات الأجور المؤقتة، فمن دون الإعانات، كان متوسط قيمة الأجور التي تفقدها كل الفئات سيصل إلى 6.5 في المئة، ولكن هذه الإعانات عوضت عن 40 في المئة من هذه القيمة.