الجمعة , 20 يونيو 2025

فايز الفايز يكتب: تشجيع الاعتداء على النساء

لم يكن أعضاء في مجتمعنا متوحشين كما هم في السنوات الأخيرة، هناك جراثيم فكرية خطرة جداً على السلم المجتمعي والعائلي، ولهذا باتت حوادث الاعتداء على النساء خصوصاً والصبيان ضرباً من العادات التي دخلت فجأة عبر بوابة الإعلام ووسائل النشر، والخطر الأكبر من الجرائم ذاتها هو اعتياد الجمهور على أخبار هذه الأفعال الشنيعة، فقد بات استسهال قتل امرأة أو ضربها في الشارع العام أمراً عادياً، بل إن منع الاعتداء من قبل رجال لديهم حميّة ولا يقبلون أن تُضرب فتاة في الشارع العام، يسبب لهم ملاحقة قضائية زيادة على تورطهم بعزاء مع الطرف المعتدي.
على قوارع الطرق العامة في قرى جنوب عمان تحديداً، رأيت العديد من اللوحات الإعلانية بخلفيتها البرتقالية تحذر من العنف ضد المرأة، وتنقل عبارات تحذيرية وتحريضية للنساء بغية التبليغ عن أي حوادث اعتداء عليهن عبر الأرقام المسجلة، ولكن للأسف فالرسالة وضعت في الأماكن الخطأ، فمناطق الريف والبادية قلما تجد مثل هذه الحوادث، لأن المرأة مصونة بقوانين اجتماعية صارمة جداً وعريقة جداً، تعود لمنظومة القضاء عند البدو، الذي ينص على أن الاعتداء على المرأة الشريفة هو اعتداء على القبيلة، وقتل المرأة يعادل أربع رقاب، أي أربعة أضعاف دية الرجل.
ولكن في تغول المجتمع المادي بتنا نرى كراهية الرجل لأخته لأسباب مالية أو أكل لحقوقها في الميراث، ومع هذا يجب أن تعلق تلك المنشورات المدعومة مالياً في جميع شوارع العاصمة والمدن الكبرى التي بات نهارها مثل ليلها، من تمرد لشباب ليس لديهم أي معايير أخلاقية تمنعهم من الاعتداء على فتيات وزوجات بالضرب، أو مطاردتهن بالمركبات أو التحرش بالكلام أو مد الأيدي.
اليوم وقبيل رحيل العام القاسي على الجميع، لم يرتدع أحد من إنذار الله للناس كي يستيقظوا من غفلتهم، فرأينا العديد من الجرائم البشعة، وقتل الآباء والأشقاء والنساء، ومردها لفساد التربية العائلية وضخ الكراهية في قلوب الأولاد على أقربائهم وجيرانهم وتطاول الناس بالأنساب والطبقية المقيتة، والحسد والغيرّة وسينسى الناس قول الله تعالى سورة الحجرات: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب».. فأي عاقبة تنتظر الناس أكثر من هذا الضنك والبؤس الذي حاق بهم.
اليوم بات على جهاز الأمن العام أن يبدأ بمراجعة لمراقبة الشوارع الخلفية وتعزيز دوريات أمنية فاعلة لمنع الاعتداءات من قبل شباب قد يكونوا تحت تأثيرات ما، نفسية أو عقاقير، فقد شهدت شوارع العاصمة أكثر من ثلاثة حوادث اعتداء مسجلة شكاوى بها، فيما يستوجب تفعيل مواد القانون لردع تلك الأنفس المريضة وأصحاب الميول الإجرامية من اعتداء على النساء والفتيات المحترمات، وبالطبع لا يمكن تحميل عائلات المشبوهين المسؤولية الكاملة، مع التأكيد على مسؤولية الأهل لتوجيه أبنائهم كيف تكون أخلاق الرجال الرفيعة وصون حرمات الناس.

شاهد أيضاً

العبدالهادي يصدر الجزء الثاني من كتابه «مبدعات كويتيات»

Share