
تشكل الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية حائلاً دون ممارسة العمل والتشغيل الهادف للشابات والسيدات، ومن هنا برزت العديد من الجمعيات النسوية التي تضع نصب أعينها مسؤولية الإسهام في بناء المرأة وإكسابها مختلف المهارات والأدوات اللازمة لتمكينها للاعتماد على ذاتها وتحسين ظروفها المعيشية.
وتقول سمندر: تأسست جمعيتنا سنة ١٩٧٣ في بلدة بير زيت، وهي جمعية خيرية غير حكومية، تهتم بشكلٍ رئيسيٍّ بالقضايا التي تتعلق بالمرأة الفلسطينية، لتكون بيئةً حاضنةً لسيدات المجتمع المحلي، من خلال العمل على تأهيلهنّ وتدريبهنّ للقيام بمشاريع إنتاجية ذات جدوى اقتصادية، إلى جانب عقد الجمعية لمختلف البرامج والدورات وورش العمل التي تُسهم بتطوير مهاراتهنّ الحياتية، وقد تمت إعادة تسجيل الجمعية لدى وزارة الداخلية سنة ٢٠١٢.
وتضيف: من بداية التأسيس حتى الآن نركز على رفع الوعي والتثقيف بأهمية دور المرأة ومشاركتها للرجل في مختلف مناحي الحياة، وبناء نساء فاعلات قادرات على الدفاع عن حقوقهن السياسية والمجتمعية، وليأخذن حقهن في الحضور الفاعل على المستويات كافة.
وتتابع سمندر: تلعب الجمعية دوراً في تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية لتحقيق التنمية داخل المجتمع الفلسطيني، إضافةً إلى بناء المرأة وتمكينها بشكلٍ خاص وتعزيز قدراتها، من خلال رفع مستوى المرأة من النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، عبر التخطيط المستمر للمشاريع الرامية إلى تحسين نوعية الحياة عن طريق عمليات التنمية الاجتماعية، التي تعمل على تفعيل الطاقات والإمكانات والموارد المادية من أجل إحداث تغيير.
وتقول: من هنا كانت رؤيتنا في الجمعية تحسين دور المرأة ودعمها في المجتمع، لتتشكل بذلك رسالتنا التي تقوم على تحسين وتطوير المجتمع في بلدة بير زيت، من خلال التركيز على تقوية المراة وتعزيز مكانتها في مختلف المجالات وجميع النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية.
بدياية الجمعية كمركز للرعاية الصحية الأولية
وتوضح سمندر أن بداية نشأة الجمعية كانت مركزاً للرعاية الصحية الأولية يدعم بلدة بير زيت وما حولها من المناطق المجاورة، ليقدم خدمات الرعاية الصحية للنساء الحوامل والأطفال وغيرها من الخدمات الطبية والصحية لرفع المستوى الصحي بالمجتمع في إطار بيئة صحية يعيش فيها الجميع، بحيث تكون هذه الخدمات خط الدفاع الأول للمرضى.
وتضيف: مع الوقت تطور المركز، وتم إدخال النشاطات الاجتماعية والثقافية له حتى أصبح جمعية نسائية تستنفر جهودها للعمل تحت مظلة الأهداف التنموية للمرأة، التي تقوم على التوظيف الكامل لقدرات النساء وطاقاتهنّ في التخطيط التنموي الشامل، والمساهمة في تحسين الأداء الاقتصادي.
أنشطة ثقافية واجتماعية وصحية وتفعيل الجانب التراثي
وتهدف الجمعية، وفقاً لسمندر، إلى تفعيل دور المرأة في المجتمع من خلال الأنشطة الثقافية والاجتماعية وتفعيل الجانب التراثي والمحافظة عليه من خلال الأنشطة المشتركة مع المؤسسات الموجودة داخل بلدة بير زيت وخارجها، مثل الروزنا والنيزك، وعن طريق إحياء المهرجانات والمسابقات، لإنعاش المهن والحرف التراثية التقليدية، حتى نستطيع إرجاع وإعادة تراثنا، خاصة ما اندثر منه ولم يعد موجوداً، كصناعة القش التي نحاول استعادتها لتبقى موجودة، فهذا تراث أجدادنا لا نستطيع أن نتركه يذهب هدراً.
وتضيف: وكذلك نعمل على رفع المستوى الصحي والتوعية بأهميته، فمن خلال العيادات الصحية الموجودة نعمل على تقديم الخدمات الطبية، فعيادة الصحة للتطعيم ومراجعة المرضى، كما ننظم أياماً طبية بشكل دوري ودائم بالتنسيق مع المستشفيات والمراكز الطبية، فمثلاً نعمل على استضافة مستشفى المطلع مرتين بالسنة، ومستشفى العيون ثلاث مرات بالسنة، والعناية بالقدم كل شهر، وكل ذلك من أجل أن ندعم المرأة ونحافظ على صحتها.
وتتابع: هذا هو مبدأنا الأساسي أن نساعد المرأة قدر الإمكان، وبكل ما نستطيع، فقيم الجمعية ترتكز بشكل أساسي إلى تحقيق نوعٍ من المساواة، خاصة للنساء، استناداً إلى المصداقية والشفافية بالتعامل وحفظ الهوية والتراث.
المكتبة والمطبخ الإنتاجي وجوري للهدايا
وعن أقسام الجمعية، توضح سمندر: تتكون الجمعية من المكتبة والمطبخ الإنتاجي وجوري للهدايا، وهذه الأقسام عملنا عبرها العديد من المشاريع والبرامج الهادفة لتكون ركائز أساسية لنا، فمن خلال المكتبة الموجودة لدينا حاولنا التشجيع على القراءة، خاصة لفئة الأطفال والنساء، ونظمنا مسابقات ثقافية، وكنا نعطي جوائز لمن يكتب قصةً أو موضوعاً جميلاً ومسابقات بين القُراء لمن يعطينا ملخصاً لما قرأه، وكانت النتيجة رائعة ومرضية، ونحاول على قدر المستطاع أن نشجع القراءة، ونعمل على تفعيل المكتبات ودورها، من خلال قيامنا بالعديد من الفعاليات، كالحكواتي وقراءة القصص وروايتها للأطفال ليأتوا مع أُمهاتهم ويستمتعوا، وتعم الفائدة على الجميع.
وتضيف: كما قمنا بدعم المراة أيضاً من خلال المطبخ الإنتاجي الذي تأسس في ٢٠١٥ بتنظيم دورات عن التصنيع الغذائي، وكيفية التغليف والتسعير والترويج لهذه المنتجات، واستطعنا تشغيل سيدات لدينا في المطبخ الإنتاجي في الجمعية، وهذا ساعدهنّ كثيراً على إعالة أُسرهنّ وأطفالهنّ وتحسين وضعهنّ الاقتصادي، لكن للأسف العمل حسب الطلبات التي تأتينا (نظام المياومة)، وعلى الرغم من أن المبلغ بسيط تبقى المرأة تفكر بأوليات بيتها وأطفالها، ولا تفكر بنفسها، وآخر همّها أن تفكر بنفسها بشكلٍ عام، ما يجعلها سعيدةً بالمساهمة بدخل الأُسرة ولو بجزء قليل.
وتتابع سمندر: إضافةً إلى دعم المرأة من خلال دكان جوري للهدايا الذي يحتوي على الخزف والمطرزات، وله دور فعال، لأننا نشغل تقريباً ٢٥ امرأةً من خلاله، نأخذ تطريزاتهنّ ومنتجاتهنّ ونعرضها في جوري، ونعمل على تسويقها لهنّ، وهذا كله برسم البيع ولتحسين وضعهنّ المادي.
محاضرات ودورات توعية..
وتردف: كما قمنا بتنظيم محاضرات توعية للنساء والشباب والأطفال، لأنهم مرتبطون بعضهم ببعض، لتكون النتيجة أفضل، فنحن نسعى لمساعدة المرأة وأولادها، فالعناية بها وتوعيتها يعود مردود النفع منهما عليها وعلى أُسرتها لرفع وتحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي، كما نعمل على تنظيم ورشات عمل للتوعية بشأن المشاريع الصغيرة وتقوية اللغة الإنجليزية والحاسوب الحرف اليدوية التقليدية، وكلها تصب في قالب واحد وتحت هدف واحد هو خلق فرص عمل للنساء.
وتقول سمندر: منذ فترة نظمنا دورة حول نسيج القش ودورة خياطة لإعادة تدوير الملابس القديمة الموجودة في البيت، لتتمكن السيدة في المنزل من تلبية احتياجات بيتها وأولادها، كما نعمل على إحياء الأغاني التراثية القديمة والدبكة الشعبية، من خلال محاولتنا لتجميع وإحضار السيدات اللواتي يحفظن هذه الأغاني ولديهن المقدرة، نجمعهن وننظم العديد من النشاطات ليعدن بالذكريات إلى الزمن الجميل، ونحافظ على تراثنا ونبقيه موجوداً حتى لا يتلاشى ويندثر.
وتعود وتؤكد: أن “الدور الأساسي للجمعية هو تقوية دور المرأة وتمكينها في المجتمع، لذلك ننظم العديد من الدورات والبرامج لتوعية النساء بحقوقهن، مثل نشاط سوق البابورية الذي من خلاله نظمنا نشاطاً للملكية الزوجية المشتركة بين الزوجين، حتى نضمن حق المرأة لتبقى محافظة على حقها وتعبها في حال كان هناك خلاف، وهذا النشاط كان بإشراف وزيرة شؤون المرأة الدكتورة آمال حمد ووزيرة الصحة الدكتورة مي كيلة، وكان من النشاطات الناجحة للجمعية”.
وتضيف: كذلك عملنا على حق المرأة في الميراث والمطالبة بحقوقها، حتى لا تخجل من المطالبة به، فمن حقها أن تاخذه، وركزنا على التوعية الصحية للمراة من خلال الورشات والندوات، والأهم أن هدفنا كان أن تهتم المرأة بصحتها، وتعتبرها من الاولويات بالنسبة لها، لتحافظ على صحتها لأنها إذا اهتمت بصحتها تستطيع الاهتمام بمن حولها وتكون منتجة.
كورونا.. ونوعان من التحديات
وتقول سمندر: نحن كجمعية نساء بير زيت نحاول دائماً أن نعمل على مساعدة المرأة وتوعيها صحياً وثقافياً واجتماعياً، وقبل كورونا كانت أنشطتنا متعددة ومنوعة وكثيرة، ولكن للأسف في ظل هذه الأوضاع أصبحت نشاطاتنا محدودة، ونتمنى السلامة للجميع، وأن نعود كما كنا في نشاطاتنا وعطائنا، خاصةً أن الجمعية بشكلٍ عام معتمدة علينا شخصياً كهيئة إدارية أنا وخمس سيدات، فنحن ننتج ونعمل بأيدينا حتى نستطيع تأمين مصاريف الجمعية ورواتب الموظفين الذين لايتجاوز عددهم الاثنين، وهذا كله يتوفر من خلالنا نحن ومن خلال تطوعنا وعملنا بأيدينا، ونتأمل أن تلتفت إلينا المؤسسات وتدعمنا حتى نستطيع أن نكبر ونصل إلى الهدف الذي نطمح إليه.
وتضيف: وهذا خلق نوعين من التحديات، التحدي الأول : الظروف الحالية لكورونا جعلتنا نوقف الكثير من نشاطاتنا، وأن نعمل على الطرود والمساعدات الخارجية أكثر، والتحدي الثاني: كجمعية نسوية فإن التمويل لدينا صعب جداً، والوصول إلى مؤسسات التمويل ليس سهلاً أبداً، لأنها تنظر لنا كجمعية صغيرة ومؤسسة صغيرة، فلا يوجد دعم لنستطيع توظيف موظفين أكثر لتكون لنا نشاطات أكبر.
وتدعو سمندر الجهات المعنية لتكون مظلة نموذجية لعمل المؤسسات النسوية المتميز، وتقديم الدعم المادي لها لتشكل فضاء للمجتمع المحلي، وبيئةً حاضنةً لاستخراج الطاقات النسوية الكامنة وتطويرها وصقل الموهبة وإثراء التجربة، وكذلك تجسيد دورها في المحافظة على التراث، مؤكدةً ضرورة تسهيل عمل المرأة وصولاً إلى تمكينها بالشكل المطلوب، إلى جانب دعم المنتجات التي تقدمها الجمعيات النسوية وتسويقها لخدمة المرأة العاملة وتشجيعها على الاستمرار في الإنتاج، وتعزيز ثقافة عمل المرأة والتشجيع عليها بمختلف الوسائل المتاحة، ودعم الجمعيات الإنتاجية، ولا سيما النسوية منها، بهدف تمكينها والاستمرار في تقديم خدماتها للمجتمعات المحلية.