
مع استمرار التأزيم السياسي وغياب الحلول العملية لأزمة شح الموارد المالية، توقعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن تسجل الكويت أعلى عجز مالي خليجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %20 في 2021 تليها البحرين والإمارات بـ%6 لكل منهما، والسعودية بـ%5 وعمان بـ%4 وقطر بـ%1، وفي حين رجحت إصدار قانون الدين العام خلال العام الحالي، أكدت الوكالة أن حجم العجز المالي المتوقع حتى 2024 يشير إلى أن القانون المقترح بقيمة 20 مليار دينار يمكن استنفاد قيمته في
3 سنوات فقط، وعليه ستعود مشكلة تمويل العجز لتطل برأسها مجدداً على الكويت بعد 2024 إذا فشلت الجهود الرامية لتنفيذ خطة محكمة للإصلاح المالي والاقتصادي.
توقعات «ستاندرد آند بورز» قد يراها البعض متشائمة، إلا أنها لم تكن مفاجئة، إذ إن الوكالة سبق أن خفضت تصنيف الكويت السيادي في مارس 2020 من AA إلى -AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، وعادت في يناير الماضي لتغيِّر نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية على وقع الجمود الحاصل في ملف الإصلاح الاقتصادي بالبلاد، محذرة من إمكان تخفيض آخر للتصنيف خلال الأشهر المقبلة، إذا بقيت الترتيبات المؤسساتية تمنع الحكومة من إيجاد حل مستدام طويل الأجل بشأن احتياجاتها التمويلية.
وفي حين تشير تقديرات وزارة المالية إلى تسجيل الميزانية عجزاً تراكمياً متوقعاً في 5 سنوات بقيمة 55.4 مليار دينار، لم يتم تحقيق أي تقدم يذكر في ملف الإصلاحات الاقتصادية، لكن وكالة ستاندرد اند بورز ترى أن الحل المستدام للعجز المالي في الكويت يمكن أن يتضمن برنامجاً مالياً أكثر شمولاً للإصلاحات وإجراءات ضبط الميزانية، بما فيها خفض الدعوم وسد ثغرات الإنفاق وإدخال ضرائب جديدة كسائر دول الخليج الأخرى. ومع ذلك، من الصعب تحقيق تلك الإصلاحات والإجراءات في ظل استمرار العلاقات المتوترة بين الحكومة ومجلس الأمة.
وترجح الوكالة انخفاض العجز المالي الخليجي في 2022 ليتسع مرة أخرى في 2023 و2024 نظراً لافتراضات أسعار النفط، المتوقع أن تبلغ 60 دولاراً للبرميل للفترة المتبقية من 2021 و2022 و55 دولاراً للبرميل في 2023 وما بعده.
فيما يلي التفاصيل كاملة
توقعت وكالة ستاندرد اند بورز، للتصنيف الائتماني، ان تسجل الكويت اعلى عجز مالي خليجي الى الناتج المحلي الاجمالي بنسبة %20 في 2021، تليها البحرين والامارات بـ%6 لكل منها، والسعودية بـ%5 وعمان بـ%4 وقطر بـ%1، ورجحت انخفاض العجز المالي الخليجي في 2022 ليتسع مرة اخرى في 2023 و2024 نظرا لافتراضات اسعار النفط، التي نتوقع ان تبلغ 60 دولارا للبرميل للفترة المتبقية من 2021 و2022 و55 دولارا للبرميل في 2023 وما بعده.
رجحت الوكالة ان تصدر الكويت قانون الدين العام في 2021، الا انه مع ذلك فان حجم العجز المالي الذي تتوقعه حتى 2024 يشير الى ان القانون المقترح بقيمة 20 مليار دينار يمكن استنفاد قيمته في 3 سنوات، وعلى هذا النحو من المتوقع عودة مشكلة تمويل العجز في الكويت الى الظهور بعد 2024.
وزادت: ان الحل المستدام للعجز المالي في الكويت يمكن ان يتضمن برنامجا ماليا اكثر شمولا للاصلاحات واجراءات ضبط الميزانية بما فيها خفض الدعوم وسد ثغرات الانفاق وادخال ضرائب جديدة كسائر دول الخليج الاخرى. ومع ذلك، لا يزال من الصعب تحقيق تلك الاصلاحات والاجراءات في الكويت بسبب العلاقات المتوترة بين الحكومة ومجلس الامة.
العجز الخليجي
توقعت الوكالة انخفاض العجز المالي الكلي لدول الخليج في 2021 الى 80 مليار دولار (%5 من الناتج المحلي الاجمالي الخليجي) من 143 مليار دولار في 2020 (%10 من الناتج المحلي الاجمالي الخليجي)، موضحة ان انخفاض هذا العجز سيتم دعمه من خلال ارتفاع اسعار النفط واجراءات ضبط الميزانيات العامة لدول المنطقة ومستوى اعلى من النشاط الاقتصادي مع رفع القيود المتعلقة بجائحة كورونا.
وقالت الوكالة في تقريرها ان العجز المالي الكلي لدول الخليج لا يزال مرتفعا وقد يؤدي الى استمرار تدهور ميزانيات بعضها، الا ان الحكومات الخليجية اثبتت سهولة كبيرة في الوصول الى اسواق الديون الدولية ولدى العديد منها اصول خارجية متاحة لتمويل عجوزاتها المالية ودعم اقتصاداتها في مواجهة اي صدمات اقتصادية.
واذ قدرت وصول العجز الاجمالي لدول الخليج الى نحو 355 مليار دولار بشكل تراكمي بين 2021 و2024، وتحتل السعودية النسبة الاكبر بـ%60 تليها الكويت بـ%25، والامارات بـ%7 وسلطنة عمان والبحرين بـ%4 لكل منهما، مبينة انه في حين سجل العجز المالي في الكويت اكبر بكثير في 2020 مما تم تسجيله في 2016، وفي البحرين كان العجز متماشيا هذا العام مع ما تم تسجيله منذ 5 سنوات، الا ان دول الخليج الاخرى سجلت اداء قويا في ميزايناتها العمومية، متوقعة استمرار تدهور معظم الميزانيات العمومية الخليجية حتى 2024، نظرا لأن بعض عجوزات دول المنطقة لا تزال كبيرة جدا.
ولفتت «ستاندرد اند بورز» الى ان العديد من دول الخليج اظهرت ضبطا كبيرا في ميزانياتها استجابة للصدمة الاقتصادية المزدوجة لعام 2020، كما حققت بعض دول المنطقة نجاحا كبيرا في تنويع مصادر ايراداتها المالية بعيدا عن النفط.
كيف ستمول دول الخليج عجوزاتها؟
سجلت العديد من دول الخليج عجزا ماليا كبيرا منذ التراجع العميق لأسعار النفط في 2014. وادت الاحتياجات التمويلية المتزايدة لدول المنطقة الى اصدار ديون حكومية بقيمة 90 مليار دولار في 2016، و100 مليار دولار في 2017، فيما بلغت الديون الحكومية الخليجية درجة اقل في 2020 عند 70 مليار دولار بسبب اجراءات تقشف وضبط الميزانيات العمومية وتنويع الايرادات في بعض الدول.
وتوقعت «ستاندرد اند بورز» بلوغ متوسط اصدارات الديون الخليجية السنوية بـ50 مليار دولار خلال 2021 الى 2024 مع امكانية اقتراض اعلى في حال انخفاض اسعار النفط، وذكرت ان الحكومات الخليجية اقترضت في معظم الاحيان بدلا من تصفية اصولها لتمويل عجوزاتها، مفترضة ان حاجة دول الخليج لتمويل عجوزاتها بـ355 مليار دولار خلال 2021 و2024 سيتم تقسيمه بالتساوي بين اصدار ديون وسحب اصول.
وتوقعت ان تمول السعودية والبحرين وعمان معظم عجوزاتها من خلال اصدار ديون، فيما ستستفيد الكويت والامارات وقطر اكثر من عوائد اصولها، لافتة الى انه رغم امتلاك بعض دول المنطقة لأصول ضخمة فإنها لجأت الى اسواق الديون بانتظام لاعتقادها ان كلفة السحب من الاصول سيكون اكبر من تكلفة اصدار الديون.
واضافت: في المقابل هناك دول خليجية تفضل عدم تصفية اصولها الخارجية، خصوصا في حالة انخفاض اسواق الاسهم العالمية. وفي حالات اخرى قد تحجم حكومات ايضا عن تصفية اصول خصصتها للمستقبل، كما فعلت الكويت من خلال صندوقها لاحتياطي الاجيال.