
يكشف كتاب جديد (اسمه لماذا ننتفض غضبا: فهم دارات الغضب في دماغك ( Why We Snap: Understanding the Rage Circuit in Your Brain ) صدر مؤخرا، اسرار نوبات الغضب الجامح الذي يدمر صاحبه أو من حوله سواء كان في شجار عائلي أو في الطريق خلال قيادة السيارة أو غير ذلك من المواقف.
يثبت الكاتب وهو البروفسور دوغلاس فيلدز، أن وجهة النظر التقليدية الشائعة التي تفسر نوبات الغضب الجنونية بأنها خلل نفسي لم تعد مقبولة مع كم هائل من الأدلة والمعلومات عن الدماغ والتي تثبت أن السلوك العنيف هو نتيجة صراع الشخص بين العالم الحديث وطبيعة برمجة الدماغ التي تكونت عبر آلاف السنين، وأنه ما لم نفهم محفزات الغضب فإننا سنظل عرضة للانتفاض الغاضب فجأة.
يكشف علم الأعصاب أن جذور الغضب في الدماغ تصدر من عقدة عصبية تلقب بـ منطقة الهجوم- وهي تسمى الوطاء hypothalamus
كما يكشف الكتاب إن الرجال أكثر عرضة لفورات الغضب والمواقف البطولية، ففي حالات المواقف الخطرة فإن سرعة الاستجابة اللاواعية ستكون إما مدمرة أو بطولية حسب النتيجة فإن كانت الاستجابة المفاجئة ضارة قيل عنها فورة غضب مدمرة وإن كانت إيجابية لإنقاذ النفس أو لإنقاذ شخص أو منع هجوم أو إحباط سرقة ستكون بطولة!
تتكرس أجزاء كبيرة في الدماغ البشري لكشف التهديدات المحيطة وتقييم التهديدات الخارجية والداخلية وهي أمور تجري في اللاوعي لأن الوعي بطيء جدا للتصرف إزاءها، بل تكمن هذه في أعماق الدماغ تحت القشرة المخية، وتقوم هذه الدارات بعمليات تقييم متواصلة، وحيث يبدأ الوعي في منطقة تدعى الوِطاء ( hypothalamus ). وهنا تكمن كل الرغبات والوظائف التلقائية التي ننفذها مثل السلوك الجنسي والتحكم بالسلوك العدائي الدفاعي. وإذا قم العلماء بتحفيز هذه الخلايا العصبية بمجس كهربائي فإن حيوان الاختبار في الققص سيصبح عدائيا فورا ويهاجم حيوانا آخر في القفص.
90 % من نزلاء السجون هم من الرجال وكذلك حال 90% ممن نالوا أوسمة البطولة (من معهد كارنيجي) وفي ربع الحالات ضحى هؤلاء بحياتهم وماتوا بلحظة للقيام بعمل بطولي غالبا ما كان في سبيل إنقاذ شخص غريب، لذلك فإن دارة الغضب في الدماغ هي سيئة وجيدة بذات الوقت أي سيف ذو حدين..
ويكشف فيلدز 9 محفزات للغضب الجامح وهي موجزة بالحروف: LIFEMORTS
– الأولى هي المحفز في حالة التهديد في موقف حياة أو موت.
– الإهانة
– العائلة- عنف الأمومة
– البيئة أو الدفاع عن حرمة مكان أو أرض أو حيض العائلة.
– التزاوج
– التنظيم (حدوث انتهاك لأمور النظام والتنظيم- كشخص تجاوز الدور أمامك أو قطع طريقك بسيارته خلال قيادتك للسيارة)
– الموارد أو نقصها
– عقلية القبيلة- “نحن وهم” (ويقول الكاتب أن اضطرابات مدينة بالتيمور الأمريكية لم تكن لأسباب عنصرية بل لأسباب قبلية حيث كان أغلب رجال الشرطة من السمر وكذلك حال الضحايا لكن الطرفين ينتمون لفئتين مختلفتين في المجتمع- تسود عقلية نحن وهم كما يحلو لبعض الغربيين التعبير عن الاستعلاء على غيرهم من البشر).
يسوق الكاتب أمثلة كثيرة عن الغضب المفاجئ مثل أن أكثر حالات الطلاق تقع وقت الغضب، كذلك حالات إطلاق النار بسبب فورة غضب مفاجئ نظرا لتوفر الأسلحة في متناول الجميع في الولايات المتحدة الأمريكية. كما يكشف كيف أن التمييز بين الشعور بتهديد كاذب والتهديد الحقيقي هو سر التحكم بالغضب المدمر، إذ ترسل منطقة الغضب في الدماغ أحيانا رسائل خاطئة، كأن يمازحك أحدهم لكنك قد تعتقد أنه يمثل تهديدا أو يوجه إهانة كبيرة.