
أبدأ يومي، عادةً، بشرب القهوة وقراءة عناوين الصحف اليومية وبعض مقالاتها، وصادف يوم كتابة هذه السطور أن قرأت مقالة الأستاذ أحمد الصراف، تحت عنوان: «أفضل من ألف رجل»، التي يتحدث فيها عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كرئيسة دولة عظمى، ويطالب بتغيير النظرة للمرأة في مجتمعاتنا.
ولم يخطر ببالي في تلك اللحظة أنني سوف أرى تجسيداً للطريقة التي يمكن بها تحقيق هذه الأمنية. فخلال جلوسي في مكتبي غارقاً في القراءة، طلب مني أحد الأساتذة أن أخرج للاطلاع على أحد مشاريع التخرّج الذي سيكتمل قريباً.
وفي قاعة الاجتماعات، حيث جرى تجهيز العرض، وجدت طالبة تقف بكل ثقة، بدأت بالحديث بلغة إنكليزية تقنية ممتازة تشرح كيف قامت وزميلاتها في المشروع بتطوير وتعديل درون بإضافة مجموعة من المجسّات الإلكترونية مع تبرير اختياراتها لتطوير نظام إطفاء ذكي للحرائق.
وخلال الاستماع إليها أخذتني الذاكرة خمس سنوات للوراء، إلى ذلك اليوم الذي أتت فيه الفتاة نفسها ضعيفة الشخصية، خائفة ومتردّدة لتسجل في الجامعة بضغط من أمها، وكانت متوسطة المستوى في الثانوية العامة؛ لدرجة أنها لم تجتز امتحان القبول، فتم وضعها في البرنامج التحضيري.
لقد كانت مقتنعة بأنها لا تصلح لشيء، حيث إن الكل أقنعها بذلك، ما عدا أمها التي داومت معها لفصل كامل لتشجعها.
وعدت الى الواقع لأصغي وأمامي مهندسة مبدعة وقادرة وواثقة، تتمتع بقدرات قيادية فطرية، وانتابني شعورٌ بالفخر بها وأساتذتها والتقدير والإجلال لوالدتها التي أتت اليوم، كذلك، لترى نتيجة إصرارها. وفي اليوم ذاته، اطلعت أيضاً على مشروع آخر لمجموعة من الطلبة، منهم 3 سيدات متزوجات وعاملات، إحداهن لديها 3 أطفال (وجميعهن من الذين قُبلوا من الحاصلين على الدبلوم سابقاً)، وجرى إنجاز المشروع بتميّز خلال الأشهر الصعبة الماضية، وهو نظام متكامل لرصد الزلازل.
وقفت الطالبات أسوةً بزملائهن وقدمن شرحاً بطريقة متساوية، وإن لم تكن أفضل من زملائهن الطلاب.
إن تمكين المرأة لا يحتاج وصفة سحرية او سرية، وليس محصوراً على اوروبا، بل يمكن للفتاة أو المرأة ان أعطيت فرصة متساوية للنمو الفكري والتعليم والعمل واثبات الذات ان تقوم بعملها بكفاءة متساوية او افضل، ويمكن لهذا ان يحصل في الكويت او في اي دولة عربية أو في العالم.
وعليه، فإن الطريق إلى تمكين المرأة يحتاج:
1 – وعياً أسرياً واجتماعياً بقدرة المرأة.
2 – إتاحة فرص متساوية في التعليم ونزع الشعور بالنقص والاعتمادية وتعزيز الطموح.
3 – توجيه الفتيات للدراسات الجامعية والعليا في جميع التخصصات، ومنها العلمية والهندسية، حتى نتمكن من خلق قدوة غير «الفاشينيستا».
4 – وأخيراً، إعطاء المرأة المتميزة فرصة القيادة من دون السقوف الزجاجية، خاصة في المجال العام. ولقول الحقيقة، فإن المرأة في الكويت حقّقت نجاحات بارزة في الكثير من المجالات، وإن كان الطريق ما زال طويلاً.