
زها حديد، المعمارية العراقية ذائعة الصيت، اكتسبت هذه الأيام شهرة أكبر لإنهائها المقابلات التي تجري معها فجأة، كشهرتها بأعمالها المعمارية الرائدة. فبعد الإعلان عن أنها سوف تصبح أول امرأة تفوز بجائزة الوسام الذهبي الملكي، أجريت معها مقابلة في برنامج «توداي» التلفزيوني، وعن تعرضها في المقابلة لاتهامات غير صحيحة حول العمال الأجانب ممن فقدوا حياتهم أثناء العمل في الاستاد الرياضي، الذي صممته في قطر استعداداً لإقامة مباريات كأس العالم لكرة القدم، قطعت زها المقابلة وغادرت الاستديو.
وتوصف زها بأنها شخصية مخيفة، وقد انتابني شعور بالخوف في بداية المقابلة معها، فقد بدا عليها شعور بالملل، وعيناها تتجولان من جانب الى جانب آخر عند طرح السؤال الاول.. وكانت قد قدمت للتو من جامعة بيل الاميركية، التي تعمل فيها كمحاضرة، لكي تتسلم الجائزة. فهل كانت تعاني من ارهاق السفر؟ وردت على ذلك قائلة: «إنني لا أعاني من ارهاق السفر» بصورة قاطعة. فهل هنالك ما يشير الى أنها سوف تنهي المقابلة. وقد كنا في قاعة حديد للعرض التي تقول انها تعد بمنزلة مسكن لها، فهي تقع بالقرب من بيتها الذي تعيش فيه لوحدها.
وقد أبدت فخرها لنيلها جائزة الوسام الذهبي الملكي، لأنها تعد دعما لها من الوطن الذي تبناها. وقالت «لقد اخترت ان اقيم في بريطانيا، فأنا أعمل هنا، ومقر مكتبي هنا، كما أنني درست في هذا البلد».
والمعمارية المولودة في العراق ظلت تقيم في لندن منذ عام 1972 عندما كانت طالبة، ولكنها مازالت تتحدث الانكليزية بلكنة شرق أوسطية، وقالت «أود أن أحصل على عمل هنا. إنني بالكاد أحصل على أي شيء. وأنا أعرف لندن جيدا. وظللت أتجوّل في ارجائها منذ ان كنت طالبة. وقد شهدت التحولات التي حدثت في المدينة. وأحيانا ما أشعر بالاحباط لأنه ليس لدي عمل هنا. فأنا أحب بناء برج في لندن».
وعمل زها في مجال المعمار محفوف بإثارة الجدل، منذ ذلك الذي ثار حول دار أوبرا كارديف المقترح ابان التسعينات، والذي سلط عليها اضواء الشهرة. فقد فازت في ثلاثة جولات من المنافسة للتصميم الذي لم يحظ بالتمويل، وذلك بالإضافة الى الجدل الذي ثار مؤخراً حول استاد طوكيو الأولمبي لعام 2020. وفي هذه المرة ايضاً فاز تصميم حديد في المنافسة الدولية. وهي تقول «كانوا يريدون بناء استاد وطني وعبره تقدموا بطلب لتنظيم الألعاب الأولمبية، وفزنا في المنافسة وعملنا في المشروع قرابة ثلاث سنوات، ولكن اتضح انهم كانوا يرغبون فقط في معماري ياباني».
وظل مكتب حديد يرفض إلى الآن التخلي عن الحقوق الفكرية الخاصة بالتصاميم مقابل الحصول على الدفعة الأخيرة، وذلك خشية استبدال بعض مكونات المشروع بأخرى على يد كينغو كوما، والتي تعد شبيهة بتلك التي اقترحتها زها. وكوما ينفي سرقته لتصاميم حديد.
وتقول زها انها تعمل في بلدان اخرى «فكل بلد عليه بناء مشاريع عامة وثقافية، وإنه من المهم منح تلك الدول مدارس ومستشفيات ومتاحف ومساكن جيدة. ولكن هناك مشاريع لا اشارك فيها البتة، اذ انني لن اصمم أي سجن».
هل التكريم مهم بالنسبة لها؟ لقد فازت بجائزة ستيرلينغ مرتين وخلال عامين متتالين، كما فازت بجائزة بريتزكر، التي تعد ربما الأكثر أهمية، وذلك في عام 2004، وهي تعتبر أول امرأة تحظى بذلك التكريم. كما إنها منحت لقب ديم، وهو من أرفع الألقاب التي تمنحها الملكة لسيدة من السيدات. وقد منحت هذا اللقب في عام 2012 بعد بنائها مركز الألعاب المائية في لندن.

هل يرى الناس صعوبة في العمل معها؟ ترد على ذلك قائلة «لا اعتقد ذلك. هم يقولون أنني كذلك»، وصدرت عنها حركة تعبّر عن عدم الاهتمام بذلك. ولكن كيف تتعامل مع النقد الموجه إليها؟ تقول حديد «عندما بدأنا تصميم مشروع دونغ ريمون بلازا في سيئول عاصمة كوريا الجنوبية، عبّر الجميع عن كراهيتهم له. أما الآن فإن هنالك 17 مليونا قاموا بزيارته. وهو يأتي في المرتبة الثانية في الزيارات بعد متحف اللوفر عالمياً».
وقد حازت زها على عدة جوائز عن مبان ابتداء من مدرسة في منطقة بريكستون في لندن، إلى دار اوبرا غوانزهو في الصين. وهي تعمل الآن في أعمال تتراوح فيما بين مركز لأبحاث الطاقة في الرياض بالمملكة العربية السعودية، إلى مشروع مبنى البرلمان العراقي الذي تبلغ تكلفته 632 مليون دولار. وهو مشروع عزيز لديها بما ان والدها محمد حديد، الذي توفي في عام 1999، كان سياسياً بارزاً ومن دعاة الديموقراطية، وكان قد تولى لفترة قصيرة منصب وزير المالية، وذلك قبل وصول حزب البعث إلى السلطة في عام 1963. وسوف يبدأ العمل في المشروع قريباً.
وتقول في نهاية المقابلة «لقد استمتعت بكل عمل قمت به، بالرغم من العقبات التي واجهتها. لاننا اذا استسلمنا فإن ذلك يعني النهاية، وعلينا الإيمان بما نقوم به». وتضيف، وقد علت الابتسامة وجهها: «لا أحد يتقاعد في العمل في مجال المعمار».
نقلا عن ذي تايم