الجمعة , 20 يونيو 2025

تعلّم التمويل الإسلامي.. في ازدياد

1525220032_12_09_2014_11_34_56
جوناثان مولس*

قال يروين تاب، مدير عقود الطاقة لمنطقة بنلوكس (الاتحاد السياسي الاقتصادي الذي يضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبرغ) في شركة داو كيميكال، انه من بين الطلاب الأقل وضوحاً للالتحاق في دورة لدراسة التمويل الإسلامي كجزء من شهادة الماجستير في ادارة الأعمال التنفيذية الممولة ذاتياً في كلية لندن للأعمال.
لكن المدير التنفيذي الهولندي يشير الى أن هذه الدورة المتخصصة، التي تدرس في فرع دبي لكلية لندن للأعمال، كانت من بين المواضيع الأكثر قيمة التي درسها كونها ساعدته على القيام بعمله. وقد عمل مؤخراً على مشروع مشترك لشركة داو كيميكال مع شركة أرامكو السعودية في المملكة العربية السعودية.
وكما يقول تاب « قواعد الانضباط في التمويل الاسلامي يتم التقليل من شأنها»، مشيرا الى أن المعرفة عن كيفية هيكلة الصفقات لتتماشى مع قواعد الشريعة الاسلامية أمر حيوي لعمله مع المديرين التنفيذيين في شركة أرامكو السعودية.

الأهمية الاقتصادية المتزايدة للبنوك في البلدان ذات الأغلبية المسلمة جعلت من التمويل الاسلامي مهارة مفيدة. وعولمة تعليم ادارة الأعمال تعني أن العديد من الكليات والجامعات لديها الآن فروع في بلدان حيث التمويل الاسلامي يشكل جزءاً كبيراً من القطاع المصرفي المحلي.
الزيادة الكبيرة في عدد الدورات التي تقدمها كليات ادارة الأعمال جاءت نتيجة لهذا الأمر، جزئيا، ولتلبية الطلب المتزايد من الطلاب.
الحافز لتقديم التمويل الإسلامي كمادة اختيارية في كلية لندن للأعمال جاء نتيجة افتتاح فرع دبي للكلية في عام 2006. وعلى غرار العديد من كليات ادارة الأعمال، فتحت كلية لندن للأعمال قاعدة لها في الخارج للاستفادة من قيمة العلامة التجارية للكلية خارج أوروبا. لكن الكلية كانت أيضا حريصة على تعليم دورات ذات صلة بالشأن المحلي، وفقا لنارايان نايك، وهو بروفيسور في التمويل ويدرس مادة التمويل الاسلامي.
وكما يضيف فان الطلبات تأتي من كل حدب وصوب. خمس الذين تم قبلوهم العام الماضي وعددهم 36 طالبا، وصلوا من 22 بلدا، بما في ذلك بيرو والمجر وايرلندا والصين وبلغاريا، كانوا من المسلمين.
وتخطط كلية لندن للأعمال لتقديم دورة مقرها لندن، ويحتمل أن تكون برنامج تعليم الادارة التنفيذية، بحسب البروفيسور نايك، مشيرا الى أن الطلبات ارتفعت للدورة التي تدرس في دبي هذا العام.
واحد من الدوافع وراء هذه الزيادة في الطلب هو القلق الذي ينتاب طلاب العلوم المالية حيال العثور على وظيفة بعد التخرج، كما يقول.
ويضيف البروفيسور نايك «وجود فرق متخصصة في البنوك، مثل تلك التي تتعامل مع التمويل الاسلامي، تعتبر آمنة نسبياً وسط عمليات خفض واسعة النطاق للتكاليف من قبل مجموعات الخدمات المالية الكبيرة». دويتشه بنك، على سبيل المثال، هو الآن في خضم عملية إلغاء لـ 9 آلاف وظيفة في مختلف عملياته في أرجاء العالم.
ويقول «بعد الأزمة المالية، وظائف المصرفية التقليدية في جميع المجالات، مثل التنظيم، آخذة في الانخفاض، مما جعل التمويل الاسلامي نسبياً سوقاً أكثر أهمية. معظم طلابنا هم في منتصف حياتهم المهنية، والدراسة في هذه الدورة يمكن أن تكون وسيلة لاجراء تغيير أو الارتقاء الى مستوى أعلى».
حتى في أكبر أسواق التمويل الاسلامي، لا يزال هذا المجال نشاط الأقلية. ففي جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، تمثل البنوك المشاركة، أي تلك التي تقدم التمويل الاسلامي، ثلث الأصول المصرفية فقط. لكنها الآن باتت قطاعاً كبيراً في حد ذاته.
وتدير البنوك التى تقدم التمويل الاسلامي أصولاً تزيد على 920 مليار دولار، بزيادة أكثر من %16 منذ عام 2010، وفقاً لتقرير نشرته هذا العام شركة ايرنست آند يونغ للخدمات المهنية.

1280x960
عندما كان وزيراً للمالية في بريطانيا تعهد جورج أوزبورن بجعل لندن المركز العالمي لصناعة التمويل الاسلامي، بعد أن أصبحت المملكة المتحدة أول بلد خارج العالم الاسلامي تصدر سندات اسلامية، والمعروفة باسم الصكوك، في عام 2014.
وتقود مؤسسات التعليم العالي البريطانية العالم من غير الدول المسلمة في تدريس التمويل الاسلامي، مع دورات تقدم منذ وقت طويل وتديرها جامعات دورهام وأستون وبانجور وسالفورد وكلية كاس لادارة الأعمال. وتقوم أكثر من 60 مؤسسة في المملكة المتحدة الآن بتعليم التمويل الاسلامي، بعد أن كانت أقل من 10 مؤسسات قبل عشر سنوات، وفقا لجامعة ايست لندن، واحدة من أولى الجامعات التى درست هذا الموضوع.
وحدها كليات ادارة الأعمال في منطقة الخليج وماليزيا وباكستان واندونيسيا تنافس بريطانيا في هذا المجال.
جامعة لندن متروبوليتان هي آخر المؤسسات في المملكة المتحدة التى أضافت خيار تعليم المادة، وأعادت اطلاق برنامج الماجستير في ادارة الأعمال في يناير ليكون التمويل الاسلامي واحداً من ضمن أربعة تخصصات في البرنامج.
وتدير الجامعة دورات للبنك التجاري القطري في الدوحة، والتي تنطوي على تقييم مقارن للعمل المصرفي الاسلامي والتقليدي. ويهدف برنامج الماجستير في ادارة الأعمال الى تلبية الطلب من الطلاب، وفقا لهازل ماسينجر، رئيس برنامج ماجستير ادارة الأعمال.
خارج المملكة المتحدة، ترى الجامعات في عواصم الخدمات المالية في تدريس التمويل الاسلامي فرصة أيضا.
اذ طورت كلية فرانكفورت للتمويل والادارة دورة معتمدة على الانترنت للقرض الصغير المتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية، والتي بدأت في سبتمبر في شراكة مع منظمة الاغاثة الاسلامية العالمية وأكاديمية الاغاثة الإسلامية، وهي هيئة التدريب مقرها بريطانيا.
وشملت الدورة الأولى وعدد طلابها 31 طالبا أولئك الذين يسعون ليصبحوا من مقدمي القروض الصغيرة المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، وكذلك مديرو المؤسسات الخيرية، الذين يريدون أن يفهموا كيف يمكن لهذا النوع من الاقراض أن ينجح في البلدان ذات الغالبية المسلمة.
تكاليف الدورة 650 يورو، وهي أرخص بكثير وأقل استهلاكا للوقت من تعلم قضايا الامتثال والتنظيم بالنسبة للمعنيين في هذا التمويل المتخصص، من برنامج الماجستير في ادارة الأعمال.
حسام سعيد، العضو المنتدب لأكاديمية الاغاثة الاسلامية، يصف البرنامج ومدته ستة أشهر باعتباره مساهمة مهمة لملء «الفجوة التعليمية» في السوق لمساعدة الفقراء في الدول الاسلامية.
عمليات التمويل الصغيرة، أي تمويل أصحاب المشاريع الصغيرة من دون الحصول على الخدمات المصرفية العادية، أصبحت حركة عالمية، لكنها أنشئت لأول مرة في بنغلادش. وكان محمد يونس فاز بجائزة نوبل للسلام في عام 2006 لريادته في برامج القروض الصغيرة للنساء في هذا البلد.
ويعتقد تيمور كوران، الخبير الاقتصادي التركي الأميركي وأستاذ في الدراسات الاسلامية في جامعة ديوك في نورث كارولينا، أن هناك مشكلة مع الشفافية في تعليم التمويل الاسلامي كانضباط في قطاع الأعمال.
وكما يقول «تقديم شهادات في التمويل أمر، وتعليم الناس كيفية التعامل مع المسائل لجعل المعاملات الأساسية مقبولة للدائرة التي تريد تجنب الفائدة أمر آخر تماما. ربما هو شيء يجب على قسم علم الاجتماع تدريسه».
وتصر باربرا دريكسلر، العميد المشارك في فرانكفورت والمسؤولة عن دورات تعليم الادارة التنفيذية الدولية، أن كلية ادارة الأعمال هي المكان المناسب لتدريس هذا البرنامج.
وتشبه تعاليم الشريعة في دورة عمليات التمويل الصغيرة المتوافقة مع الشريعة بتدريس الاطار التنظيمي المصرفي الطوعي «بازل 3».

*ترجمة وإعداد إيمان عطية
صحيفة القبس الكويتية

شاهد أيضاً

«كامكو إنفست»: النشاط غير النفطي زاد خليجياً

Share