
شخصية اليوم انشغلت بمشروعات فكرية بنيوية، شكلت بالنسبة لها، جوهر قضية مصيرية، قوامها الارتقاء بثقافة المجتمع وترسيخ رؤى تطوره، كانت ملامح تجربتها، الحياتية والابداعية، تعكس قيمة وأهمية وجود السياسي المثقف في عالمنا العربي، فكانت مطالبة دائما بضرورة ان نعتني في مشروعات التطوير الفكري، بتحصين وعي المرأة.. إنها زهور ونيسي
زهور ونيسي، سياسية وكاتبة جزائرية، ولدت في ديسمبر عام 1937،في مدينة قسنطينة في شمال شرق الجزائر وهي شخصية سياسية وكاتبة جزائرية، حصلت على البكالوريوس الجامعي في الادب والإنسانية والفلسفة، درست علم الاجتماع قبل ان تعمل في تدريس الاعلام في عام 1982، كما كانت من رائدات العمل السياسي، ومن الوجوه السياسية لعهد “الشاذلي بن جديد”، وهي أول امرأة جزائرية يعهد إليها بمنصب وزاري.
وكانت المرأة الجزائرية قد حصلت على حقّيْ التصويت والترشيح عام 1962، فتم تعينها في عهد الشاذلي بن جديد وزيرة، ثم في حكومة “عبد الحميد براهيمي”، وكانت أول امرأة جزائرية تصل إلى هذا المنصب، شاركت في تأسيس الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات.
تعتبر أول امرأة تُعين بمنصب وزير في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بعد الإستقلال، وتقلدت عدد من المناصب الرفيعة، عضو “مجلس الأمة الجزائري” عام 1997، سكرتيرة الدولة في الشئون الأجتماعية في حكومة عبد الغاني الثالث، ثم وزيرة للشؤون الاجتماعية في حكومة “محمد بن أحمد عبد الغني” في يناير 1982م، لتصبح بذلك أول سيدة تتولى منصب وزيرة في تاريخ الجزائر، ثم وزيرة للحماية الاجتماعية في حكومة “عبد الحميد براهيمي” سنة 1984م، فوزيرة للتربية الوطنية في التعديل الوزاري 18 فبراير 1986، كما شغلت أيضا منصب عضو بالمجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982م، تعود إلى الواجهة السياسية كعضو في مجلس الأمة في ديسمبر 1997م.
شاركت اونيسي في ثورة التحريرالجزائرية، و”اتحاد الكتاب الجزائريين”، و”الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين”، ومؤسس أول مجلة نسائية تُعنى في شؤون المرأة الجزائرية عام 1970، وتحمل وسام المقاوم، ووسام الاستحقاق الوطني. كانت أول امرأة جزائرية تترأس وتدير مجلة نسائية “الجزائرية”، وعضوًا في الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب الجزائريين (1995-1998).
كانت خير تمثيلا لما قامت به المرأة الريفية في الثورة الجزائرية، حيث كنت من المجاهدات اللاتي عملن في الولاية الأولى، ثم انتقلت إلى الولاية الرابعة، ومارست العمل الثوري في مرحلة الشباب، عندما كانت بين الـ 18 والـ 20 من عمرها، حيث شغلت منصب أول وزيرة فأصبحت أول امرأة تكون وزيرة، ذلك الى جانب وزراء رجال، وكانت الحكومة آنذاك، تتألف من المجاهدين، إذ كانت العلاقات حميمية وعميقة بينهم، على أساس أنهم شاهدوا بأعينهم مرحلة الثورة، واختبروا، فكانت عضوا بالهيئة التنفيذية الوطنية بعد الاستقلال” الحكومة الجزائرية الأولى”، وذلك منذ سبعينات القرن الماضي، وكذلك الثمانينات.
وهي أديبة وروائية، وكان الأدب منذ الخطوات الاولى، قرين العمل الثوري والسياسي بالنسبة لها، ففي البداية كتبت القصة القصيرة. ثم وجدت نفسها فجأة في خضم كتابة الرواية، وربما تكون كتابة القصة أصعب من الرواية، لأن الرواية تتضمن مجالًا واسعًا للتخيل وتوالد الأفكار والشخصيات والمصائر والحوارات والأحاديث وغير ذلك، ولم تمنعها الرواية من كتابة القصة القصيرة، وهكذا كتبت قصة عن المترو الباريسي حيث معاناة المهاجر العربي والإفريقي، في مسيرة البحث عن لقمة العيش.
لها رصيد ادبي من كتابات ومؤلفات منها، الرصيف النائم (قصص 1967م)، على الشاطئ الآخر (قصص 1974م)، من يوميات مدرسة حرة (رواية 1978م)، لونجا والغول (رواية 1996م)، عجائز القمر (قصص 1996م)، روسيكادا (قصص 1999م)الذاكرة، ومن مؤلفاتها ايضا “روسيكادا” عام 1999، و”عجائز القمر” عام 1996، و”الظلال الممتدة” عام 1985، و”على الشاطئ الآخر” عام 1974، و”الرصيف الناعم” عام 1967، وتعتبر روايتها “الرصيف الناعم”، أول رواية في اللغة العربية لكاتبة جزائرية.
شاركت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، ضمن فعاليات ندوة حول(الربيع العربي ثقافة جديدة)، وتلك كانت المشاركة الأولى لها في دوراته وبرامجه، وقدمت في الندوة عرضًا مختصرًا حول الواقع العربي في زمن الربيع العربي، ونتائجه وحالته، وتطرقت فيها إلى واقع الثقافة في الوطن العربي، والتغييرات التي حصلت فيها، وحذرت في ورقتها، من أن هناك تجليات كثيرة، تهددنا، من بينها تجليات العولمة التي هي محور التغيير الحاصل في الوقت الحالي.
كما كانت منهمكة بمشروع فكري مهم، إذ أقامت ناديًا ثقافيًا في منزلها، حيث تستقبل مجموعة من الشباب الجامعيين ممن لديهم مشروعات روائية، إضافة إلى أطروحات قيّمة وروايات مستوحاة من صميم الواقع الجزائري، وترجمت أعمالها الادبية إلى الفرنسية، وكان آخرها (جسر للبوح وآخر للحنين)، لكنها حرصت الا تكون لأي لغة فوق لغتها الأم في هذا الشأن، لأن العربية من وجهة نظرها، هي من الثوابت الوطنية والقومية.
صنفت روايتها “لونجة والغول” ضمن أفضل 100 رواية عربية،وساهمت في تأسيس العديد من المؤسسات والهيئات والاتحادات، كان في طليعتها الاتحاد النسائي الجزائري واتحاد الكتاب واتحاد الصحفيين الجزائريين، كما لعبت دورا كبيرا في تعريب الاعلام الجزائري، وتكريما لها عالميا سُجل اسمها ككاتبة مغاربية في القاموس الأدبي النرويجي والفرنسي، وفي الموسوعة الأدبية بجامعة نيويورك.
تُعرف في الوسط الجزائري بـ “المرأة المثقفة والمجاهدة “، التي عايشت أهم الأحداث البارزة في الجزائر وكانت شاهدة عليها، وشاركت في العديد من التظاهرات العلمية والأدبية التي رفعت فيها اسم المرأة الجزائرية دوليا، واتهمت بطريقة غير مباشرة بالتلاعب بأموال الشعب في إحدى اجتماعات مجلس الوزراء أيام الرئيس شاذلي بن جديد، لكنها التزمت الصمت آنذاك لترد على الاتهام في مذكراتها “زهور وأشواك” التي أصدرتها بمناسبة خمسينية الاستقلال، ويعتبر هذا الكتاب خلاصة حياة ونيسي الأدبية والسياسية والاجتماعية.
تعتبر “زهور ونيسي” من رائدات الأدب الجزائري، كتبت أول رواية لكاتبة جزائرية باللغة العربية، وقد نالت مجموعتها القصصية الأولى “الرصيف الناعم” في 1967 إعجاب الناقدة والكاتبة المصرية الشهيرة “سهير القلماوي” وقد وصفتها ب”الثائرة التي ألهمتها الثورة سرُ الحياة”، ورأت” سهير القلماوي أن قوة الإبداع لدى “زهور ونيسي” تكمن في إنها تنفذ إلى أعماق نفسية المرأة والشعب وأن إيمانها بالثورة والشعب سيمنحها القوة في انجاز أعمال فنية خالدة وذلك في المقدمة التي كتبتها “سهير القلماوي” لمجموعتها القصصية “الرصيف النائم”.