السبت , 21 يونيو 2025

سفينة عبيد.. السيدة التي أسست أول مدرسة للفتيات بصعيد مصر

احتل صعيد مصر، صدارة “ترند” مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحات الإعلامي المصري تامر أمين حول أزمة الزيادة السكانية في مصر، لا سيما في محافظات الصعيد، حيث اتهم أهالي الصعيد بإنجاب الأطفال لدفعهم في سوق العمل في سن صغيرة لجلب المال لآبائهم.

ما قاله أمين كان في خضم حملة الدولة لتحديد النسل، بعد تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتبر فيها أن أزمات مصر سببها الزيادة السكانية، وهي الزيادة التي ترتكز في ريف مصر وصعيدها الجنوبي، فتحولت نساء الصعيد لخادمات وعاملات في المنازل، ومصدر ربح لأسرهن على لسان الإعلامي.

انتفض الصعيد لنسائه وكرامتهن، فعوقب أمين بحرمانه من تقديم برنامجه لشهرين، حتى تقدم تامر باعتذار في فيديو عبر صفحته الرسمية مؤكدا للصعايدة “حقكم على راسي”.

سفينة الإنقاذ
كثيرة هي الحكايات التي تروى عن نساء الصعيد في مصر، قوة وجرأة وشخصية فريدة غير متكررة بين النساء، فكما تقول الحكم المتوارثة عن الصعيد “تبنى بيوت الرجال بنسائهم”، فكثير من الرموز النسائية التي عرفتها مصر كانت أصولها صعيدية، أمثال هدى شعراوي وإستر ويصا وعواطف عبد الرحمن وثريا حلمي وسناء جميل وكريمة مختار.

هؤلاء جميعا أسماء نسائية ذاع صيتهن خارج حدود الصعيد، بينما بقيت السيدة سفينة دوس عبيد، يعرفها أهل الصعيد، وتحفظ نساء محافظة قنا صنيعها لهن جيلا بعد جيل، السيدة التي عاشت حياتها بالمحافظة البعيدة عن العاصمة رغم ثرائها وثراء عائلتها والشهرة السياسية التي حازتها، إلا أنها اختارت أن تكون سفينة إنقاذ لفتيات لم يجدن يدا للنجاة غيرها.

تعتبر قنا من المحافظات الفقيرة في صعيد مصر، عانت مطولا من إهمال الدولة، رغم أن بها العديد من العائلات الغنية، وذات الأصول الممتدة في السياسة والاقتصاد، لكنهم مثل كافة العائلات، نشأت في الصعيد وترعرعت في العاصمة.

أما السيدة سفينة التي بقى اسمها مرفوعا على شارع من أكبر شوارع المحافظة الصعيدية، التي لم تخجل من اسم امرأة على عكس كثير من الموروثات والعادات القديمة، إذ كانت رمزا للعطاء، وسفينة للنجاة كما كان يردد والدها “الخواجة” دوس ميخائيل عبيد، دوس لم يكن أجنبيا، كان مصريا صعيديا حتى النخاع، لكن في ذلك الزمان كان كل قبطيا “خواجة”، بحسب مجلة سيدات مصر التابعة للمجلس القومي للمرأة.

أصل العائلة كان أسيوط، ومؤسسها هو الخواجة بشارة عبيد، الذي نزح من أسيوط لقنا، في ذلك الوقت كانت التجارة هي مهنة الأقباط التي نبغوا فيها، ومنها نجح بشارة في تأسيس إمبراطورية عائلة عبيد، التي امتدت في قنا بقدوم أخوته وأبناء عمومته، لتستقر العائلة وتمتد. وتأتي سفينة، الابنة التي استطاعت أن تؤسس لنسل العائلة من النساء، كما أسس مكرم عبيد لنسل رجالها جيلا بعد جيل.

تربت سفينة وتعلمت في مدرسة مسيحية، فقبل أن تؤسس مدرستها، لم يكن الصعيد يعرف المدارس العامة للبنات، فقط كان هناك المدارس المسيحية، والتعليم لأبناء الأغنياء وبناتهم يعرفون من التعليم القراءة والكتابة بالقدر الذي يسمح بتميزهم عن الفقيرات.

عاشت سفينة بين رجال شغلتهم الحياة السياسية في مصر، ومنهم عرفت أحوال نساء مصر، ومحاولة السعي لبعضهن نحو نور العاصمة.

في عام 1904، قررت سفينة أن تكون اسما على مسمى، فوهبت 50 فدانا من ميراثها لبناء مدرسة لبنات قنا، وأن تكون الأرض وقفا للمدرسة وتكاليفها بعد إنشائها، ولا تزال المدرسة شاهدة على ما فعلت السيدة الفاضلة، اسمها مدون على لافتتها، وكرّمتها المحافظة بإطلاق اسمها على أبرز شوارعها الذي يحوي قصر عائلتها.

لم يعرف الكثير عن تاريخ سفينة، سوى اهتمامها بتعليم الفتيات، ومشاركتها في تأسيس المستشفى القبطي بالقاهرة الذي يحمل اسم أحد أفراد الأسرة هناك.

توفيت سفينة في عام 1922 بالإسكندرية، حيث كانت تقضي أيام صيفها الأخير.

شاهد أيضاً

البحرين.. “الأعلى للمرأة” يشارك في ملتقى “التمكين الاقتصادي للمرأة” بدولة الإمارات العربية المتحدة

Share