
على الرغم من كل ما تعانيه النساء في منطقتنا الذكورية بامتياز إلا أن هناك نوع من التفكير اللي بينتشر في أوقات كتير عن أنهن مميزات.
يزعم البعض إن النساء في المجتمعات العربية مميزات لأن المجتمع ما بيطلبش منهن نفس الطلبات اللي بيطلبها من الرجل، مش مطلوب منهن إنهن يتفوقن في أعمالهن، مش مطلوب منهن إنهن يتصارعوا عشان ترقية أو علاوة، مش مطلوب منهن إنهن يشتغلوا على أنفسهن عشان يحسنوا من أوضاعهن الاقتصادية أو مكانتهن في المجتمع ، بينما الرجال مطالبين إنهم كل يوم ينزلوا لساحة المعركة عشان يتقاتلوا على لقمة العيش.
وما يعتبره البعض نوع من التميز أعتبره أنا نوع من خلط المفاهيم، بل أعتبره في بعض الأحيان جريمة إضافية ترتكب في حق المرأة، فلما يعطيك المجتمع كارت أبيض أو كما يقول الأجانب (كارت بلانش) كنوع من الموافقة على إنك مش مطالب بأي مجهود ولا إنجاز، المجتمع بكده بيكون مشارك في عملية قتل طموحك وتغافلك عن البحث عن دور وهدف لحياتك واكتشاف مميزاتك ومواهبك وما خلقك الله لتكونه على الأرض.
حصر دور المرأة الوحيد في تربية الأولاد وكأن كل النساء خلقوا زي بعض وكأن مافيش واحدة فيهم بتتميز عن التانية في ميزة أو موهبة أو شغف أو ميل، عدم احترام خصوصية كل شخصية من شخصياتهن، وجمعهن كلهن تحت شعار (الست مالهاش غير بيتها) أو (المطبخ مملكة الست الوحيدة)، بيضيع ع المجتمع إسهامات ملايين النساء، ده إلى جانب إنه بيعفي الآباء من مسئولياتهم و كأن التربية مهمة نسائية بحتة.
التسامح في ما يخص الحياة المهنية مش هو الكارت الأبيض الوحيد المؤذي اللي بيعطيه المجتمع للنساء، هناك أيضا التسامح التام مع فكرة الأم الجاهلة المنفصلة عن العالم، والاحتفاء بها كمثال طيب يشع بالدفء والرومانسية، التسامح مع النموذج ده اللي بيخليه هو النموذج المفضل في أذهاننا لصورة الأم، بيدي العذر لكثير من النساء إنهن ما يسعوش ورا معرفة بالدنيا من حولهن ولا يواكبوا تطور حتى يصبحوا معزولات عن العالم متدثرات برداء من الجهل والتقوقع المتين.
الكارت الأبيض التالت يختص بصحة المرأة، تسامح تاني من المجتمع أو تفضيل لنموذج المرأة اللي بتنسى آلامها ولا تسعى لعلاجها بينما تسهر بجوار أبنائها وقت المرض وتجري بيهم على العيادات والمستشفيات، وهو اللي أفرخ أجيال كاملة من النساء اللي بيعانوا من أمراض مزمنة، وآلام في المفاصل، ووزن زائد يمنعهن من عيش حياة صحية مريحة.
الكارت الرابع يتعلق بسعادة المرأة، واعتبارها رفاهية أو حتى أحيانا نوع من قلة الحيا والاحترام، فالتعيسة في زواجها لازم تستحمل عشان العيال، والأرملة لابد أن تعيش على ذكرى المرحوم، ومن تهتم بملابسها عايقة، ومن تظهر سعادتها بأي شكل لونة ومايصة وشمال، تسامح مع التعاسة وإرشادات للتقاعص عن السعي ورا السعادة بأي صورة أو شكل.
وهكذا ما يراه البعض مميزات تتمتع بها المرأة أراها في حقيقة الأمر كروت بيضاء تجرح حافتها وتشوه أجساد وأرواح النساء يوم بعد يوم.