أكد مؤسس بنك (الفقراء) الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006 البروفيسور محمد يونس امكانية القضاء على الفقر عالميا باعتباره “فكرة ومشروعا قابلا للتطبيق” وذلك باتباع مجموعة من الخطوات أبرزها “تشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب”.
وقال يونس في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) على هامش زيارته الى الكويت ان اعادة تصميم العالم لجعله خاليا من الفقراء وحل المشكلات المتعلقة بالفقر يتطلبان اعادة صياغة المفاهيم الاقتصادية وتغيير آلية التفكير النمطية التي انتجت احتكار الثروات والبطالة وغيرها من المشكلات المؤدية الى الفقر.
وأوضح ان الخطوة الاولى في طريق القضاء على الفقر هي تشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب والتوقف عن اقناعهم ونصحهم الدائم بالبحث عن وظيفة فور تخرجهم أو بالعمل لدى اصحاب رؤوس الاموال واصفا هذه النصيحة بالسيئة التي جاءت نتيجة لنظريات اقتصادية لم تجلب الى العالم سوى ويلات الحروب والفقر والمشكلات.
وأضاف ان الفطرة البشرية التي جبل عليها الانسان منذ بداية الخليقة هي “العمل الحر” كالزراعة والصيد مؤكدا ان “نسيان قدرة الاعتماد على النفس والاستقلال والاكتفاء الذاتي هي ما خلقت لنا معضلة الفقر”.
وأشار الى ان “العمل لدى الغير” فكرة حديثة لا يتجاوز عمرها بضعة قرون من الزمن وتحديدا بعد الثورة الصناعية وفيما عدا ذلك فقد كان الانسان حرا ولم تكن فكرة العمل لدى الغير مألوفة او معمولا بها الا في حالات “العبودية”.
وذكر ان الخطوة الثانية للقضاء على الفقر تكمن في اصلاح النظام التعليمي ليكون مشجعا على خلق اجيال من رواد الاعمال وليس من العمالة كما هو حاصل حاليا علاوة على اعادة تصميم عالم الأعمال والخدمات المالية بحيث تكون موجهة للشباب المبادرين الذين يرغبون في خلق الاعمال الخاصة بهم.
ولفت يونس الى ضرورة تعزيز وتطوير مفهوم (العمل الاجتماعي) لاسيما لدى طلبة المدارس والجامعات بهدف ترسيخها في نفوس الاجيال المقبلة والتأكيد انه “يدر ربحا ماديا وفائدة مجتمعية في الوقت ذاته” مبينا ان هذا النوع من الاعمال هو ما يحتاج اليه العالم للقضاء على مشكلات الفقر.
وذكر ان أغلبية الاعمال في “عالمنا اليوم هدفها الربح المادي من دون النظر الى فوائدها على البشرية والامثلة على ذلك كثيرة كتجارة التبغ والمشروبات الروحية فمع انها مشروعة في معظم دول العالم وتدر ربحا جيدا على اصحابها لكن من المهم ان نسأل انفسنا هل يكفي ان يكون العمل مربحا كي نعتبره ناجحا”.
وشدد على ضرورة أن تكون المسؤولية الاجتماعية هدفا لأصحاب الاعمال واعتبارها مهمة بقدر الربح المادي.
وحول تجربة بنك جارمين (بنك الفقراء) قال يونس ان هدفه الرئيس هو مساعدة الناس والنظر الى الناحية الاجتماعية وليس المادية والاقتصادية حيث يقرض البنك عملاءه من دون فوائد ولا يلاحقهم لمطالبتهم بسدادها مشيرا الى ان المقترض يعلم ان مبالغ القرض التي سيسددها ستذهب لمساعدة شخص آخر يعيش الظروف وحالة الفقر نفسها.
وأضاف ان البنك الذي انشئ في بنغلاديش عام 1983 “ذاتي التمويل” ولم يستعن بأي رأسمال خارجي حتى اليوم حيث يغطي نفقاته من ودائع العملاء كأي بنك آخر مبينا ان عدد المستفيدين من خدمات البنك بلغ 8 ملايين عميل داخل بنغلاديش تشكل النساء ما نسبته 98 في المئة منهم.
وشدد على “عدم قبول البنك اي تبرعات او مساعدات من اي جهة حيث نسعى الى تعزيز فكرة ان هذا البنك مؤسسة مالية تقدم خدماتها لشريحة مميزة ومعينة من العملاء من ذوي الاعمال البسيطة ولا نريد الترويج له على انه مؤسسة خيرية لأننا لا نقدم مساعدات انسانية بل نساعد الناس على مساعدة انفسهم والآخرين من حولهم عن طريق العمل والكسب والجهد”.
وبين ان افرع البنك مقتصرة على بنغلادش فقط “لكننا عن طريق مؤسسة (جارمين ترست) التابعة له ننفذ برامج للتمويل المصغر في دول مختلفة حول العالم.
وذكر ان هناك الكثير من المؤسسات حول العالم تقوم بما “نطلق عليه التمويل المصغر” مثل ما يقوم به (بنك جارمين) لافتا الى قيام برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) بالعمل على افتتاح بنوك للتمويل المصغر في 9 دول عربية منها اليمن وتونس ولبنان بهدف النهوض بالمشاريع الصغيرة.
يذكر ان البروفيسور محمد يونس شارك في الندوة التي اقيمت برعاية اميرية سامية في مقر غرفة التجارة والصناعة ونظمتها الجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع وزارة الدولة لشؤون الشباب تحت عنوان (اعادة تصميم الاقتصاد لاعادة تصميم العالم).