ماديسون ماريج وكريس نيولاندز*
قبل عام واحد، أثارت هيئة تنظيم القطاع المالي في المملكة المتحدة السؤال الصعب بشأن صناعة ادارة الصناديق في بريطانيا: هل الشركات الاستثمارية مربحة جداً؟
تم طرح السؤال عندما وضعت سلطة السلوك المالي الخطوط العريضة لتحقيق كاسح، هو الأول من نوعه، حول ما اذا كانت المنافسة في قطاع ادارة الأصول تعمل على نحو فعال.
بعد اثني عشر شهرا، ظهرت النتائج الأولية لتحقيق هيئة التنظيم، التي نشرت مؤخرا، وهي نتائج مثيرة للقلق بالنسبة لكبار المسؤولين التنفيذيين في كبرى شركات صناديق ادارة الأصول في المملكة المتحدة.
«الجميع يجب أن يكون قلقا»، كما يقول أحد المحللين الذي لا يريد الكشف عن هويته. «نحن نعلم هذا التقرير ليس ايجابيا للقطاع، ولكن لا نعرف الى مدى سيكون سلبيا»
رسم تقرير سلطة السلوك المالي المكون من 200 صفحة صورة تدين الصناعة والقيمة التي تقدمها للمستثمرين. فأغلبية شركات ادارة الأصول النشطة جاء أداؤها أقل من مؤشراتها بعد الرسوم، بحسب التقرير.
وأضاف التقرير أن المستثمرين من المؤسسات يحصلون على رسوم وأداء أفضل من الأفراد، الذين يكافحون عادة لفهم هياكل الرسوم المعقدة.
والأكثر ازعاجا للصناعة أن سلطة السلوك المالي وجهت نقدا صريحا حيال الأرباح العالية التي تسجل باستمرار في هذه الصناعة.
ما يثير القلق هو أن شركات ادارة الأصول سوف تواجه الآن ضغوطا كبيرة لخفض الرسوم وزيادة الشفافية حول هياكل الرسوم، وهو ما من شأنه أن يكون له تأثير ضار على الأرباح.
وكما يقول كريستيان ايدلمان رئيس ممارسة ادارة الأصول في شركة أوليفر وايمان للاستشارات «خلقت هذه المقترحات ضغطا كبير على صناعة ادارة الأصول، الأمر الذي سيؤثر سلبا على هوامش الربح. الفائزون نسبيا هم الذين يوضحون بشكل مقنع كيف يضيفون قيمة للمال والحد، هيكليا، من قاعدة التكلفة».
وجدت سلطة السلوك المالي أن شركات ادارة الأصول «حصلت على الدوام على أرباح كبيرة» على مدى السنوات الست الماضية، حيث بلغ متوسط هامش الربح %36.
هذه الهوامش تكون أعلى اذا كان عنصر تقاسم الأرباح من أجور وتعويضات الموظفين، تحديدا البونص والمكافآت، يدرج في الحسابات الربحية.
جينا ميلر، المؤسسة المشاركة لدار الاستثمار (اس سي ام برايفيت)، والناشطة منذ فترة طويلة في المطالبة بمزيد من الشفافية حول الرسوم، تقول: «هوامش الربح مذهلة. اذا نظرت الى شركات الأدوية التي تعادلها في الحجم، فان هامش الربح يكون في مكان ما بين %15 و%20. معظم هوامش ربح شركات ادارة الأموال هي أقرب الى %35 أو %40، أي ضعفي الأرباح. ان فكرة أنه من الصعب جدا فهم ادارة الأصول شيء استغلته هذه الصناعة».
وجدت سلطة السلوك المالي أن هوامش التشغيل في ادارة الأصول مرتفعة، مقارنة بالقطاعات الأخرى. إذ يبلغ متوسط هوامش الشركات في مؤشر فايننشال تايمز لجميع الأسهم، مؤشر الشركات البريطانية، %16.
قطاع واحد آخر فقط وهو الاستثمارات العقارية يسجل هوامش ربح أعلى في المتوسط، وفقاً للسلطة السلوك المالي.
وتسبّبت النتائج الأولية للهيئة التنظيمية ـــ التي تمت على أساس التعليقات وآراء 37 شركة لادارة الصناديق و13 شركة استشارات استثمارية و8 من مزودي المنصات، فضلا عن المناقشات مع العديد من خبراء الاستثمار ـــ في اثارة قلق كبير في جميع أنحاء الصناعة.
يقول أحد محللي صناعة ادارة الأصول، مدافعا عن الصناعة ــــ مشترطا عدم الكشف عن هويته ـــ «في العام الماضي ــ على ما يبدو ــ خلصت سلطة السلوك المالي الى أن شركات ادارة الأصول كانت بالفعل مربحة جدا. ثم استخدموا حجم عينة صغيراً جدّا لتأكيد ما كانوا بالفعل يفكرون فيه. لم تعترف سلطة السلوك المالي أبدا بأنه ربما تكون شركات ادارة الأصول مربحة لأن الأسواق كانت مزدهرة وكانت التدفقات ايجابية وأن المنافسة أبعدت عن هذه الصناعة بسبب التنظيم».
وتضيف آن ريتشاردز، الرئيسة التنفيذية لشركة ام آند جي، واحدة من كبرى شركات ادارة الأصول في المملكة المتحدة «لدينا نفس نوع هيكل الهوامش التي لدى أي صناعة أخرى لديها مستوى رضا عال عند الناس وكثافة رأسمال منخفضة. نحن لسنا صناعة فريدة من نوعها في هذا الاتجاه».
وتقول «اذا نظرتم الى غيرها من الصناعات ذات الكثافة العالية لجهة الناس نجد أن الهوامش لدينا لا تبدو خارجة عن السائد. لذلك نحن بحاجة الى أن نكون حذرين قليلا حيال تبسيط الأمور عند النظر الى هوامش الأرباح. نحن بحاجة الى العودة الى الاقتصادات الأساسية».
وقد قامت الجهة التنظيمية بالفعل بمقارنة هوامش ادارة الأصول مع تلك التي وجدت في الصناعات ذات هياكل الأعمال مماثلة. ووجدت أن الهوامش في القطاعات التي لديها أيضا أعداد كبيرة من الموظفين ورأسمال منخفض ما بين %4 و%33 في المتوسط.
وتضيف سلطة السلوك المالي «جميع البيانات المقدمة تشير الى ربحية مرتفعة بالنسبة الى معايير السوق».
وتشير التوقعات الى أن حزمة الاصلاحات المقترحة التى تقدمت بها سلطة السلوك المالي التي تتضمن قدراً أكبر من الشفافية ومقارنة بين الرسوم وإدخال مجالس حكم مستقلة للصناديق، يمكن أن تخفف من أرباح ادارة الأصول.
هذه هي الحال بالنسبة الى شركات الصناديق ذات القاعدة الكبيرة من العملاء الأفراد، مثل: «جوبتير» و«شرودرز»، المدرجتين في المملكة المتحدة، وسجلت كلتاهما هوامش تشغيل، بلغت %51 في العام الماضي.
ويشكل صغار المستثمرين %75 من قاعدة عملاء «جوبتير» و%32 من «شرودرز». ووجدت الهيئة التنظيمية أن الهوامش عند الشركات التي تقدم منتجات تجزئة أكبر بكثير من نظيرتها المؤسسية.
تدخل الجهة الهيئة التنظيمية خطوة مهمة نحو معالجة هذا الخلل بين كيفية معاملة المستثمرين الأفراد والمؤسسات، حتى لو جاء ذلك على حساب مداخيل صندوق الشركات، وفقا لعدد من كبار المتخصصين في إدارة الأصول.
وكان صقر نسيبة، الرئيس التنفيذي لشركة هيرميس لادارة الاستثمار قال في تصريح لــ «فايننشال تايمز» في سبتمبر: «هناك هامش ربح أكبر في التجزئة (إدارة الصناديق)، لا بد من تقليصها. كما تسعى سلطة السلوك المالي الى تقليل الرسوم المستحقة على صناديق التجزئة، لأن رسوم التجزئة أعلى بكثير من المؤسسات. ونحن نرحّب بذلك أيضا. نحن نعتقد أن جميع الرسوم يجب أن تكون هي نفسها. فتكاليف ادارة أموال المؤسسات هي نفس تكاليف تشغيل أموال الأفراد».
* نقلا عن صحيفة القبس الكويتية