وكالات– أكد تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي إنه رغم مخاوف جدية حول انتشار الفساد والصراعات، وآثار تغير المناخ وخسارة الفرص للإدماج الاجتماعي والاقتصادي، يبقى الشباب متفائلاً، حيث أن %70 من جيل الألفية الذين شاركوا في «المسح السنوي لمشكلي العالم لعام 2016» يرون العالم مليئاً بالفرص، و%50 منهم يعتقدون أن بإمكانهم المساهمة بشكل فعال في عملية صنع القرار في بلادهم.
أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي النسخة الثانية من هذه الدراسة المسحية، والتي تقدم رؤى غير مسبوقة في مجالات متعددة كالتفكير، وأولويات واهتمامات جيل الشباب في مختلف أنحاء العالم اليوم. إن «مشكلي العالم» هو مجتمع يضم أكثر من 6000 عضواً من 171 بلداً وإقليماً. وبتشجيع من أقرانهم من «مشكلي العالم» أجاب 26000 مشارك من 181 دولة على هذه الدراسة المسحية بتسعة لغات متعددة.
ما الذي يؤرق؟
يرى الشباب في كل المناطق أن الفساد وانعدام المساءلة الحكومية هما المشكلتين الأكثر إلحاحاً في بلادهم. هذا ويعتبر انعدام الفرص الاقتصادية، والعجز في نظام التعليم والفقر بعض المشاكل الرئيسية الأخرى. في المقابل، وعلى الصعيد العالمي، يتصدّر تغير المناخ هموم جيل الألفية للعام الثاني على التوالي، متبوعاً بالصراعات ذات النطاق الواسع، بالإضافة إلى الصراعات الدينية والفقر. وفي إطار الدراسة المسحية، وعندما سُئل شباب جيل الألفية عمّن يمكنه معالجة هذه التحديات بنجاح في بلادهم وعلى المستوى العالمي، تبين أن شباب هذا الجيل يثقون بأنفسهم أكثر فيما يخص حل التحديات المحلية %26، تلي ذلك الحكومات %20 والمجتمع المدني %17. أما فيما يخص مواجهة التحديات العالمية، فإن الشباب يثقون في المنظمات الدولية %26، ومجدداً مرة أخرى في أنفسهم %20.
نهاية الدولة
يعدّ الشباب في الفئة العمرية ما بين 18 و35 أنفسهم في معظم الأحيان بأنهم «مواطنون عالميون» وذلك بنسبة %36 بينما يعدّ %22 منهم أن جنسيتهم هي الصفة التعريفية لهم، أما %9 منهم فيعرّفون أنفسهم من خلال معتقداتهم الدينية. وبالنسبة للفئة الأصغر سناً من شباب الألفية، أي من تتراوح أعمارهم ما بين 18 و22 عاماً، يرى غالبيتهم أن الجنسية هي طريقة تحديد الذات، بينما تأتي المواطنة العالمية في المرتبة الثانية. وإذا ما أمعنا النظر في الردود بحسب تقسيم الأقاليم، نجد أن الدين يلعب دوراً أكثر أهمية فيما يخص هوية الشباب في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، في حين أن كل المشاركين من شرق آسيا والمحيط الهادئ يحددون أنفسهم من خلال جنسياتهم.
التكنولوجيا، ولكن..
يتبنى جيل الشباب إمكانات التكنولوجيات الجديدة بشكل كامل، ويستخدم التقنيات الرقمية بشكل يومي في مختلف مناطق العالم تقريباً. ويعتقد %86 ممن شملتهم الدراسة أنه على الرغم من أن التكنولوجيا تدمر بعض الوظائف التقليدية، إلا أنها ستكون دافعاً أساسياً في عملية نمو الوظائف.
هذا ويعتقد أبناء جيل الألفية أن الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والإنترنت ستكون أكبر الاتجاهات في مجال التكنولوجيا. ويرى غالبيتهم أن قطاعي التعليم والرعاية الصحية سيستفيدان استفادة قصوى من التكنولوجيا الحديثة.
وفيما يخصّ مناحي حياتهم الأكثر تأثراً بالتكنولوجيا، تأتي الحياة المهنية أولاً بنسبة %65، ثم التعليم بنسبة %55، ثم التنقل بنسبة %42. وعلى الرغم من الدور القوي للابتكار التكنولوجي في مجال التعليم، إلا أن نسبة %48 يعتقدون أن شكل الفصول الدراسية التقليدية لا يزال أكثر فعالية من التكنولوجيا التي يتم تطبيقها لأغراض التعليم.
تتصدرّ الخصوصية وحماية البيانات الشخصية أكبر مخاوف جيل الألفية على نطاق عالمي حول استخدام التكنولوجيا، وذلك بالأخص في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، حيث ان نسبة %73 من جيل الألفية في تلك المنطقة، تقول أنها، على سبيل المثال، تجنبت تحميل تطبيقات معينة بسبب قلق على البيانات الشخصية على وجه الخصوص.
ويبقى الكمبيوتر المحمول والكمبيوتر الشخصي يتربّعان على قمة المنصات الأقوى لإرسال رسائل البريد الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت، وذلك بنسبتي %63 و%55 على التوالي، في حين أن الهواتف الذكية هي المنصة الأهم والأكثر استخداماً لتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بنسبة %82.
ينتقد غالبية جيل الألفية حكوماتهم في ما يتعلق باعتماد التكنولوجيا، حيث يرى %41 منهم أن أداء حكوماتهم بطيء في هذا المجال. وإقليمياً تصل النسب إلى %55 في أميركا اللاتينية و%55 في أفريقيا و%49 في الشرق الأوسط، أي ما يعادل حوالي واحد من كلّ اثنين من شباب جيل الألفية غير راض عن دور الحكومة في اعتماد التكنولوجيا. وبالمقابل، فإن %78 من المشاركين من أميركا الشمالية يثنون على التبني السريع والمبكر للتكنولوجيا الجديدة من قبل الشركات.
ماذا يتوقع؟
بدراسة توقعات شباب جيل الألفية من الحكومات عن كثب، نجد أنهم وفي مختلف أنحاء العالم يشعرون بإحباط كبير حول مستوى الفساد في القطاع العام، وذلك بنسبة %58، أما نسبة %30 فتشكو من البيروقراطية و%29 من انعدام المساءلة، ويحلّ عدم وجود الصدق والنزاهة في المركز الرابع.
ورداً على سؤال حول الحلول الممكنة لمواجهة الفساد وكيفية خلق شفافية أكبر، فإن جيل الألفية يدعم عقوبات أكثر اتساقاً لسوء الحوكمة من قبل المسؤولين وذلك بنسبة %44، تليها الدعوة إلى استقلال المحاكم بنسبة %38 وحوار منتظم وأكثر شفافية مع المواطنين بنسبة %33.
وعموماً، فإن %50 من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أنه بإمكانهم أن يساهموا في تشكيل صنع القرار في بلدانهم. وكانت أوروبا هي القارة الوحيدة التي شهدت نسبة أقل من المشاركة في صناعة القرار، حيث كانت الإجابة الأكثر شيوعاً هي التشكيك، حيث تعتقد نسبة %44 أنها لها تأثير ضئيل جداً في ما يخص عملية صنع القرار بلدانهم.
ويشكّل أرباب العمل في المؤسسات التي يعمل فيها شباب جيل الألفية الطرف الأكثر مصداقية، حيث تعتقد نسبة %37 أن أرباب العمل يتمتعون بالعدالة والنزاهة. فيما تحلّ الحكومات ووسائل الإعلام في المراتب الأخيرة، حيث صرّحت نسبة %47 من المستطلعين بأنهم لا يثقون بهم.
ويرى شباب الألفية أن أكبر مساهمات القطاع الخاص تكمن في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية أو الاستثمار الأجنبي وذلك بنسبة %36 و%20 على التوالي.
ورداً على سؤال حول مستقبلهم المهني، فإن %54 من شباب جيل الألفية يبحثون عن فرص عمل توفر راتباً عادلاً، بينما يبحث %45 منهم عن عمل يوفر فرص نمو، و%36 يبحثون عن فرص عمل تغذي شعورهم بالفائدة. كما أنه ليس هناك نقص في ثقة المستطلعين، حيث ان %74 على ثقة أو ثقة عالية بأن مهاراتهم مناسبة لسوق العمل. إلا أن هذا التفاؤل يشهد تدنيا ملحوظا في ما يخصّ مستقبل التطور الوظيفي، حيث ان نسبة %54 فقط تتوقع العثور على وظيفة جيدة.
الإدراج هدف مشترك
وسطياً، تشير نتائج المسح تقدماً طردياً في ما يخص القيم ضمن أفراد هذه الفئة العمرية. إلا أن هنالك بعض المناطق يتخذ فيها التقسيم الديموغرافي نهجاً أكثر تقليدية. فعلى سبيل المثال، إن أكثر من نصف المشاركين يعتبرون بأنهم يعملون بسلاسة بإدارة المرأة – سواء كانت مديرتهم المباشرة، أو الرئيسة التنفيذية للشركة أو حتى رئيسة لبلادهم، وهذا دليل على ارتياح كبير تجاه العمل مع القيادات النسائية. من ناحية أخرى، فإن نسبة تقارب %50 تؤشر إلى عدم ارتياح البعض، بينما اختارت نسبة خمسة في المئة من الذين شملتهم الدراسة الإجابة التي تعرض أعلى مستوى من الراحة. ومن اللافت للنظر أن الذكور والإناث لديهم نفس مستوى الارتياح أو عدمه حول مسألة العمل تحت القيادات النسائية.
أما في ما يتعلق بمسألة المردود المادي، فإن نسبة %67 من الرجال يشعرون إما بارتياح أو بارتياح كبير حول أن تكون شريكاتهم تحصلن على مردود مادي أكبر منهم. وبطبيعة الحال، فإن إجابات النساء كانت أكثر ليبرالية بهذا الشأن، حيث ان ما نسبته %75 أجابت بإيجابية على هذا السؤال، وهذا يدلّ على أن ربع الإناث اللاتي أجبن على الدراسة لا تزلن تقليديات في تفكيرهنّ بهذا الشأن.