
احدث تزاوج التكنولوجیا الحدیثة ووسائل الاتصال مع القطاع المالي ثورة نتج عنھا طفرة في عدد شركات الخدمات المالیة المتنوعة التي تعتمد على التكنولوجیا لتنافس بذلك المؤسسات المالیة التقلیدیة كالبنوك على تقدیم خدمات وسائل الدفع والاقتراض وتحویل الاموال.
وتزاید عدد تلك الشركات ومشاریع الخدمات المالیة بصورة مطردة عقب الازمة المالیة العالمیة عام 2008 وباتت تقدم حلولا مبتكرة في مجال المعاملات المالیة بقطاع التكنولوجیا المالیة واطلق علیھا اسم (فینتك) وھي اختصار ودمج لكلمتین باللغة الانكلیزیة وھما (فاینانشال وتكنولوجي).
ویشمل القطاع الاقتصادي (فینتك) معظم الشركات التي تستخدم التكنولوجیا الحدیثة لتقدیم خدمات وحلول مبتكرة فیما یخص الخدمات المالیة كالتي تقدمھا المؤسسات المالیة التقلیدیة مثل البنوك وشركات التأمین على غرار خدمات الدفع الإلكتروني وتحویل الأموال والتأمین والاقتراض والتمویل (على غرار التمویل الجماعي) والادخار إضافة الى خدمات الاستثمار والتداول (منصات وتطبیقات التداول على الانترنت).
وخطت الكویت خطوة جدیدة في ھذا المجال بعد اعلان بنك الكویت المركزي نھایة شھر سبتمبر الماضي عن اصدار تعلیمات خاصة بالدفع لإلكتروني جاءت تنفیذا للقانون (20/ 2014 (الذي حدد مسؤولیة ھذه الشركات وعملھا في الكویت ووضع الإطار القانوني والتنظیمي لانطلاق ھذه الصناعة في البلاد التي تعد العدة لتكون مركزا مالیا واقتصادیا عالمیا.
وحددت تعلیمات بنك الكویت المركزي نطاقا عملیا وآلیات مراقبة واشراف على شركات الدفع الالكتروني والتي تم تقسیمھا الى قسمین: الاول یشمل مزاولي النشاط (الدفع الالكتروني) والآخر یشمل (الوكلاء) الذي ستندرج فیھ شركات ال (فینتك) على ان یتم تسجیل ھذه الشركات في سجل (قید) لدى (المركزي) بھدف جعلھا ضمن نطاق اشرافھ ومراقبتھ وموائمة للقوانین والتشریعات والانظمة المرعیة.
وفي ھذا السیاق أكد مصرفیون ان تطویر البنیة التحتیة والتشریعیة لدخول صناعة (فینتك) یعد اساسیا لمواكبة التطورات والمستجدات في صناعة المال العالمیة واللحاق بالركب مع توجھ البلاد للتحول الى مركز مالي وتجاري عالمي یواكب اخر مستجدات القطاع المالي وتطوراتھ التقلیدیة والتكنولوجیة.
وقال ھؤلاء المصرفیون في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكویتیة (كونا) إن الكویت بدأت التحضیرات لاعداد الكوادر البشریة والبنیة التشغیلیة لبدء ھذه الشركات مزاولة نشاطھا في البلاد في إطار القانون والمراقبة والاشراف.
ومن جھتھ ذكر المدیر التنفیذي لقطاع تقنیة المعلومات والاعمال المصرفیة في بنك الكویت المركزي انور الغیث ل (كونا) ان شركات (فینتك) تسجل في قید البنك المركزي ضمن (وكلاء) لأنھا لا تملك البنیة التحتیة التكنولوجیة وستستعین بالبنى التحتیة للبنوك المحلیة او شركات الاتصال او شركة الخدمات الالیة المصرفیة المشتركة (كي.نت).
واضاف الغیث ان تعلیمات (المركزي) الاخیرة في مجال الدفع الالكتروني التي اصدرھا نھایة سبتمبر الماضي عرفت (مزاول النشاط) بأنھ كل مؤسسة مالیة مصنفة كشركة مساھمة تم قیدھا بسجل (المركزي) للقیام بكل او بضعة اوجھ اعمال نظم الدفع والتسویة الالكترونیة سواء المتعلقة بتشغیل نظم الدفع والتسویة الالكترونیة او تقدیم الخدمات او ایة اعمال اخرى.
وافاد بان (الوكلاء) ھم كل مؤسسة مالیة تأخذ شكل شركة مساھمة او ذات مسؤولیة محدودة تم قیدھا في سجل (المركزي) وتجري عملیات تسویة عن طریق النظام مشیرا الى ان الفرق بین (مزاول النشاط) و(الوكیل) یتمثل في امتلاك (المزاول) لبنى تحتیة خاصة بالدفع الالكتروني وھو ما تمتلكھ البنوك وشركات الاتصالات اضافة الى شركة الخدمات المصرفیة الالیة المشتركة (كي. نت).
من جانبھ قال الرئیس التنفیذي في (بنك بوبیان) عادل الماجد ل (كونا) ان الدراسات المتخصصة اشارت الى ان واحدا من كل ثلاثة اشخاص یستخدمون ھواتف ذكیة في وسائل الدفع الالكتروني في 2007 مقارنة بواحد مقابل سبعة اشخاص في عام 2015.
وأشار الماجد إلى دفع 450 ملیار دولار خلال العام الماضي عبر ھذه الوسائل في العالم متوقعا ان تصل الى تریلیون دولار في العام المقبل.
وعن تحدیات الاستغناء عن العنصر البشري مقابل استخدام ھذه التقنیات كون القطاع المصرفي ھو الاكبر في جذب العمالة الوطنیة قال الماجد إن ھذا القطاع بحاجة مستمرة الى العنصر البشري مھما تطورت التكنولوجیا لكنھا ستؤثر على العمالة غیر الكویتیة مواكبة لسیاسة الاحلال المتبعة في البلاد.
واوضح ان ثورة (فنتك) متسارعة حول العالم اذ ان البنوك الامریكیة والاوروبیة تطبقھا في المجالات كافة من تمویل المشروعات الصغیرة والمتوسطة وتقدیم حلول مالیة للشركات والدفع الالكتروني والتمویل والتأمین والاقراض وغیرھا في
حین یقتصر نشاط ھذه الشركات في الكویت حالیا على الدفع الإلكتروني وتحویل الاموال.
وعن اصدار الكویت للتعلیمات الخاصة بالدفع الالكتروني اعتبر الماجد ذلك خطوة اولى في طریق طویل لوضع التشریعات والقوانین واللوائح التنفیذیة لھذه الصناعة كي تكون مقننة وتنسجم مع طرح البلاد في التحول الى مركز مالي وتجاري.
بدوره اعتبر مدیر التدریب بالإنابة في (معھد الدراسات المصرفیة) دیزمود نیلسون ل (كونا) ان المعھد قادر على مواكبة كل المستجدات المعاصرة في القطاع المالي ومستعد لتدریب الخریجین الجدد على أي تطورات او مستجدات في ھذا المجال بما فیھا تدریبھم على احتیاجات السوق بمجال (فینتك).
واشار نیلسون الى ان ھناك ثورة تطال ھذه الصناعة في مختلف دول العالم مؤكدا ان الشباب الكویتیین قادرون على الابداع فیھا لأنھم یستطیعون تلقي التدریبات اللازمة فضلا عن امكاناتھم ومعارفھم في مجال التكنولوجیا.