السبت , 21 يونيو 2025

نيرمين سعد تبتكر حلولا ذكية للكشف المبكر عن سرطان الثدي


في العام الماضي، تلقت نرمين سعد أخباراً محزنة عن صديقتها، حين علمت عن إصابتها بسرطان الثدي في مراحله المتقدمة. ومما زاد الأمر سوءاً، أن زوجها طلقها بعد علمه عن إصابتها بالمرض، متخلياً عنها وعن أطفالهما الـ4. تقول نيرمين سعد، 40 عاماً: “تحطمت الأسرة كلها، فضلاً عن تلك المرأة”.

كان من الممكن اكتشاف هذا المرض وعلاجه في مراحل مبكرة، لولا أن صديقتها كانت تمانع الخضوع للفحص الطبي والإشعاعي.

لكنها في الوقت ذاته، تعلم أن هذا السلوك شائع في المجتمعات المحافظة، حيث النساء يضقن ذرعاً بإجراء الفحوص المتعلقة بالأمراض النسائية.

وفي العام نفسه، أطلقت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، حملة في المملكة العربية السعودية، للتوعية بسرطان الثدي ومكافحة المعتقدات السائدة. كذلك رعت الشيخة لبنى القاسمي في الإمارات العربية المتحدة، مبادرة للتوعية بهذا المرض وتشجيع النساء على إجراء الفحص الطبي المنتظم.

فيما يتزايد الاهتمام بهذا الأمر، استجابة للبيانات التي صنفت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بوصفها ثاني أعلى معدل وفيات ناتجة عن سرطان الثدي في العالم، بعد منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.

وفي وقت سابق، أصدرت الحكومة السعودية توجيهاتها لإجراء الفحص الطبي المنتظم اعتماداً على السن، وتوفير التصوير الشعاعي للثدي مجاناً.

لكن بالرغم من ذلك، تُكتشف نحو 73% من حالات الإصابة بالمرض في مرحلة متأخرة، مقابل 30% فقط في البلدان المتقدمة وفقاً لوزارة الصحة السعودية. كما ورد في دراسة نشرت في المجلة العلمية (Plos One) في العام الماضي، عدم خضوع 92% من النساء السعوديات اللاتي استطلعت آراؤهن للتصوير الشعاعي.

وبعد التفكير ملياً بتلك البيانات والحقائق، قررت مهندسة الميكانيك نيرمين سعد، البحث عن حل فعّال يكشف عن المرض في مراحل مبكرة ويراعي تأثير الأعراف والتقاليد أيضاً.

فأسست في وقت مبكر من هذا العام، شركة ناشئة في مدينة الرياض (Smart Detection Bra) (SDB) لتطوير حمالة صدر ذكية، تستهدف بالدرجة الأولى فئة النساء اللاتي يرتفع لديهن خطر الإصابة بسبب التاريخ الطبي لعائلاتهن.

وقد أسهمت نيرمين بمبلغ 15 ألف دولار من مدخراتها الخاصة، وتتطلع إلى الحصول على التمويل الكافي، لاستكمال تجارب المنتج السريرية في أميركا أو كندا. تقول: “كل ما نريده أن يتم ذلك بطريقة صحيحة”. في حين تنص تعليمات الاستخدام على ارتداء الجهاز يوماً واحداً في الشهر لتحديد التغيرات المحتملة، من خلال شبكة من أدوات الاستشعار التي تراقب 4 مؤشرات: درجة حرارة الثديين، وحجمهما، وشكلهما، ووزنهما، ثم تنقل البيانات عبر تطبيق الشركة الإلكتروني في الهاتف المحمول.فإذا ظهرت تغيرات غير طبيعية، يتلقى المستخدم تنبيهاً بذلك، وتوصية للمراجعة الطبية. وبالتالي فإن (SDB) ليست وسيلة تشخيص، ولا تحل محل الطبيب.

كما أنها ليست الشركة الناشئة الأولى في هذا المجال، فقد طورت الشركة الممولة برأسمال استثماري (CyrcadiaHealth) أداة حاصلة على ترخيص إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، تعتمد على استشعار التغير في درجات الحرارة، ومرفقة بخوارزمية تتوقع احتمالات الإصابة بالمرض. كذلك تنتج شركة (iSono Health) الأمريكية، جهاز مسح ضوئي بالموجات فوق الصوتية، ومرتبط بتطبيق إلكتروني. تقول نيرمين سعد: “منتجات شركة (Cyrcadia Health) تبلي بصورة جيدة جداً، إلا أن نقطة ضعفها تتمثل في اعتمادها على مؤشر واحد فقط”.

ومع شيوع الأدوات الإلكترونية القابلة للارتداء، بفضل منتجات مثل: (Apple Watch) و(Fitbit) لم يتطلب الوصول إلى فكرة حمالة الصدر الذكية كثيراً من الجهد. فقد طورت وزميلها المهندس فيصل حسين، الذي التقته خلال دورة تعليمية حول الأجهزة القابلة للارتداء، خوارزمية لقراءة وتفسير البيانات الواردة من مجسّات الاستشعار، وهي تقنية معروفة في شتى المجالات.

وفي إطار تكامل الجهود لإنجاح المشروع، يعكف المبرمج حمزة حسن على تصميم التطبيق الإلكتروني، بينما تقدم رائدة الأعمال الأميركية كارين غوردون الاستشارات التي تتطلبها مراحل العمل. كما توفر الدكتورة الأردنية ريما الصفدي، الحاصلة على منحة برنامج (Fulbright)، الخبرات الطبية اللازمة والبيانات السريرية والعينات الحيوية أو البيولوجية التي جمعها باحثون دوليون متخصصون بدراسة سرطان الثدي.

ونجح الفريق خلال العام الماضي، في إنتاج نموذج أولي قادر على مراقبة درجة حرارة الجسم. لكن يبقى التحدي الرئيس مثل عقبة في طريق المشروع، وهو: التمويل. لهذا اضطرت شركة (SDB) وقف تطوير المنتج أكثر من مرة.ومثل معظم الرياديين، واجهت نيرمين سعد مصاعب عدة خلال مراحل حياتها، لكنها لم تنل من عزيمتها بأي حال. وقد ولدت في العاصمة عمان، وأرادت أن تصبح مهندسة كوالدها، فأكملت دراستها وحصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من الجامعة الأردنية عام 1999.

ثم تزوجت في غضون عام، وانتقلت مع زوجها مهندس الميكانيك إلى المملكة العربية السعودية.

حينئذ، وجدت نفسها مقيدة في مدينة الرياض، إلى أن بدأ زوجها بمتابعة عمله من المنزل، فساعدته في عمله ثم استقلت لاحقاً بالعمل في مشروعات إنشائية.

وفي عام 2010، عادت العائلة إلى الأردن، ونشرت إعلاناً في الصحف المحلية بحثاً عن مهندسة تعمل لحسابها الخاص في مشروع ما، فتلقت وقتها 700 رد على ذلك الإعلان.

وفي عام 2013، أطلقت شركة (Handasiyat) وهي منصة إلكترونية تساعد المهندسات في العالم العربي بالعثور على وظائف يمكن العمل فيها عن بعد، سيما غير القادرات على العمل خارج منازلهن في سورية وليبيا بسبب الحرب. وتتوافر معظم فرص العمل في شركات إنشاءات سعودية.

لكن لأسباب عدة، انخفضت عمولات الشركة خلال العامين الأخيرين. ولمواجهة ذلك، تخطط (Handasiyat) لإطلاق خدمات تدريب مهنية للنساء في المملكة بحلول منتصف 2017، بالرغم من أن معظم وقت نيرمين سعد مكرس الآن للشركة الناشئة الأخرى (SDB).

وقد عرضت في شهر يونيو/ حزيران الماضي منتجها القابل للارتداء، بوصفه حلاً للنساء في المجتمعات المحافظة، خلال مسابقة “كأس التحدي 1776″، في العاصمة الأمريكية واشنطن.

لم تفز وقتها، غير أنها تلقت ردوداً مثيرة للاهتمام. وتؤكد على أن امتناع النساء للخضوع إلى فحوص الكشف عن سرطان الثدي، تكاد تكون سمة عامة في معظم المجتمعات: “أدركت وقتها أن القضية شأن عالمي”.واليوم، يتعين عليها إقناع المستثمرين بجدوى مشروعها وأهميته في المنطقة.

نقلا عن فوربس

شاهد أيضاً

«الثقافية النسائية» كرّمت رائدات العمل المدني بالجمعية لدورهن في ترسيخ دور المرأة بخدمة الوطن

Share