قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إنه على مدى ثماني سنوات من حقبة رواج سوق النفط (2006 – 2013)، زادت دول مجلس التعاون الخليجي الست نفقاتها العامة بمعدل نمو سنوي مركب بحدود %15.2، لم يثنها عن التوسع المالي غير المحمود والخطر، نصح بأن رواج سوق النفط لن يدوم، ولا تجربة أليمة ومماثلة ألمت بها بعد توسعها المالي ما بين منتصف سبعينات القرن الفائت ونهايتها.
ويكاد ينتصف العام الثالث منذ دخل سوق النفط دورة ركوده، ومع المستوى المرتفع الذي بلغته نفقاتها العامة، أصبح السقف الأعلى الذي من الممكن أن يبلغه سعر برميل النفط في المستقبل دون مستوى سعر التعادل لموازنات معظمها، وباتت مجبرة على تغطية العجز المالي بالاقتراض أو السحب من احتياطياتها المالية، إضافة إلى ضغط نفقاتها بكل تبعاته غير الشعبية.
وأضاف التقرير: ان الحسنة الوحيدة لحقبة رواج سوق النفط هي أنه رغم ذلك الإنفاق الباذخ، فقد تمكن معظمها من تحقيق فوائض دعمت من حجم صناديقها السيادية، بلغ ذلك الحجم في 2016/6/30 نحو 2.55 مليار دولار وفقاً لتقرير معهد صناديق الثروات السيادية -Sovereign Wealth Funds Institute- الصادر في شهر سبتمبر 2016. ورغم ضخامة الرقم، فإن توزيعه بين الدول الخليجية الست، وما حدث من تطورات على مختلف صناديقها مؤخراً، يضع هذه الدول في مواقع متباينة، من حيث المدى الزمني الذي يوفره صندوقها السيادي لضمان استقرارها المالي.
فحجم الصندوق السيادي للإمارات -لأبوظبي معظمه- بلغ نحو 988 مليار دولار في 2016/6/30 وفقاً للمصدر السابق، وزاد حجمه ما بين يونيو 2015 ويونيو 2016 بنحو 32 مليار دولار، ربما بسبب رواج أسواق العالم المالية خلال الفترة.
بينما ثاني أكبر صندوق سيادي وهو الصندوق السعودي البالغ حجمه نحو 598.4 مليار دولار كما في 2016/6/30، فقد في عام واحد نحو 70.6 مليار دولار، أي انخفض من مستوى 669 مليار دولار كما في 2015/6/30 إلى نحو 598.4 مليار دولار في 2016/6/30.
وثالث أكبر الصناديق السيادية في الإقليم هو الصندوق الكويتي، حجمه بقي ثابتاً عند 592 مليار دولار أميركي ما بين نهاية يونيو 2015 ونهاية يونيو 2016، ولعل السبب هو أن السحب لا يأتي مباشرة من احتياطي الأجيال القادمة، وإنما يحمل على الاحتياطي العام ويؤثر لاحقاً على احتياطي الأجيال القادمة.
أكبر الإضافات خلال عام كانت من نصيب الصندوق السيادي القطري الذي ارتفع حجمه إلى 335 مليار دولار في 2016/6/30 بعد أن كان نحو 256 مليار دولار في 2015/5/30، ولم يذكر المصدر أي تبرير للإضافة البالغة نحو 79 مليار دولار في عام ضعيف الإيراد.
فئة أخرى مختلفة تماماً تشمل عُمان والبحرين. صندوقاهما السياديان صغيران بما يخفّض كثيراً من المدى الزمني لقدرتهما على امتصاص صدمة سوق النفط، فالصندوق السيادي العُماني رغم ارتفاع حجمه إلى 34 مليار دولار في 2016/6/30 من نحو 19 مليار دولار في 2015/6/30، فيظل بحجم %10.1 من حجم رابع أكبر الصناديق السيادية في الإقليم، والصندوق البحريني بحجم 10.6 مليارات دولار فقط.
وعليه، واخذاً في الاعتبار حجم الصندوق السيادي وحجم النفقات العامة وجدية جهود الإصلاح في كل دولة، يمكن ترتيب الدول الست وفقاً لقدرتها على امتصاص صدمة سوق النفط لتأتي الإمارات الأفضل ثم قطر ثم الكويت ثم السعودية ثم عُمان ثم البحرين.
ثلاث ملاحظات لا بد من ذكرها في الختام، الأولى هي أن تلك الأرقام منسوبة لمصدرها ولا نستطيع الجزم بدقتها، والثانية هي أن تلك الصناديق مهما بلغ حجمها لا تضمن استدامة الوضع المالي لأي من الدول الست ما لم يمول حجم معظم النفقات العامة من إيراداتها فقط وليس الاقتطاع من أصلها أو الاقتراض بضمانه، والثالثة هي أن النجاح في مواجهة أزمة سوق النفط يتطلب حلولاً جوهرية ومبكرة جداً من دون استثناء أحد من المساهمة في نصيبه من تبعاتها وبشكل عادل.