تسببت نهاية دورة السلع السوبر بثقوب كبيرة في الخزائن الحكومية في جميع أنحاء العالم، وكشفت مخاطر الاعتماد المفرط على السلع الأساسية كمصدر للدخل.
الدول التي تعتمد في إيراداتها على السلع الأساسية، والتي لم تبذل جهوداً قوية بما فيه الكفاية نحو التنويع الاقتصادي عندما كانت أسعار السلع الأساسية مزدهرة، تكافح الآن من أجل سد الثغرات في ميزانياتها من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر. ولكن ما منها نجح في ذلك؟
عمل تحليل «إف دى آي إنتيليجنس»، قسم البيانات في «فايننشال تايمز»، على تقييم الاقتصادات القائمة على السلع الأساسية، لتقييم مستوى صادرات السلع وتنوع الاستثمارات الأجنبية فيها، والتي تستثمر في مجالات جديدة. وأظهرت النتائج أن اقتصادات أوروبا الشرقية هي من بين الأكثر نجاحا عندما يتعلّق الأمر بموازنة القطاعات السلعية مع الاستثمار الداخلي في الصناعات غير القائمة على السلع والموارد الطبيعية.
ووفق الدراسة، جاءت روسيا كأفضل اقتصاد قائم على السلع الأساسية متوازن من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر، تبعتها بلجيكا وماليزيا وروسيا البيضاء وأوكرانيا، وحلّت بلغاريا في المرتبة السابعة.
واستقطبت روسيا الغنية بالموارد الطبيعية أكثر من 4000 مشروع للاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجالات جديدة بين 2003 و2015، موزعة على جميع القطاعات الـ39 التي استندت إليها الدراسة. وجذبت الخدمات المالية والآلات الصناعية والمواد الغذائية والتبغ والعقارات أكبر عدد من المشاريع.
اقتصادات الشرق الأوسط ممثلة تمثيلا جيدا في المؤشر، ولكنها لم تحقق مراكز عالية. وجاءت الامارات في المرتبة الأعلى عند المركز الثامن من أصل 25 دولة، مما يشير الى أن هذه الدول لا يزال أمامها الكثير من العمل الذي يتعين القيام به للحد من الاعتماد الاقتصادي على النفط. في ما حلّت الكويت في المركز السادس عشر. (وأتت عربياً بعد الإمارات والجزائر والسعودية وعمان والبحرين، أي ان الكويت وقطر في المراتب الأخيرة خليجياً). ويقيس مؤشر «إف دى آي» لتنوع الاقتصادات القائمة على السلع مدى تنوع مستويات المشاريع الجديدة للاستثمارات الأجنبية المباشرة للاقتصادات المصدرة للسلع الأساسية منذ عام 2003. ويستخدم مؤشر «إف دى آي إنتليجينس» مؤشر «هيرشمان» لتنويع الصادرات كأساس وقاعدة واحتساب النتيجة لمشاريع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، واستثمارات رأس المال باستخدام بيانات من أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر لرصد الاستثمارات في مجالات جديدة.
النقاط المحرزة لكل بلد تتراوح بين صفر (متنوع بشكل كامل) وواحد (مركز بالكامل). وكلما انخفضت الدرجة أو النقاط، كان الاقتصاد أكثر تنوعاً من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر. وكلما ارتفعت الدرجة والنقاط، كان الاقتصاد أكثر تركيزاً.
سجّلت بلجيكا 1681 مشروعا داخليا للاستثمار الأجنبي المباشر، أي أقل من نصف عدد المشاريع في روسيا. ولدى اقتصادات أوروبا الغربية تركيز أعلى في قطاعاتها الأهم، أي خدمات الأعمال والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، والتي يشكّل كل منها أكثر من 10% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد، مما هو عند روسيا التي شكّل قطاعها الأهم نسبة تقل عن 10 %.
بلجيكا، بالطبع، لا تعتبر «اقتصادا سلعيا» كلاسيكيا، وينظر اليها باعتبارها اقتصادا متطورا مع مجموعات وشركات متطورة في القطاعات ذات القيمة العالية.
ومع ذلك، تفي بلجيكا بالمعايير الاحصائية لهذه الدراسة، وهي أنها بلد يولد 20 %من الناتج المحلي الاجمالي على الأقل من الصادرات السلعية، ولديها الحد الأدنى من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلية في مجالات جديدة منذ عام 2003.
من أصل 25 بلدا تم تحليلها، كان هناك ارتباط قوي نسبيا بين مدى تنوع الاقتصاد القائم على السلع الأساسية، وعدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر التي سجلتها. وبشكل عام، كلما كان عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر مرتفعا، كان الاقتصاد أكثر تنوعا لجهة الاستثمار الأجنبي المباشر (أي انه حاصل على درجة أقل في المؤشر).
مؤشر تنوع الاستثمار الأجنبي المباشر هو متوسط مرجح لدرجة تنوع الاستثمار الأجنبي المباشر لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، واستثمارات رأس المال الأجنبية المباشرة.