هوغو كوكس*
يبدو أن أثرياء قطر كانوا في الآونة الأخيرة أكثر اهتماما بالعاصمة البريطانية من اهتمامهم بعاصمة بلادهم. وتقدر وكالة «دي تي زد» العقارية أن القطريين يملكون ما قيمته مليار جنيه استرليني من العقارات السكنية في لندن، معظمها في مايفير. منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو، قفز حجم الاستفسارات عن العقارات بمقدار الربع، مع سعي المشترين للاستفادة من ضعف الجنيه الاسترليني وانخفاض الأسعار، بحسب الوكالة العقارية.
أظهر القطريون وجيرانهم في الشرق الأوسط حذرا ايجابيا في الداخل. اذ استطلعت وكالة كلاتونز العقارية الدولية آراء الأثرياء من ذوي الثروات الفاحشة في دول مجلس التعاون لدول الخليج. وأظهر الاستطلاع أن آراء الكويتيين والقطريين والسعوديين هي الأكثر قتامة، حيث قال ثلث من استطلعت آراءهم إنهم يشعرون أن اقتصادات بلادهم تتدهور.
%3 فقط من أثرياء دول مجلس التعاون الخليجي ذكروا أنهم يخططون لشراء ممتلكات في الدوحة هذا العام. وهذه النسبة هي تقريبا نفس النسبة التي تخطط للشراء في ولاية كيرالا الجنوبية في الهند، لكنها بعيدة عن نسبة الـ%14 الذين ينوون الاستثمار في دبي.
يمكن تبرير حذرهم. فالمغتربون الأثرياء والموسرون يتركون البلاد بمعدل ينذر بالخطر، وفقا لتقرير شركة دي تي زد الصادر في يونيو. وقدر التقرير أن «عشرات الآلاف» من ذوي الياقات البيضاء غادروا البلاد منذ العام الماضي، بعد عمليات فصل من العمل في قطاعي الطاقة والحكومة، تأثرا بانخفاض أسعار النفط. وكما يقول جوني آرتشر من وكالة دي تي زد في الدوحة فان عمليات الفصل من العمل بالاضافة الى ارتفاع معدل بناء المنازل الجديدة أدى الى زيادة كبيرة في المعروض من العقارات الفاخرة.
وهو ما أدى بسوق العقارات الفاخرة لأن تعاني. اذ تراجعت أسعار الايجارات للشقق من غرفتين، التي تشكل ما يقرب من نصف سوق الدوحة للعقارات الفاخرة، بنسبة %10 في الأشهر التسعة حتى سبتمبر، وفقا لشركة دي تي زد، بعد أن كسبت أكثر من %15 على مدى خمس سنوات حتى نهاية عام 2015. وكما يقول آرتشر «العديد من المغتربين لم يجددوا عقود الايجار القائمة بعد انتهاء الفصل الدراسي في يونيو».
وفي حين يمكن لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي الشراء حيثما يحلو لهم في قطر، ينحصر ما يمكن لغيرهم من المغتربين الباحثين عن التملك الحر الشراء في منطقة بحيرة الخليج الغربي بالدوحة أو اللؤلؤة، 400 هكتار، وهي جزيرة من صنع الإنسان مع مرسى ومنطقة كبيرة للبيع بالتجزئة. أو بامكانهم الشراء في بلدية الخور، التي تبعد 50 كيلومترا شمال العاصمة.
كلهم باستثناء عدد قليل من العمالة الوافدة يشترون في اللؤلؤة، بحسب آرتشر. وتعرض وكالة جون تايلور العقارية للبيع في اللؤلؤة فيلا من سبع غرف نوم مع حمام سباحة خارجي بمبلغ 45 مليون ريال قطري (12.3 مليون دولار). وتبيع وكالة سلونز شقة ذكية بغرفة نوم واحدة في بورتو أرابيا في اللؤلؤة بمبلغ مليوني ريال قطري (549 ألف دولار).
أسعار البيع في هذه المناطق حافظت على استقرارها هذا العام، وفقاً لوكلاء عقار. وكانت القيم في اللؤلؤة شهدت ركوداً خلال العام الماضي عقب زيادات بلغت %20 في السنوات الخمس حتى عام 2015. لكن الخلل بين العرض والطلب يشير الى تراجع وشيك. وتقدر شركة دي تي زد أن المعروض من الشقق في الدوحة يمكن أن يزيد بنسبة %30 بحلول يوليو المقبل مع قرب الانتهاء من بناء أبراج جديدة في المناطق بورتو أرابيا وفيفا البحرية في اللؤلؤة.
ولعلهم يتجنبون ذلك الآن، لكن أصحاب الثروات في المنطقة متفائلون حيال مستقبل الدوحة. فعندما سألتهم وكالة كلاتونز أين يخططون للاستثمار في العام المقبل، كانت الدوحة المدينة الأكثر شعبية في العالم بعد باريس ولندن وقبل نيويورك وسنغافورة وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في شركة كلاتونز، يقدر بأن المشترين الأثرياء يوقتون استثماراتهم لتتزامن مع موجة من مشاريع البناء التي من المقرر أن تبدأ العام المقبل قبل نهائيات كأس العالم 2022 لكرة القدم، التي ستستضيفها قطر. وينتظر المشترون، كما يقول، من الحكومة أن تلتزم بالاستثمارات المخطط لها في البنية التحتية. وعندما «تبدأ الدولة في الانتقال الى المرحلة الخامسة في السباق للتحضير لكأس العالم»، فانهم سوف يندفعون على الاستثمارات، كما يقول دوراني.
مع ذلك قد ينصح المشترين بأن يضعوا أموالهم في مساكن ذات أسعار معقولة وليس في المنازل الفاخرة في الدوحة التي تشهد نمواً سريعاً.
قطر، على غرار العديد من جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي، تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة. وفي حين أن الحكومة لا تنشر بيانات عن عدد المغتربين، تحوم التقديرات حول مليوني نسمة من أصل مجموع السكان البالغ 2.4 مليون نسمة. ومن المحتمل أن يكون هناك حاجة للمزيد منهم في وقت قريب.
قطر تتبع استراتيجية للتنويع الاقتصادي، تحمل اسم الرؤية الوطنية لعام 2030، من أجل حياة ما بعد النفط. ومن بين المشاريع التي تهدف لتحقيق هذه الرؤية مدينة لوسيل. خططت هذه المدينة لايواء 200 ألف نسمة و170 ألف عامل و80 ألف زائر، ويجري بناء المدينة من الصفر الى الشمال من الدوحة. ومثل العديد من مشاريع الرؤية الوطنية، تكمن الفكرة في الانتهاء منها مع افتتاح نهائيات كأس العالم.
للعمل في مجمعات التجزئة والفنادق والترفيه المترامية الأطراف، ولدعم العمل بالسكك الحديدية وشبكات الطرق، سيكون هناك حاجة لمزيد من العمالة من ذوي الأجور المنخفضة والمتوسطة. ومن المرجح أن يأتوا من الخارج، وتحديدا من الهند ونيبال والفلبين، وهو ما يتطلب وجود وحدات سكنية لايوائهم.
يقول آرتشر «أكبر طلب على السكن يأتي من فئة ذوي الدخول المتدنية والمتوسطة، وهو المجال الذي يعاني من النقص في المعروض».
الفئات ذات الدخل المنخفض قد لا تكون الوحيدة التي تشعر بالقلق حول النقص الحالي في خيارات الاقامة. فبعد أن تعهدت الحكومة في البداية ببناء 55 ألف غرفة فندقية اضافية للزوار بحلول عام 2022، قالت في يناير انها تخطط لبناء 47 ألف غرفة.
دليل شراء
الحكومة تفرض ضريبة مبيعات بنسبة %1 على شراء العقارات. وهناك %2.5 إضافية مستحقة الدفع في اللؤلؤة ما يمكنك شراؤه بـ:
600 ألف دولار: شقة مساحتها 150 مترا مربعا مكونة من غرفتي نوم في اللؤلؤة، حيث تواجه الشقة المرسى.
1.2 مليون دولار: شقة مساحتها 250 مترا مربعا مكونة من ثلاث غرف نوم، مع صالة ألعاب رياضية وحمام سباحة وصالة ألعاب مشتركة في اللؤلؤة.
2.8 مليون دولار: فيلا مكونة من أربع غرف نوم مع حديقة في بحيرة الخليج الغربي.
* فايننشال تايمز
ترجمة وإعداد إيمان عطية